سعد المهدي
TT

ابن ناصر.. ليس مديحًا لكنه وصف وأسئلة

الرجال الذين كانوا حول الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله)، كان جلهم نتاج مرحلة تحول تنموي في البلاد على أكثر من صعيد، فيصل بن فهد نفسه كان صاحب مشروع نهضوي تطويري، حقبة السبعينات الميلادية كانت بالنسبة لدول منطقة الخليج ومجتمعاتها مفترق طرق، لذا فقد أنجبت رموزًا تاريخية تركت بصماتها وأثرها على كل مناحي الحياة فيها.
أعرف أن ما يمكن أن يصلح لزمان قد لا يناسب أو يتناسب مع ما كان قبله، أو ما قد يأتي بعده، لكن الذي لا بد منه لكل الأزمنة وفيها، القيمة التي تسكن الإنسان المكونة من الإيمان بالرسالة والمعرفة وحسن الإدارة وفهم الدور وتحديد الهدف والشخصية مع العزيمة والجلد، هذا أساس يمكن أن يُبنى عليه مهارات إدارية وتراكم خبرات للتعامل مع أي ظرف في كل زمن، لذا ظل صالح أحمد بن ناصر لاعبًا مهمًا في العمل الإداري الرياضي منذ ذلك الحين عندما كان معاونًا للأمير فيصل في السبعينات، وحتى بعد عقود أربعة حيث تمت تزكيته أخيرًا لفترة رئاسية جديدة للاتحاد الآسيوي للكرة الطائرة.
التجربة العملية للدكتور صالح تأثرت بسماته الشخصية، وقد تكون شكلت الجزء الأكبر في بنائها، عرفت د. صالح بن ناصر كغيري من الجيل الصحافي في الثمانينات، الرجل الثاني في المؤسسة الرياضية قبل أن يتولى الأمير سعود بن نايف منصب نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الذي كان لفترة قصيرة، خصوصا أن ابن ناصر كان دائم التحرك في الوسط يحلحل بعض القضايا ويتصدى لبعض الأمور العالقة مع الإعلام، ومبعوثًا أمينًا وفطنًا يعرف دهاليز المنظمات والاتحادات القارية والدولية، ويتمتع بعلاقات ثقة متينة في الداخل والخارج.
كان لشخصه تأثير لا يُستهان به في رسم المشهد الرياضي الشبابي ككل، الثقة التي يتمتع بها من الأمير فيصل جعلت منه جسرًا مهمًا بين تطلعات الرئيس والأفكار التي يمكن أن تُترجم عبر استحداث أنشطة وتطوير أنظمة، وصوتًا رزينًا حصيفًا يجد الثقة والقبول من الأمير فيصل في البت والعمل على إنهاء بعض المسائل العالقة، أو بدء بعض الأمور الجديدة المستحدثة بعد أن يعهد بها إليه لتمحيصها ودراستها، ظل كذلك أيضًا مع الأميرين سلطان بن فهد ونواف بن فيصل اللذين خلفا فيصل بن فهد بعد وفاته، وهو ما يعني أن ابن ناصر رجل كل المراحل.
ليس فيما تم ذكره عن شخص صالح بن ناصر مديحًا، بل توصيف يظل ناقصًا لما يمكن أن يقال عن هذا الرجل الذي وهب عمره للعمل بروح الرغبة في التطوير والتغيير في الفكر الإداري، ولا يعني أنه لم يكن يوجد أو لن يوجد من يماثله أو يتجاوزه قدرة وعطاء، لكن ابن ناصر الوحيد الذي ظل صامدًا لابتسام الزمن وعبوسه، مقبلاً ومحبًا للعمل والعطاء، محاربًا بسلاحين هما الإيمان بدوره الوطني، وتراكم الخبرات والمعرفة، مما يجعله حالة يجب أن تُدرس.
لماذا بقي ابن ناصر كل هذه العقود شخصية إدارية رياضية مرموقة محليًا وقاريًا ودوليًا؟ وغيره بالكاد يبحث عن وجود ثانوي عديم التأثير ولا ينجح دائمًا في ذلك؟ الإجابة اختيارية!