مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الرد على إغناتيوس

آخر مقال للكاتب الأميركي المعروف، ديفيد إغناتيوس، نقلته صحيفة «الشرق الأوسط»، فيه كثير مما يحسن التأمل فيه.
إغناتيوس معروف بقربه من الرئيس الأميركي باراك أوباما، بل إن بعضهم يعتبره الوجه الصحافي للبيت الأبيض، وعلى كل حال فلا ريب في أن الكاتب من المناصرين المعروفين لسياسة الرئيس أوباما.
من هذا المنطلق فإن ما يكتبه له ميزة خاصة.
آخر مقال له كان عن ذكرى مرور خمس سنوات على اندلاع ما سمي بالربيع العربي، وهي الفوضى العارمة، في ديسمبر (كانون الأول) 2010 بتونس، ثم يناير (كانون الثاني) 2011 في مصر.
أشار إلى أن السيدة هيلاري كلينتون، مرشحة الرئاسة الحالية، ووزيرة خارجية أوباما في الفترة الأولى، كانت أعمق رؤية من الرئيس أوباما بخصوص الموقف السياسي الصحيح من الأحداث بمصر، إبان اضطراب الشارع المصري وهيجانه ضد وزير الداخلية، بداية، ثم تطور الموقف للهياج ضد الرئيس مبارك نفسه.
لاحقًا خطف الإخوان المسلمون المشهد، وجرى ما تعرفون بعد ذلك.
مما جاء بمقالة إغناتيوس:
«من المعتقد أن ذلك (مطالبة أوباما برحيل مبارك فورًا) كان واحدًا من الأخطاء الكبرى التي اقترفها أوباما على امتداد فترة رئاسته. والمثير في الأمر أن هذه واحدة من القضايا التي اتخذت هيلاري كلينتون تجاهها موقفًا أقرب إلى الصواب عما كان الحال مع الرئيس».
نقل الكاتب عن هيلاري بخصوص تلك المصرية الصعبة:
«نصح مسؤولون بارزون، على المستوى الوزاري، كنت من بينهم، بتوخي الحذر، لكن أعضاء آخرين من الفريق الرئاسي سعوا مجددًا لاستثارة النزعة المثالية داخل الرئيس، مؤكدين أن الأحداث على الأرض تتطور بسرعة كبيرة للغاية، لدرجة لا تجعل من الممكن لنا أن ننتظر. وبالفعل تبدل رأيه». وفي تلك الليلة الموافقة الأولى من فبراير (شباط)، خرج أوباما على شاشات التلفزيون ليعلن أن الفترة الانتقالية «يجب أن تبدأ الآن».
ثم يضيف إغناتيوس: «وتبقى الحقيقة أن أحدًا لم يكن باستطاعته التكهن بسلسلة الأحداث الكارثية التي أعقبت انتفاضة التحرير».
هذا الكلام ليس بصحيح، بل هناك من توقع، مبكرًا، عواقب ما سُمي بالربيع العربي، وهذا موثق، على المستوى الصحافي.
على المستوى السياسي فإن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والدولة السعودية، ومعها دولة الإمارات، كانوا يحذرون من هذا المصير، ويحذرون الرئيس أوباما تحديدًا. وأيضًا هذا موثق.
جميل مراجعة الذات، وتعديل الموقف، والكاتب نفسه كان من المروجين لفوضى مصر باسم الربيع، ولكن ليس من الجميل مصادرة ونفي مواقف من كان بصيرًا من البدء، ويفصح عن ذلك بالصوت الجهير.