نورا الجيزاوي
* عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض
TT

انتفاضة أحفاد المعري تحطيم لكل الأقنعة

أحيى متظاهرو معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا، الاثنين، اليوم المائة لانتفاضتهم السلمية ضد الغلو والتطرف والاستبداد، المتمثل في الأسد وجبهة النصرة وتنظيم جند الأقصى. مائة يوم من التظاهر السلمي اليومي، ابتدع فيه الثوار وسائل كثيرة لرفع مطالبهم من هتافات وأهازيج ثورية ولافتات، كتبوا فيها مطالبهم بصيغ متنوعة؛ جدية مرة وتهكمية مرات، ولم يغفل المتظاهرون عن باقي الأراضي السورية، فرفعوا شعاراتهم متضامنين مع المدن والمناطق المنكوبة والمحاصرة، معبرين بأرقى وسائل السلمية عن مطالب شعب انتفض وينتفض منذ مارس (آذار) 2011 في الثورة العظيمة.
لقد قوبل حراك المعرة بصمت مطبق، ولعل عودة الحراك السلمي بهذا الزخم شكل حالة مربكة بعد أن ظن كثير من القوى السياسية السورية والإقليمية والدولية، أن التظاهر السلمي صار في زمن كان وقد طويت صفحته. وليس مبررا صمت القوى العالمية التي ترفع شعارات حرب الإرهاب والتطرف، عن هذا الحراك الذي انتفض أهله في وجه تنظيم القاعدة، وتحدوا بسلمية كل التهديدات التي نفذها عناصر من جبهة النصرة، الذين اقتحموا إحدى المظاهرات صارخين: «ما جئناكم إلا بالمفخخات»، لتنفجر سيارة مفخخة بعد أيام قرب ساحة التظاهر راح ضحيتها امرأة وطفل.
غير أن الحراك قوبل أيضًا بصمت من القوى التي تدّعي معارضتها للأسد، والتي تجاهلت كثيرا من الشعارات الثورية التي رفعها ثوار المعرة؛ نساءً ورجالاً في كرنفال بهي للحرية، يعيد للذاكرة الحقبة الذهبية للانتفاضة السلمية في عامي 2011 و2012. ولم يسترع النساء المشاركات في هذا الحراك منذ يومه الأول، انتباه المعنيين، على الرغم من أنهن كنّ قياديات في هذا الحراك، كأمّ محمد التي كانت تقود المتظاهرين بالهتافات والأهازيج؛ أمّ محمد الثائرة منذ مارس 2011، والتي لم تتوقف يومًا عن النشاط في الثورة بجميع المجالات التي تمكنت من العمل فيها، والتي تلقت تهديدات من جبهة النصرة. أم محمد وثائرات المعرة لم يسترعين أنظار المنظمات والتجمّعات النسوية التي تغرق المواقع بالبيانات الطنانة، بشعارات حول حرية المرأة وحقوقها وحول المساواة.
لعل انتفاضة أحفاد المعري تكون صرخة في عبثية الحالة السورية، تحيي في نفوس الثوار همة العودة للحراك الشعبي على الأرض، وترفع من جديد صوت الثورة عاليا في وجه كل طاغية ومستبد، وكل من يحمل مشروعًا آخر غير الثورة.