خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

دروب الإبداع

شكرا للقراء على تعليقاتهم عما ذكرته بالنسبة للاعبين المسلمين المشاركين في هذه المباريات بين الدول الأوروبية على كأس أوروبا، وما تفضلوا به عليّ وعلى قراء هذه الصحيفة من تصحيحات وإضافات. ولكن هذا موضوع يثير في نفسي طروحات وتأملات. من الملاحظ أن هذا النفر القليل من بعض المسلمين المشاركين في هذه المباريات جاءوا من ديارهم الإسلامية الأصلية وليس من داخل أوروبا. الحقيقة أنني قلما ألاحظ أحدا من المسلمين المغتربين يشارك في هذه البطولات. وهذا لا يتناسب قط مع نسبة وجودهم في الدول الأوروبية. هناك نحو ثلاثة ملايين مسلم في بريطانيا، وأربعة ملايين مسلم في فرنسا، وما يقترب من خمسة ملايين في ألمانيا، ناهيك عن المجتمعات الإسلامية في دول البلقان.
لا أريد أن أخرج قلمي وأحسب. أترك ذلك لحضرات القراء. بيد أن الصورة التي تواجهني أن الكثير من نجوم كرة القدم جاءوا من الدول الأفريقية وجزر البحر الكاريبي. ماذا يفعل الشباب المسلم، وما الذي يختلفون فيه عنهم؟
ما يحزنني أن أفتح الصحف البريطانية بين يوم وآخر فلا أجد ذكرا للشباب المسلم في غير الموضوعات المؤلمة. وهذا موضوع تساؤلي. إذا كان هناك شباب لا قدرة لهم على اقتحام الموضوعات الأكاديمية والمهنية والإبداع في الفنون، ولديهم فائض من الطاقات البدنية، فلماذا لا ينصرفون للموضوعات الرياضية، ككرة القدم والمضرب ويجيدونها إلى مستوى الإبداع والبطولة؟ فلو فعلوا لجلبوا لأسرهم وأسرة الإسلام المغترب المجد والإعجاب وحسن التقدير، وكله فضلا عما يجنونه من مبالغ خيالية، أسوة بكل نجوم الرياضة في العالم.
الظاهر أن أحد الإخوان من المسلمين في بريطانيا، قد انتبه لذلك فشكل ناديا رياضيا يسهر فيه على تدريب الفتيان المسلمين في كرة القدم. ويعد منهم فرقة جيدة للمباريات المحلية فالوطنية. وهو ما يستحق منا كل الإعجاب والتقدير. فمثل هذا المشروع يملأ فراغ الشاب بعمل مفيد ولذيذ وصحي، ويربطه بأسرة الجالية الإسلامية في بريطانيا في إطار مشرف سينال الإعجاب، ويبعده عن مصائد الإرهاب والإجرام والرذيلة. كفانا منها ما كفى. وأملنا في أن نرى قريبا أسماء المسلمين الأوائل تتردد في قوائم الفرق الكبرى لأوروبا. هناك بيننا من ساهموا بأموالهم في ابتياع نوادي كرة القدم وأبطالها في بريطانيا. ما أجدر بهم أن يمدوا أيديهم أيضا في تشجيع مثل هذه المبادرات التي توجه الشباب المسلم نحو دروب الإبداع والشهرة، ونيل التقدير من المجتمعات التي يعيشون فيها، وربما ولدوا فيها. فلتكن الكرة هي الشعار والمنال.