كاثرين كامبل
TT

التهديد الأكبر للاقتصاد الأميركي

هذه الأيام، يبدو تعافي الاقتصاد الأميركي في مواجهة كثير من الصدمات الاقتصادية المحتملة المفزعة. والملاحظ أن غالبيتها تأتي من الخارج: مثلاً، خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الأوروبي، أو تعرض الصين لأزمة قاسية بعد سنوات من النمو الاقتصادي السريع.
ومع هذا، يبقى التهديد الأكبر في مواجهة الاقتصاد الأميركي مخاطر وصول دونالد ترامب لسدة الرئاسة.
كانت هذه واحدة من النتائج الضمنية التي خلص إليها تقرير أصدرته «موديز أناليتيكس»، الاثنين الماضي. ويتوقع التقرير نتائج كثير من مقترحات ترامب الكبرى على الصعيد الاقتصادي. وقد وجدها جميعًا كارثية بامتياز.
ظاهريًا، يبدو أن سياسات ترامب من المحتمل أن تدفع الولايات المتحدة لحالة من الركود لمدة عامين، ما سيشكل أكبر فترة تراجع اقتصادي منذ «الكساد الكبير». كما أنها ستتسبب في فقدان ملايين الوظائف.
أما الضحية الكبرى فستكون أسر الطبقة العاملة التي يدعي ترامب أنه يتزعم قضاياها.
من بين المقترحات التي حللها التقرير، مقترح ترامب بتقليص الضرائب على نحو هائل غير مسبوق، ما سيفاقم العجز الفيدرالي بمقدار 10 تريليون دولار تقريبًا على مدار عقد، تبعًا لما أوضحه «مركز السياسات الضريبية».
ويشير هذا التقرير الجديد إلى أن سياسات الهجرة التي يتبناها ترامب ستزيد من مشكلات الاقتصاد الأميركي. على سبيل المثال، يتوقع التقرير أن تسفر سياسته المقترحة بترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين بتوافر عدد أقل من الوظائف أمام الأميركيين. (وقد شهدت أريزونا نتائج مشابهة بعد الحملة الصارمة التي شنتها ضد المهاجرين غير الموثقين، حسبما أفادت «مودي»).
بحلول عام 2021، وحال موافقة الكونغرس على جميع السياسات التي اقترحها ترامب، سيصبح الاقتصاد الأميركي أقل بنسبة 6.5 في المائة عما كان سيصبح عليه حال الاستمرار في السياسات الحالية، تبعًا لتقديرات «مودي». كما أنه سيوفر عدد وظائف أقل بمقدار 9.4 مليون وظيفة.
وعلى مدار العقد القادم، ستكون الأضرار الناجمة عن سياسات ترامب أكثر فداحة عن تلك الناتجة عن أي من الصدمتين الماليتين المخيفتين الأخريين: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو اندلاع حرب عملات عالمية جراء انهيار الاقتصاد الصيني.
ومع هذا، فإن هذه التوقعات ربما تقلل فعليًا من تقدير تداعيات وصول ترامب للرئاسة، وذلك لأن «مودي» لم تحاول تقييم تبعات اثنين من أكثر مقترحات ترامب الاقتصادية مخاطرة وغباءً.
بوجه عام، تبدو الصورة التي ترسمها هذه المقترحات مرعبة، وتوحي بأن الناخبين هنا - مثلما الحال مع أصدقائنا عبر الأطلسي الذين يفكرون في الخروج من الاتحاد الأوروبي - ربما يجلبون بمحض إرادتهم إعصارا اقتصاديا من الفئة الخامسة شديدة التدمير على بلادهم. ولأجل ماذا؟ مجرد «إحداث تغيير»؟ لجعل واشنطن أكثر تسلية وترفيها على الصعيد السياسي؟
هل تستحق هذه الأهداف خسارة 9.4 مليون وظيفة، والمرور عبر أطول حالة ركود منذ «الكساد الكبير»؟
وعلى الرغم من أن تقرير «مودي»، على حد علمي، يمثل أول محاولة لتقييم تأثيرات مقترحات ترامب الاقتصادية، فإن هذا لا يعني أن الناخبين يجهلون المخاطر، فقد حذر متخصصون بالعلوم السياسية ومؤرخون من اليمين واليسار مرارًا من خطورة الدخول في حرب تجارية، والتعرض لعزلة دولية والإقدام على ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين وتفجر الديون الفيدرالية.
ولا تعتبر الولايات المتحدة الدولة الوحيدة المعرضة لأخطار كبرى حال وصول ترامب للرئاسة، وإنما أصبح «الرئيس» ترامب يصنف كواحد من أكبر 10 مخاطر يجابهها العالم، تبعًا لـ«إكونوميست إنتليجنس يونيت». وقد جاء في مرتبة أعلى من اندلاع صدام مسلح ببحر الصين الجنوبي، وانهيار الاتحاد الأوروبي، بل وتفاقم خطر الإرهاب الجهادي.
وربما كان الشخص الوحيد الذي يضمن خروجه من فترة رئاسة دونالد ترامب أفضل حالاً، هو ترامب ذاته!

* خدمة «واشنطن بوست»