محمد مصطفى أبو شامة
كاتب وصحافي مصري
TT

حفلة «الجنسية» بين خان وزويل.. وساويرس

تزامنت وفاة العالم المصري الدكتور أحمد زويل (مصري الأصل وأميركي الجنسية) في الثاني من أغسطس في مدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا الأميركية، بعد صراع قاسٍ مع مرض السرطان، في الأسبوع الذي غَيَّب فيه الموتُ مخرِجَنا القدير محمد خان (باكستاني الأصل وبريطاني الجنسية) بعد صراع أشرس لحصوله على الجنسية المصرية، والتي نالها قبل وفاته بعامين فقط، تحديدا في مارس عام 2014.
وتفجر مع هذا التزامن، مفارقة درامية، بين أحاديث «سخيفة» حول عطاء زويل لوطنه الأصلي مصر، ومدى أحقية مصر بالفخر بابنها الذي عاش وتألَّقَتْ عبقريته وحصل على «نوبل»، درة الجوائز العالمية، بعيدًا عنها، وبجنسيته الأميركية، في مقابل ما عاناه خان ليصبح مواطنًا مصريًّا، ويحقق ما كان يسميه «الأمنية الغالية»، وهو الذي وُلِد بحي السكاكيني الشعبي بالقاهرة (لأم مصرية وأب باكستاني) وعاش وتعلم وتألق وأبدع وأخرج أجمل الأفلام وأهمها في تاريخ السينما المصرية، وحصل لمصر، وباسمها، على جوائز في كبريات مهرجانات السينما الدولية، وهو يحمل جنسيته البريطانية.
وتتوالد المفارقات ليصاحب مشهد الموت الجليل الذي غيب بطلين بارزين من أعضاء نادي الخالدين في تاريخ الوطن والإنسانية، جدل وصخب سياسي حول نية الحكومة تمرير قانون يمنح الجنسية المصرية مقابل ودائع مالية، وبفضل السيولة الفكرية التي تعاني منها معظم مجتمعاتنا العربية، تحولت الفكرة إلى صراع درامي بين مؤيد ومعارض، وكالعادة تصاعد الصراع ومشاجراته، وتحولت الأزمة إلى «حفلة»، وتصدر «هاشتاج» (#الجنسية_مش_للبيع) فضاء «السوشيال ميديا» في مصر.
وفي مفارقة أخرى، يسطع اسم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، باعتباره «ملهم» الحكومة في مشروعها الجديد، فقد سبق أن نشر رجل الأعمال مقالًا مهمًا في صحيفة «الأخبار» المصرية في 11 أبريل 2015، بعنوان جذاب «كيف تحقق الحكومة عشرات المليارات بعشرة قرارات...». واختتمه قائلًا: «القرار العاشر: مناقشة بعض الأفكار المثيرة للجدل، التي قد لا يوافق عليها الكثيرون، ولكنها مُطبَّقة في أكثر دول أوروبا تقدمًا، مثل إصدار عدد محدود من الجوازات وإعطاء الجنسية بمقابل عالٍ، فألف جواز في مليون دولار بمليار!». وينهي ساويرس مقاله مذكرا بأبرز فكرة فيه: «كذلك فكرة السماح بتقنين الحشيش وفرض جمارك وضرائب عليه.. وهو ما حدث في أميركا»!!.
أما آخر المفارقات التي أتمنى أن يراجعها كل المهتمين بهذا الملف الوطني «الحساس»، هو هذه المقاطع من قانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية والذي جاء في نصه ما يلي: «مادة 1- المصريون هم: أولا- المتوطنون في مصر قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية، المحافظون على إقامتهم حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة، ثانيا- .....»، و«مادة 2- يكون مصريا: من ولد لأب مصري، من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له، من ولد في مصر من أم مصرية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا، من ولد في مصر من أبوين مجهولين، ويعتبر اللقيط في مصر مولودا فيها ما لم يثبت العكس».