أصبحت مدينة غازي عنتاب، في جنوب تركيا، محط الأنظار بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي كونها أقرب نقطة إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في شمال سوريا، خصوصًا جرابلس وأعزاز. وهذا، على الأقل، ما كان الوضع عليه قبل القضاء على وجوده هناك من خلال عملية «درع الفرات»، التي دعمت فيها تركيا وحدات من «قوات الجيش السوري الحر» بالتنسيق مع التحالف الدولي لضرب «داعش»، التي انطلقت في الرابع والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، وما زالت مستمرة.
عنتاب (عينتاب)، أو غازي عنتاب هي عاصمة محافظة غازي عنتاب في جنوب تركيا على حدود سوريا، وهي تعد سادس كبرى المدن التركية من حيث عدد السكان. وجدير بالذكر أن الأتراك ما زالوا يسمونها عنتاب على الرغم من أن البرلمان التركي أضاف إلى اسمها كلمة «غازي» عام 1921، وكانت قديما جزءًا من بلاد الشام.
وغازي عنتاب مدينة استراتيجية تتصل بخليج الإسكندرونة بمنفذ ضيق من ناحية الشمال، وتتصل من الشرق بمحافظة شانلي أورفة (أي أورفة ذات الشأن أو المحترمة) ومن الشمال بمحافظة قهرمان مرعش (أي مرعش الشُّجاعة أو الباسلة) وتجاورها من ناحية الغرب محافظة أضنة.
قاعدة لوجيستية
تعد غازي عنتاب، وفق كثرة من المراقبين، قاعدة الدعم اللوجيستي لتنظيم داعش الإرهابي المتطرف في تركيا و«رأس حربة» التنظيم في الداخل التركي. فمنها كان التنظيم يجمع عناصره المحلية والآتية من الخارج أيضًا، وفيها وفي محيطها كان يقيم معسكرات للتدريب، وإليها كان يفد الباحثون عن ذويهم ممّن هجروا بلادهم وأتوا للقتال في صفوف «داعش» في سوريا والعراق. كذلك، منها انطلق العديد من الهجمات الإرهابية في تركيا التي استهدفت الأكراد بصفة أساسية، ثم توسّعت أهدافها ضد تركيا مع بدء تطبيقها سياسات صارمة على حدودها ومشاركتها في التحالف الدولي لضرب «داعش»، وصولاً إلى دخول شمال سوريا لملاحقة التنظيم وتطهير حدودها منه انطلاقا من منطقة كركميش التي تعد نقطة التماس التركية مع مدينة جرابلس الحدودية السورية.
تضم محافظة غازي عنتاب قطاعين سكنيين حضريين هما شاهين بي وشهيد كامل، وتبلغ مساحتها 7642 كيلومترًا مربعًا ويقارب عدد سكانها المليون و700 ألف نسمة، أصولهم خليط من القوميات، أكبرها الكردية ثم التركية مع أقلية من الشركس والعرب.
وتختص غازي عنتاب بنحو 4 إلى 6 في المائة من الحجم الكلي للصناعات التركية، وخصوصًا ورش التعدين والنحاس ومصانع السجاد، كما تشهد الحركة السياحية فيها نموًا لافتًا، لا سيما في محيط قلعة غازي عنتاب الشهيرة. ويشتهر سكان غازي عنتاب بنشاطهم الزراعي، ففيها تنتشر كروم العنب ومعاصر الزيتون ومزارع الفستق التركي الشهير الذي يعرف في تركيا باسم «عنتاب فستق» (أو «الفستق العنتابي») وهو من أكثر أنواع الفستق التركي جودة وأغلاها ثمنًا. ومن ثم تُعرف بكثرة الصناعات الغذائية التقليدية الشهيرة في تركيا كالكَباب العنتابي واللحم بالعجين وحلوى البقلاوة.
من «القاعدة» إلى «داعش»
عام 2005، ألقت قوات الأمن القبض على بعض عناصر «القاعدة» في غازي عنتاب كانوا يقومون بتدريبات في منطقة غابات، وذلك في أعقاب عملية رصد استغرقت سنتين. ويومذاك كان يوسف دورماز، الذي أصبح فيما بعد مسؤول تنظيم داعش في غازي عنتاب، ضمن من اعتقلوا، وتبين أنهم انضموا لاحقًا إلى «داعش»، وأنهم كانوا يدربون أطفالاً صغارًا أيضًا. وكُشف أن دورماز هو المسؤول عن تفجير محطة القطار الرئيسية في العاصمة التركية أنقرة عام 2015 الذي راح ضحيته 101 شخص، أثناء مسيرة نظمها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي تحت عنوان «تجمّع السلام والديمقراطية»، قبل انتخابات السابع من يونيو (حزيران) 2015.
في العام نفسه وقعت 3 هجمات إرهابية ضخمة انطلقت جميعها من غازي عنتاب ونفذها «داعش»، هي الهجمات التي استهدفت اجتماعات ومؤتمرات لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي في مدن ديار بكر وسَروج (بمحافظة شانلي أورفة) وأنقرة، وتبين أن المتهمين في التفجيرات الثلاثة أقاموا من قبل في غازي عنتاب التي غدت القاعدة اللوجيستية للتنظيم المتطرف في سوريا كونها نقطة تماس مع مدينتي جرابلس وأعزاز السوريتين. ولقد وصفت صحيفة «راديكال» في تقرير لها في عام 2014 غازي عنتاب بـ«مركز الدعم اللوجيستي الاستراتيجي لـ(داعش) في جرابلس وأعزاز»، وأضافت: «منها تخرج العناصر المحلية والأجنبية الآتية إلى تركيا وتتجه إلى داخل سوريا، وهي أيضًا النقطة التي يقصدها الأجانب الذين يبحثون عن ذويهم ممن جاءوا إلى تركيا والتحقوا بالتنظيم عبر أراضيها».
استراتيجية «داعش»
والحقيقة أن «داعش» اعتمد استراتيجية خاصة في تجنيد عناصره بغازي عنتاب تركزت على الخطاب الديني لخداع العناصر التي يرى أنها يمكن أن تنضم إليه، وخصوصًا من الشباب ممن لم يكملوا دراستهم ليس لديهم أمل في المستقبل أو من مدمني المخدرات.
ووفق ما كشفه أحد عناصر «داعش» (25 سنة) بعدما سلّم نفسه للسلطات التركية أخيرًا، كان التنظيم يرسل قوافل إلى الأحياء الفقيرة في غازي عنتاب حيث ينظم دروسًا لتحفيظ القرآن. وكان يجمع التبرعات علنًا على أنها تبرّعات للأعمال الإنسانية، ويضع مناضد في الميادين العامة وتجمع عناصره الأموال تمهيدًا لإرسالها إلى داخل سوريا. ولفت إلى أن هذا الأسلوب بدأ به التنظيم في العراق وسوريا منذ أكثر من 3 سنوات، ونقله بعد ذلك تطبيقه في غازي عنتاب.
وأشار العنصر الداعشي إلى أنه كان يقوم بتجنيد العناصر في غازي عنتاب من خلال تقديم الوعود بالعمل والزواج فور الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا، ويغري المنضمين إليه بأحلام إقامة «الخلافة»، ويقنعهم بقتل العلويين والأكراد و«معاملتهم معاملة الكفار»، بعد استخراج آيات تؤيد «قتل الكفار» من القرآن. وأكد أن هناك مئات ذهبوا إلى مدينة الرقّة، «عاصمة داعش» في سوريا، متأثرين بهذه الوعود، وأن الناس صدّقوا ما يقوله أعضاء التنظيم خلال الدروس.
ثم قال إن عناصر «داعش» الذين كانوا يأتون إلى غازي عنتاب من داخل سوريا كانوا يتعمّدون إثارة الفزع لدى سكان المدينة من أجل ترك منازلهم والهروب منها، وأنهم يحققون أموالاً طائلة من التجارة والتهريب. وتابع العنصر الداعشي أن هذه العناصر تدخل دائمًا في مشاجرات مع الأتراك والسوريين الذين نزحوا من بلادهم بسبب تهديدات عناصر «داعش» واستفزازات مدمني المخدرات والأشقياء المنضمين إلى صفوفهم. ولفت إلى أن كثيرين من السوريين الذين نزحوا إلى غازي عنتاب فرارًا من الحرب في سوريا غادروها مضطرين بسبب استفزازات «داعش»، وهربوا إلى مدن مثل ديار بكر وكيليس وشانلي أورفة وقهرمان مرعش وغيرها.
ضغوط على السوريين
من جانب آخر، روى بعض السوريين الفارين من غازي عنتاب أنهم عندما حضروا إلى تركيا كانوا يعتقدون أنهم سيكونون «في ضيافة (رجب طيب) إردوغان» وسيجدون العمل والسكن والحياة المريحة في انتظارهم، لكنهم فوجئوا بأوضاع ما كانوا يتخيلونها. ومثلاً، بسبب ارتفاع إيجارات المساكن، لجأ البعض إلى استئجار محلات تجارية لا تزيد مساحتها عن 20 مترا يقطن فيها 20 شخصًا، كما تعرضت نازحات سوريات للتحرش والضغوط، ولذا أخذت عائلاتهن تغادر المدينة. ثم قال إنه إذا انتهت الحرب في سوريا «سيصبح الوضع أكثر تعقيدا مع عودة الأتراك الذين انضموا إلى (داعش) في سوريا». وأوضح أن زعيم التنظيم في عموم تركيا يدعى إلهاملي بالي، بينما مسؤول «داعش» في غازي عنتاب هو يونس دورماز، وأشار إلى أن اثنين من مساعدي دورماز فرّا إلى سوريا.
إمارة غازي عنتاب
وكشفت مذكرة اتهام تقع في 500 صفحة أعدتها النيابة العامة في أنقرة أخيرًا، في إطار التحقيقات حول نشاط تنظيم القاعدة وصلته بـ«داعش»، عن مخطط لتنظيم داعش الإرهابي للسيطرة على غازي عنتاب وتحويلها إلى إمارة له في تركيا. وتحدثت مذكرة الاتهام عن خطة احتلال المدينة استنادًا إلى رسالة بعث بها يونس دورماز إلى إلهاملي بالي (زعيم «داعش» في تركيا) الذي أصدر التعليمات الخاصة بهجمات «داعش» في كل من منطقة السلطان أحمد في مدينة إسطنبول في بداية العام الحالي وديار بكر وسَروج ومحطة قطار أنقرة العام الماضي. وبحسب المذكرة اقترح دورماز التكتم على أنشطة التنظيم في تجنيد عناصر تنظيم داعش بغازي عنتاب من خلال الادعاء أنهم «يستهدفون حماية المسلمين ضد حزب العمال الكردستاني».
أما فيما يتعلق بوقت التنفيذ وشكل التنظيم، فقال دورماز: «راهنًا توجد في غازي عنتاب وظائف يمتهنها العرب فقط، إذ إن هناك نحو 50 رجلاً تقريبًا يعملون في صناعة الأحذية و(الشباشب). لذا سيستأجر مواطن تركي لا يلفت الأنظار مكانًا من طابقين وسيحوله إلى مقر عمل وسيوظّف فيه العرب فقط بواقع 50 رجلاً على الأقل. بهذه الطريقة سنخبئ رفاقنا خلف ستار مقر العمل. وإذا فتحنا 5 مقرات أخرى مشابهة لهذا سنتمكن من أداء مهامنا».
كذلك تضمنت مقترحات دورماز خطة الإيواء في المنازل غير المسجلة التي اطلع عليها الرأي العام التركي للمرة بعد ظهور أنباء حول استئجار منفذي الهجوم الانتحاري على مطار أتاتورك الدولي يوم 28 يونيو الماضي منزلاً في حي الفاتح بإسطنبول. وفي هذا الصدد قال دورماز: «ثمة منازل يقطنها العرب فقط. ويمكننا إسكان رفاقنا فيها بإيجار سنوي. فعلى سبيل المثال أنا أقطن في مبنى يسكنه العرب. المبنى مؤلف من 38 شقة وكل شقة تضم أربعة أشخاص على الأقل، مما يعني أن بإمكاننا إخفاء 110 أشخاص على الأقل».
وعقب وقوع الهجوم الذي تعرضت له بلدة عين العرب (كوباني) في شمال سوريا العام الماضي، وردت ادعاءات بأن «داعش» نفّذ هذا الهجوم بدعم خلايا التنظيم العاملة في غازي عنتاب.
ملاذ «الدواعش»
على صعيد آخر، يصدر الجيش التركي نشرة أسبوعية حول عدد مقاتلي «داعش» الذين يُعتقَلون في المدن التركية المختلفة. وتأتي مدينة غازي عنتاب في المرتبة الأولى دائمًا. كما أن المدعو أورهان ج. المتورط في تفجير استهدف مدينة ديار بكر، ذات الغالبية الكردية بجنوب شرقي تركيا، قبل يومين من الانتخابات البرلمانية التركية في 7 يونيو العام الماضي، وأسفر عن مقتل 4 وإصابة 402 آخرين، اعتُقل أيضًا في مدينة غازي عنتاب.
وتشير التقارير الأمنية إلى أن المقاتلين التابعين لتنظيم داعش الإرهابي، وكذلك المتعاطفين معه، يصلون إلى المدينة عبر الطرق البرية أو الجوية، ليبقوا لفترات في البيوت والمخابئ الخاصة بـ«داعش»، ومن ثم ينتقلون إلى الأراضي السورية، موضحة أن داعش حول المدينة إلى مركز للدعم اللوجيستي لتلبية احتياجاته من القوة البشرية والاحتياجات الأساسية.
وتثار اليوم بعض الادعاءات بأن التنظيم الإرهابي تلقى هزائم متتالية في عدد من المناطق المتاخمة للحدود مع تركيا، مما دفعه إلى الاختفاء بالانسحاب إلى خلايا التنظيم في غازي عنتاب وبلدة كيليس القريبة منها بجنوب تركيا. ولقد فجّر أران أردم، النائب عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض عن مدينة إسطنبول، مفاجآت مثيرة حول فعاليات تنظيم داعش الإرهابي داخل تركيا. وأشار أردم إلى أن تركيا تحتوي على نحو 200 خلية لـ«داعش»، وأن إسطنبول تضم خلايا نشطة، موضحًا أنه يمكن الاكتفاء بتفقّد قوائم المسافرين بين إسطنبول وغازي عنتاب منذ عام 2013 لفهم خطورة تنظيم داعش تركيا.
وادّعى أردم أن 20 في المائة على الأقل من المسافرين المُشار إليهم هم من ميليشيات «داعش»، مشيرًا إلى أن أكثر من 600 داعشي دخلوا غازي عنتاب بهذه الطريقة. وتابع إلى أن الآتين من الخارج للانضمام إلى «داعش» كانوا يستخدمون بيوت ضيافة تابعة لهيئة الشؤون الدينية في حي الفاتح من حين لآخر، لافتًا إلى أنه لا يعلم ما إن كانت هيئة الشؤون الدينية التركية على علم بهذا الأمر أم لا، غير أن هذا الأمر جلي، على حد قوله.
وأوضح أردم أن مساكن الشرطة استخدمت أيضًا للغرض نفسه، وأن ميليشيات «داعش» انتقلت من هناك إلى غازي عنتاب، حيث معسكرات التدريب التي يتلقّون فيه تدريبات نظرية، قبل التدريب على الأسلحة والقنابل فور بلوغهم الرقّة. وأكد أردم أن هيئتي الأمن العام والاستخبارات التركية على علم بكل هذه المعلومات، لكنهما لم تتخذا أي إجراءات في هذا الصدد. ثم أشار إلى اعتقال خالص بايانجوك - واسمه الحركي «أبو حنظلة»، الذي يُزعم أنه قائد التنظيم في تركيا، عقب هجوم سورج في شانلي أورفة العام الماضي، واقتيد إلى مديرية الأمن حيث طُرحت عليه خمسة أسئلة من بينها سؤال كوميدي حول ما إن كانت له أي علاقة بالتنظيم الإرهابي، ومن ثم أطلق سراحه، وتبين لاحقًا أنه فر إلى سوريا.
تحركات علنية
يوم 21 أغسطس الماضي وقع هجوم انتحاري على صالة للأفراح في منطقة شاهين بي بغازي عنتاب أودى بحياة 56 شخصًا، وأدى إلى إصابة 94 آخرين، ونسب الرئيس إردوغان المسؤولية عن الهجوم إلى تنظيم داعش، وقال إن طفلا بين 12 و14 سنة هو الذي نفذه. وكانت مصادر أمنية قد ذكرت أنه في 18 مايو (أيار) الماضي فجّر دورماز نفسه قبل القبض عليه في حملة أمنية في غازي عنتاب استهدفت تنظيم داعش. وعثرت قوات الأمن في جهاز الكومبيوتر الخاص به على قائمة بأسماء أعضاء التنظيم في تركيا والمهام المكلفين بها وقائمة بالعمليات الإرهابية التي كان من المقرر تنفيذها بواسطة عناصر «داعش» في تركيا، وعددها 3 آلاف و56 عملية انتحارية، لكن هناك معلومات أخرى تشير إلى هروبه إلى سوريا.
أيضًا كان مقطع فيديو التقطه أحد المواطنين في غازي عنتاب قد كشف عن احتفال أقامته عناصر تابعة للتنظيم عقب هجوم باريس الذي أودى بحياة نحو 160 مدنيًا في فرنسا العام الماضي. وأظهر الفيديو أنصار داعش يمرون بسياراتهم وعليها علم داعش الأسود من أحد الشوارع في غازي عنتاب، وهو نفسه الشارع الذي شهد التفجير الانتحاري في 21 أغسطس، والذي بعده بثلاثة أيام فقط انطلقت عملية «درع الفرات» في شمال سوريا.
وأوضحت تركيا بعدها أن الهدف منها هو تطهير حدودها من «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى الميليشيات الكردية في سوريا، وإقامة «منطقة آمنة» بطول 95 كيلومترا وعمق 45 كيلومترا داخل الأراضي السورية ينقل إليها اللاجئون السوريون خلال سنتين، ومثلت هذه العملية منعطفا جديدا في تعامل تركيا مع تنظيم داعش، الذي لطالما اتهمت بدعمه.
أهداف جديدة
الدكتور مراد يشيل طاش، الخبير في مركز دراسات الشرق الأوسط في تركيا، يُرجع أسباب تصعيد «داعش» عملياته في تركيا في الفترة الأخيرة إلى سببين: أولهما جرّ تركيا إلى دخول سوريا والتورط في أزمات المنطقة، لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة جديدة بين تركيا وروسيا بسبب تدخل تركيا في سوريا، كما أن تركيا ستدخل في مواجهة مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا، مما سيؤثر سلبًا على علاقة أنقرة بواشنطن.
أما السبب الثاني فيرتبط (وفق يشيل طاش) باستراتيجية «داعش» للضغط على تركيا بهدف منع انطلاق ضربات التحالف الدولي من قاعدة إنجيرليك (بجنوب تركيا)، لأن هذه الضربات ألحقت خسائر كبيرة بالتنظيم وقلصت المساحة التي كان التنظيم يخطط لإقامة دولته عليها، وكذلك تؤثر على الموارد البشرية والدعم اللوجيستي للتنظيم.
أما وسف أوزهان، الخبير التركي في شؤون الإرهاب، فيري أن تصعيد التنظيم لعملياته ضد تركيا يرجع إلى السياسة الحازمة التي بدأت تركيا تطبيقها في الفترة الأخيرة والتضييق على عناصر «داعش»، ومنعهم من الحركة واستهدافهم بعملية «درع الفرات».