جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

أهلاً بالنوكيا!

أين الشاحن؟ أو أين "التشارجر أو الشارجور"؟ نسأل عن أهم إكسسوار في حياتنا اليومية لشحن بطارية الهاتف الجوال. عندما نقدم على السفر قد ننسى جواز السفر ولكن من المستحيل أن ننسى الشاحن والقابس الذي يتناسب مع نظام الكهرباء في البلد الذي ننوي زيارته.
لم أكتشف البارود لأني اخترت التكلم عن هذا الموضوع اليوم، لان الجميع يعي أهمية الهاتف الجوال في حياتنا، ومع توصل التكنولوجيا الى أهم الابتكارات في الهواتف الجوالة ظلت مشكلة انتهاء عمر البطارية التي تنازع يومياً وهي في عز شبابها وعطائها، من أكثر ما يؤرق رواد الهواتف، الى أن عادت شركة "نوكيا" التي كانت في يوم من الايام من اهم شركات تصنيع الهواتف الجوالة على الاطلاق، جاءت بجهاز جديد كتبت لبطاريته الحياة لمدة 24 يوماً، نعم 24 يوماً ليصبح هذا الخبر من أهم ما تداولته وسائل الاعلام، فتصدر الخبر عناوين النشرات الاخبارية على الاذاعة والتلفزيون وتناقلته الصحف في بريطانيا.
كيف لا ونحن هنا نتكلم عن هاتف ذكي يمكننا من زيارة صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" ويمكننا من الغوص في عالم الانترنت وتقليب صفحاته والتعرف على ما يجري في العالم من حولنا في ثانية وفي لمحة بصر، وليس هذا فقط ما جعل العالم يتناقل هذا الخبر بسرعة البرق إنما بسبب تكلفة الجهاز التي تبلغ 30 جنيهاً استرلينياً فقط أي حوالي 40 دولاراً فقط لا غير.
نعم هذا الخبر صحيح، صدق أو لا تصدق، وبما أنني أرغب بأن أكون حاملة للاخبار السارة، فسأزيدكم بمعلومة أخرى عن هذا الهاتف الذي يتوقع الخبراء له نجاحاً منقطع النظير، فهو مجهز بكاميرا وبلوتوث ..
كلمة "نوكيا" تحمل الكثير من الذكريات لدى معظم الذين فتحوا عيونهم على التكنولوجيا فترة التسعينيات وتحديداً في الثالث من ديسمبر (كانون الاول) 1993 عندما تم ارسال أول رسالة نصية عبر الهاتف النقال وبعدها في عام 1998 ولدت تكنولوجيا الـ"2 جي" ولم تتثاءب هذه الاخيرة يوماً وأصبحت تحارب وتصارع وتتنافس مع ذاتها، لانها تفوقت على نفسها، والغريب في المسألة هو أن الهاتف الجوال تفوق على نفسه، فصغر من حيث الحجم وكبر من حيث السعة والذكاء ليتفوق في الكثير من الاحيان على مستخدمه الذي يتطلع الى شراء ما هو أحدث في حين أنه لا يعرف إلا زرين يتيمين هما "الاحمر والاخضر".
في مرة من المرات تعرفت على صحافي لا يملك هاتفاً جوالاً، عندها تعجبت وسألته كيف يستطيع أن يقوم بعمله؟ كيف يقرأ رسائله الالكترونية؟ كيف يمكن لذويه الاتصال به؟ كيف.. وكيف؟ فكان جوابه: "الهاتف الارضي يحل المشكلة، والكمبيوتر في المكتب يقوم بالواجب، ومن يبحث عني يمكنه أن ينتظر"، الجواب لم يكن مقنعناً بالقدر الذي كنت أحسبه، ولكن بعد حوالي عشر سنوات على هذه القصة، أصبحت أؤمن بنظرية ذلك الصحافي الذي اختار بأن يبعد عن وجع الرأس واقتحام خصوصيته، ولم يستسلم لشبح التكنولوجيا التي أصبحت ترعبنا بمجرد غياب "الواي فاي" أو عدم توفره.
وقد يكون جهاز نوكيا الجديد ذو البطارية "الفولاذية الفتاكة" التي أرعبت شركة "آبل" في عقر دارها وضربت جهازها الاخير "آي فون 7" ضربة جزاء قوية وكأن الشركة أرادت أن تقول: "تركتكم تلهون سنوات عدة والآن عدت الى الساحة لأثبت لكم بأني الاقوى".
وفي النهاية لا يمكن القول إلا أن حياتنا اليوم أصبحت تتلخص بسلك موصول ببطارية.