د. حسين الطائي
أكاديمي وصحافي عراقي يعمل في «الشرق الأوسط»
TT

هل ستتفكك الولايات المتحدة في عهد ترامب؟

دخل العالم كله في دوامة من الجدل والقلق والتحسبات بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. إذ عرف الرجل خلال حملته الانتخابية مرشحا عن الحزب الجمهوري، بتصريحاته المثيرة، خاصة وانها تتعلق بأهم وأخطر قضايا واقعنا المعاش.
فقطب سوق العقارات الذي عرف بعشقه للأضواء التي جعلته نجمًا تلفزيونيا معتاد على إثارة الجدل عبر تغريداته بمواقع التواصل الاجتماعي والتي هاجم فيها مشاهير المجتمع متبجحا بثروته وذكائه، أطلق سيلا من التصريحات كان لها وقع كبير من لدن الكثير من دول العالم. فما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي صرح بأنه قرار عظيم مؤكدا ان "الناس غاضبون في كل أنحاء العالم غاضبون بسبب الحدود وبسبب الناس الذين يأتون لبلدهم ويستولون عليها". وأثار نوبة من القلق عندما زار اسكتلندا وقال "لقد استعاد الناس وطنهم مرة أخرى وكذلك سنفعل وسنستعيد الولايات المتحدة دون مزاح"، ما يثير تساؤلات كثيرة حول مستقبل الولايات المتحدة في فترة رئاسته. بالاضافة الى تصريحاته بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وانه سيدعم ضم إسرائيل أراضي من الضفة الغربية، وبناء جدار مع المكسيك لمنع وصول المهاجرين، وتصريحاته عن النّساء والاحتباس الحراري والتّغير المناخي وغيرها الكثير من التصريحات المثيرة.
فلم يكن أغلب المحللين السّياسيين يعتقدون أن ترامب سيفوز في الانتخابات ويصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، بعد كل هذه التصريحات المثيرة للجدل!
فهل كانت هذه المنطلقات الترامبوية إن صح التعبير وسيلة لجذب انتباه الناخبين من أجل الوصول لسدة الرئاسة وهي لا تتعدى كونها شعارات أطلقها وسرعان ما سيتملص منها مستفيدا من تنامي التيار اليميني في الغرب بشكل عام وفي الولايات المتحدة بشكل خاص؟ أم انها توجهات ينوي تفعيلها بمجرد الوصول للحكم؟
ومهما يكن الأمر فترامب المعروف بحبه للعنف وصداقته لمصارعي العنف الذين أصبحوا وجها من أوجهه في الولايات المتحدة، يثير قلق الكثير من بلدان العالم والولايات المتحدة بشكل خاص. فماذا يا ترى سيكون مستقبل الولايات المتحدة بعهده بعد انتخابه رئيسا لها؟ وهل سيقبل الشعب الأميركي بتحقيق منطلقات ترامب على أرض الواقع؟
ان الكثير من السياسيين والمحللين يرون أن مستقبل أميركا غامض في ظل وجود ترامب رئيسا لها، فقد ذهب مستشار ابن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن كارل روف، الى استبعاد أن يستطيع ترامب مزاولة عمله من البيت الأبيض خلال العام الأول من رئاسته، حيث قال "حسب ما أعرفه فإن ترامب لن يتسلم مكتب الرئيس في البيت الأبيض خلال العام الأول من رئاسته". وذلك حسب ما نقلت صحيفة "نيويورك بوست". مرجحا انه (ترامب) سيكون مضطرا خلال تلك الفترة إلى العمل في المبنى الإداري "ايزنهاور"، الذي يقع بالقرب من البيت الأبيض، وهو مقر إدارة الرئيس السابع والثلاثين ريتشارد نيكسون.
من جانبه، يقول آلان ليتشمن أستاذ التاريخ السياسي بجامعة واشنطن الملقب "بروفسير التنبؤات"؛ وذلك لتمكنه من التنبؤ بدقة بهوية المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ عام 1984 وصولا إلى انتخاب دونالد ترامب، إن الأخير لن يتمكن من إكمال ولايته وسيخرج من السلطة بعملية سحب ثقة منه. مؤكدا في حوار تلفزيوني ان "هناك فرصة كبيرة لعزل ترامب من السلطة بعد تسلمه لها."
ان الواقع الذي فرض نفسه في الولايات المتحدة لا ينبئ بخير في ديمومتها؛ فقد بدأ سكان هذه الولايات بالتجمهر والتظاهر ضده بعد إعلان نتائج الفوز، بل وصل الأمر الى حد المطالبة بالانفصال مما يزيد من فرضيات تفكك الولايات المتحدة بعهده، خاصة إذا عرفنا ان ولاية كاليفورنيا أكبر الولايات سكانا والثالثة على مستوى المساحة رفعت مطلب الانفصال عن الولايات المتحدة.
وقد نشرت مجلة "ميشابل" الأميركية تقول ان "الولاية لديها ما يكفيها من غذاء، وصاحبة سادس أكبر اقتصاد في العالم، ولا تحتاج إلى الولايات الأخرى". فيما نوقشت فكرة الانفصال التي سميت "الكالاكسيت" على مواقع التواصل الاجتماعي وكان لها صدى واسع.
هذا إذا ما عرفنا أن هناك أكثر من 15 ولاية طالبت بالانفصال فعلا في وقت سابق ومنها ولاية تكساس التي تطالب (حركة تكساس القومية) بانفصالها، فيما يقدر عدد مؤيديها بأكثر من ربع مليون شخص.
وفي الوقت الذي لم تنجح كل محاولات الانفصال للولايات الأميركية في عهد لم يشهد تقلبا في السياسة ووضعا أكثر قتامة مما نشهده الآن. فهل يا ترى سيكون الواقع في ظل الرئيس دونالد ترامب مهيئا لانفصال هذه الولايات؟ وما هو مصير العالم في حال انفصال العديد من هذه الولايات بالاضافة الى ما سيؤدي من تفكيك للولايات المتحدة بالكامل. سؤال سيحدد جوابه حكم ترامب فقط.