مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

إما الزوجة أو السيارة

ترك رجل زوجته وأولاده من أجل وطنه قاصداً أرض معركة تدور رحاها على أطراف البلاد، وبعد انتهاء الحرب وأثناء طريق العودة أُخبر الرجل بأن زوجته مرضت بالجدري في غيابه فتشوّه وجهُها كثيراً جراء ذلك. تلقى الرجل الخبر بصمت وحزن عميقين.
وفي اليوم التالي شاهده رفاقه مغمض العينين فرثوا لحاله وعلموا حينها أنه لم يعد يبصر، فرافقوه إلى منزله وأكمل بعد ذلك حياته مع زوجته وأولاده بشكل طبيعي – وبعد ما يقارب الخمسة عشر عاماً توفيت الزوجة – وحينها تفاجأ كل من كان حوله بأنه عاد مبصراً بشكل طبيعي وأدركوا أنه أغمض عينيه طيلة تلك الفترة كي لا يجرح مشاعر زوجته. عن رؤيتها – انتهى.
الله أكبر ممكن يحصل ذلك في هذا الزمن؟! إنني لا أعلم.
***
كانت السيدة (سولز برغر) زوجة رئيس تحرير صحيفة (نيويورك تايمز) من أكبر المعجبات بالسياسي البريطاني (تشرشل)، وكتبت له يوماً تسأله عما إذا كان يمكنها أن تشتري إحدى لوحاته الزيتية حتى ولو كانت صغيرة، ورد عليها برسالة قال فيها:
شكراً على اهتمامك، ولكنني قد أحتمل فراق أحد أحفادي، ولا أحتمل فراق إحدى لوحاتي، وبما أن لديك أحفاداً، فلا شك أنك تدركين مدى شعوري.
فردت عليه السيدة (الملوسنة) – أي طويلة اللسان – قائلة: أي حفيد تريد منهم، وكيف تريدني أن أحزمه؟! لكي أرسله لك بطرد سريع بواسطة (DHL).
فما كان من تشرشل بعد أن تلقى برقيتها إلاّ أن يبعث لها بدلاً من اللوحة بلوحتين، دون مقابل.
***
استضافني زميل عدة أيام في غرفته بسكن طلاب الجامعة، وكنا نشتري (العصيرات والكولا والسفن أب)، ونضعها على رف النافذة من الخارج لكي تكون باردة، حيث إنه لا ثلاجة في الغرفة، وكلما نصحو نجد الزجاجات قد اختفت، وأخذ الشك يسري بيننا؛ كل واحد يعتقد أن الآخر هو الذي شربها، وفي منتصف إحدى الليالي، وإذا بزميلي يهزني من كتفي فيوقظني قائلاً لي انظر، فشاهدت (أنشوطة) تتدلى من الغرفة العلوية، وتطبق على كل زجاجة وتسحبها مثلما يسحب الصياد السمكة.
لا أريد أن أحكي لكم عن الذي حصل في اليوم التالي من معركة مذلة لنا، وغير متكافئة.
***
قيل لعبد الله بن المبارك: ما أفضل ما أعطي الرجل بعد الإسلام؟
قال: غريزة عقل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: حسن أدب، قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ صالح يستشيره، قيل: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: موت عاجل (يوديه في ستين داهية).
وللأمانة فالجملة الأخيرة التي بين قوسين هي من عندي.
***
خذوها قاعدة: إذا رأى أحد منكم زوجاً يفتح باب السيارة لزوجته، فليثق تماماً أن إحداهما جديدة، إما الزوجة أو السيارة.