سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

أهمية الإطار

في مثل هذه الأحداث، يحرص الفريقان على أن يكون، الشكل هو التعبير الأقصى عن المضمون. لذلك، جرى الفصل الأهم من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض، في مركز الملك عبد العزيز، أحب بقعة إلى قلب الملك سلمان.
أكثر من رسالة تاريخية وسياسية أريدت من هذا الفصل من الزيارة: الأولى، التشديد على الأهمية التاريخية للعلاقة بين الدولتين، ورمزية الرجل الذي أسس للشراكة بينهما. والثانية، أن حضور ترمب وعائلته إلى المركز، لم يكن جزءاً من جولة، بل كان احتفالاً ملكياً وشعبياً، رفعه الملك سلمان بن عبد العزيز إلى ذروة التكريم عندما تقدم هو عرضة الاحتفاء بالضيف.
أراد الفريقان، بكل وضوح، أن تكون القمة مهرجاناً سياسياً ممثلاً الصيغة التاريخية. ليس كل يوم، ولا كل عام يلتقي زعيم التكتل الغربي قادة التكتل الإسلامي لكي يبحثوا معاً مستقبل العلاقة بين الفريقين. وهو ليس مستقبل العلاقة الثنائية وحدها، بل حاضر ومستقبل الوضع السياسي العالمي الملتهب منذ فترة، وخصوصاً ما يتعلق منه بعلاقة الإسلام والغرب.
عملياً، قرر ترمب أن يبلغ العالم أجمع، بأنه يريد أن يبدأ سياسته الخارجية من موقعها الأكثر أهمية والأكثر إلحاحاً في المرحلة التاريخية الراهنة. لذلك، تجاهل الزيارات التقليدية التي يقوم بها الرئيس الجديد عادة، أي بادئاً من الجوار الكندي أو المكسيكي، وجاء إلى حيث يتوقف الكثير من الانفراج على الوضع العالمي.
ولم تكن رسالته إلى العالم الخارجي وحده، بل أيضاً إلى الداخل الأميركي، حيث أمضت إدارة أوباما الوقت في قطع الأميال، كأنما نجاح الإدارات يتوقف على المسافات. وما إن انتهت هيلاري كلينتون من جولاتها، حتى تولى عنها الأسفار المستر جون كيري، الذي لم يعد من أي جولة، أو زيارة، بورقة فيها نتيجة أو وعد أو اتفاق له مفعول.
كل ما أنجزته إدارة أوباما هو إطالة عناء النزاع السوري وتمييع الحل وتكديس العقد. بالإضافة إلى تكديس البؤس والأرواح التي كانت تعلق الآمال على وعود المستر كيري وفصاحات السيد أوباما. لا شك اليوم أن العودة إلى تصحيح العلاقة الأميركية - الإسلامية يشكل منطلقاً جدياً جديداً لمواجهة الأزمات التي تعصف بالمنطقة. صحيح أن إدارة أوباما أضاعت الكثير من الوقت، فيما نرسيس يتأمل سطح المياه ولا يرى إلا صورته. لكننا الآن أمام مفترق مختلف تماماً، وطريق أكثر استقامة.