حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

تحية لمحمد بن سلمان

الاستقبال الهائل والاستثنائي والتاريخي غير المسبوق الذي حظي به الرئيس الأميركي دونالد ترمب في العاصمة السعودية الرياض البارحة يظهر التحول الهائل في العلاقات بين السعودية وأميركا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وصولا إلى الرئيس الحالي دونالد ترمب.
إنه تحول كامل بقياس 180 درجة. العلاقات السعودية الأميركية عادت «أقوى» و«أهم» من ذي قبل. الآن الملفات يتم البحث عنها وفيها على الملأ وليس خلف الأبواب المؤصدة في السابق، وانفجر هذا التناقض في المواقف الظاهرة والمغلقة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وبدأ علاج أزمات العلاقة بين البلدين، وكان لا بد من جلسات المصارحة بين الأصدقاء، وهذا ما تم حتى كانت فترة باراك أوباما الغامضة التي تخلى فيها عن علاقاته التقليدية في المنطقة وأطلق قوى التطرف في المنطقة، فمنح الضوء الأخضر لإيران والإخوان المسلمين لتمكينهم من الحكم في مناطق نفوذهم، وأدى ذلك إلى انتشار العنف والتطرف بشكل همجي غير مسبوق.
وبعد ذلك ظهر في الصورة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي عمل بشكل دؤوب قبل فوز ترمب رسميا بالرئاسة على التواصل مع فريقه، وبناء خطة جادة لإعادة العلاقات أقوى مما كانت، وذلك بالعمل على شراكة متكاملة بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولتكون تلك الشراكة منعكسة وموجودة على الأصعدة الصناعية والعسكرية والمصرفية والبترولية والأمنية والثقافية والصحية والتعليمية والترفيهية والخدمية. شراكة متكاملة بين حكومتين وبين شعبين. وجدية الخطة التي تم تقديمها هي التي جعلت دونالد ترمب بعد أن أصبح سيد البيت الأبيض يستقبل ولي ولي العهد السعودي بصفته خامس مسؤول دولي، ويعلن بعدها عن عزمه بدء أولى زياراته الخارجية إلى المملكة العربية السعودية مشاركا في عدد غير مسبوق من القمم، وعقد عدد غير مسبوق من الاتفاقيات التي ستجعل السعودية بحق شريكا حقيقيا بأبعاد استراتيجية في أصعدة مختلفة.
السعوديون لديهم إرث عاطفي كبير من التقدير للعلاقات التي أثمرتها شراكتهم مع الولايات المتحدة الأميركية والتي أثمرت نجاحات مميزة في قطاعات عظيمة؛ أولها وليس آخرها القطاع النفطي والتعليمي والصحي والعسكري والأمني، وهي قطاعات ذاق منافعها السعوديون بشكل واضح وصريح. السعوديون ليس لديهم ما يخجلون منه في سعيهم الدؤوب لتكوين علاقة مع القطب الأكبر في العالم اليوم. فالكل يسعى لكسب أميركا، لأن المصالح التي تأتي من علاقة قوية معها مهمة وتنعكس على السياسة والاقتصاد والصحة والتعليم، فهي تقود الاقتصاد القديم والجديد بشكل واضح وغير قابل للتأويل.
قصة نجاح التحول الهائل في العلاقة السعودية الأميركية لا بد أن تمنح كوسام لمهندس العلاقات الجديدة الأمير محمد بن سلمان، وهو الذي كان يراهن على ذلك خلال لقائي معه في زيارة للولايات المتحدة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خلال حقبة أوباما، وكل المؤشرات كانت تقول بعكس ذلك، إلا أن الأمير الشاب كان واثقا بالخطة التي وضعها وعلى ثقل السعودية وأهميتها وضرورة معرفة كيفية «تسويق» القوى الناعمة بشكل عصري وملائم، وهو ما نجح فيه الأمير محمد بن سلمان. إعادة العلاقات السعودية الأميركية هي «ضربة معلم» من الطراز الثقيل وإنجاز سياسي كبير، فتحية لصاحب الإنجاز.