مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يخلق من الشبه أربعين

هناك مثل معروف يقول: يخلق من الشبه أربعين.
وبالمناسبة، فبينما كنت قبل أيام أحث السير للوصول لهدف معين، استوقفني أحدهم وسألني: هل أنت مشعل السديري الكاتب في «الشرق الأوسط»؟!، لا أكذب عليكم أنني سررت لأول وهلة لأن هناك أحداً يشير إليَّ بالبنان، ولكن بما أنني مستعجل وخوفاً من أن يعطلني ذلك الرجل بأسئلة عن كتاباتي فقلت له: لا ولكنّ هناك تشابهاً، فصدمني عندما قال: فعلاً إيش جاب لجاب، كيف لم أنتبه للفرق بين السماء والأرض، فهو أوسم منك كثيراً، الواقع أنه أصابني بإحباط شديد، فقلت بيني وبين نفسي: قبح الله وجهك، منك لله يا بعيد، ومضيت في طريقي (معرفط) الملامح.
أعود (للشبه الأربعيني)، ففي تراثنا الشعبي القديم، كان هناك رجل شجاع وكريم تزوج بامرأة، وقدر له وقتل، وكان له أخ (توأم) يشبهه من حيث الملامح فقط، لا من حيث المزايا، وتزوج بأرملة أخيه و(دبل كبدها) من كثرة بلادته و(عفونته)، فاضطرت إلى خلعه، وقالت فيه قصيدة هجائية، منها هذا البيت:
الزول زوله والحلايا حلاياه/ والفعل ما هو فعل واف الخصايل
وفي العصر الحديث، يقال إن هناك رجلاً يشبه الرئيس الراحل (صدام حسين) يحضر بعض المناسبات بديلاً عنه، تحوطاً للنواحي الأمنية.
وكشف مواطن مصري تسبب الشبه الكبير له مع الرئيس الأسبق حسني مبارك بحدوث مواقف طريفة، مشيراً إلى أنه يتعرض دائماً للحظات حرج وارتباك بسبب من يظنون أنه الرئيس المصري الأسبق، وأوضح المهندس الزراعي (فريد عشماوي) في مقابلة له مع قناة (العربية) أنه عندما كان يذهب لقضاء معاملة له في مصلحة حكومية يهب الجميع واقفين، معتقدين أنه الرئيس، وعندما يخبرهم بحقيقة الأمر يعاملونه جيداً وينهون له معاملاته كأفضل ما يكون ويلتقطون معه الصور، حتى عقب الإطاحة بالرئيس مبارك بعد ثورة (25 يناير/ كانون الثاني) ظل الناس يعاملونه معاملة طيبة.
وهناك شاب إيراني اسمه (رضا برستش) هو صورة طبق الأصل من اللاعب (ميسي) الخالق الناطق، ولزيادة التشبه به أطلق لحيته، وأصبح يرتدي الفنيلة رقم (10)، ويمر في الشوارع والمقاهي والمنتديات، فيلاحقه الشباب والشابات لالتقاط الصور معه وأخذ توقيعه.
وأصبحت شهرته كاسحة، وأخذت تتصل به وتتعاقد معه وكالات الإعلانات، وبعض المحطات التلفزيونية لإجراء المقابلات معه، بل إنه حصل حتى على عقود كعارض أزياء، وانفتحت له طاقة القدر، وانهالت عليه الفلوس، بعد أن كان مفلساً (كحيتي).
غير أن فرحة المسكين لم تكتمل، عندما داهمت منزله الشرطة، واقتادوه للحجز، وتحفظوا على حساباته، وصادروا سيارته، وحلقوا لحيته ورأسه ومزقوا (فنيلته)، وهددوه بالسجن لو أنه عاد إلى أفعاله، بدعوى أنه أحدث فوضى بالمجتمع الإيراني.