راجح الخوري
كاتب لبناني

طعنة الغواصات هل تُغرق الأطلسي؟

ليس كافياً أن يقول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في باريس الغاضبة بعد «طعنة أوكوس»، إنه «يتفهم شعور الفرنسيين بالخيانة»، وكذلك مشاعر شركائهم الأوروبيين، لكي يطوي تلك الصفحة العميقة من الشعور بالمرارة، التي برزت في أحيان كثيرة بين أعضاء حلف الأطلسي، وهو ما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى دعوة الأوروبيين إلى «التخلي عن السذاجة واستخلاص العبر» من الخيارات الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة التي باتت تتركز على خصومتها مع الصين. والمعروف أن أزمة عميقة اندلعت بين باريس وواشنطن منتصف الشهر الماضي، بعد أن أعلن الرئيس جو بايدن عن قيام تحالف استراتيجي جديد مع أستراليا وبريطانيا في منطق

«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة!

عندما اختارت أنجيلا ميركل، 67 عاماً، أن تغادر مكتبها في مقر المستشارية الألمانية بعد 16 عاماً من قيادة ألمانيا وزعامة أوروبا تقريباً، ولعب دور بارز وفاعل على مسرح السياسة والأحداث الدولية، لتعود إلى شقتها المعتادة المتواضعة التي عاشت فيها دائماً مع زوجها يواكيم سوير، والتي تقع في الطابق الرابع من بناء قديم عمره مائة عام في برلين، حيث كانت دائماً تتولى بنفسها ترتيبها وتنظيفها ومسحها وإعداد الطعام وغسل الصحون، كانت بهذا تقدم درساً تاريخياً إلى كثيرين من الزعماء الذين متى جلسوا على كرسي الحكم التصقوا به. وعندما قالت يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي لوكالة «بلومبرغ»: «قررت أن أول شيء سأفعله بعد الخر

حكومة عابقة برائحة المازوت الإيراني!

الأسبوع الماضي، عندما كانت حكومة نجيب ميقاتي مجتمعة في القصر الجمهوري لتقر بيانها الوزاري، كانت شاحنات المازوت الإيراني، التي استجلبها «حزب الله» من فوق رأس الدولة، قد بدأت تدخل من سوريا إلى منطقة البقاع، وسط احتفالات تخللها إطلاق للقذائف وكان الرصاص زخ المطر وصلت أصواته إلى بعبدا، ولكن عندما سُئلت الحكومة عن رأيها فيما يجري في منطقة البقاع من وراء ظهرها طبعاً، قالت بالحرف إنها لم تتطرق إلى هذا الموضوع، ربما «لأن البقاع في هونولولو وليس في لبنان» كما علق أحد السياسيين لمرارة السخرية! وعندما أعلن أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، أن المازوت أرسل استجابة لطلب من الحكومة اللبنانية، نفى مي

فيينا للتمويه... وطهران للتخصيب؟!

عملياً بدا، في الأشهر القليلة الماضية، أن إيران تتعامل بشيء من الاستخفاف مع التحذيرات من فشل مفاوضات فيينا، التي بدأت في مارس (آذار) الماضي، وعقدت ست جلسات فاشلة ثم توقفت في يونيو (حزيران)، وكذلك مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي دأب على القول إن واشنطن لن تنتظر مفاوضات فيينا المتوقفة إلى الأبد، ومن الواضح هنا أن النظام الإيراني كان ولا يزال يراهن على أمرين: أولاً: تراجع النفوذ الأميركي من خلال بعض الانسحابات من الشرق الأوسط وآخرها من العراق، وأيضاً الخروج الأميركي الفاضح من أفغانستان. ثانياً: المضي في عمليات تصعيد التخصيب النووي، بعد تعطيل أعمال المراقبة التي كانت تقوم به

مقايضة لبنان بالنفط مسيو ماكرون؟

بدا الفرنسيون على امتداد الجولات الست من المحادثات النووية في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران، أنهم الأكثر حماساً واستعجالاً للتوصل إلى اتفاق يعيد الأمور إلى مجاريها، ويسمح بعودة الشركات والمصالح الفرنسية إلى الأكل من العقود الإيرانية، التي خسروها بعدما ألغى دونالد ترمب الاتفاق عام 2018 تحت طائلة العقوبات التي لا تستطيع فرنسا تحملها، قياساً بإمكان خسارتها السوق الأميركية وهي الأكبر في العالم. كان ذلك مفهوماً ربما، لكن أن تبدو فرنسا إيمانويل ماكرون الآن، غارقة فيما يشبه الانتهازية، في نظر كثيرين من اللبنانيين، الذين كانوا في زمن غابر يقولون إنها «الأم الحنون»، وأن تتكشف زيارة ماكرون الأولى في

لكنه العراق في النهاية!

في الثامن من مارس (آذار) 2015 قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني: «أصبحنا إمبراطورية كما كنا عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي، وإن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة؛ إما نتقاتل معاً وإما نتحد»! كان ذلك يوم راحت إيران تزعم أنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، في إشارة واهمة إلى الإمبراطورية الفارسية الساسانية، التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها، لكن لم يكن في حساب النظام الإيراني أنه سيأتي وقت تعمّ بغداد مظاهرات عارمة تدعو إلى خروج الإيرانيين «إيران برّا برّا»، وأن العراق سيعمل جدياً وب

لماذا تركت أميركا أسلحتها في أفغانستان؟!

كان الانسحاب الأميركي قد بدأ قبل أسبوعين، عندما أعلن الرئيس جو بايدن أن عديد الجيش الأفغاني 300 ألف جندي، وأنه يستطيع أن يواجه «طالبان» وعديدها 78 ألف مقاتل وأن يوقف تقدمها، في حين أكد رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي أن «طالبان» اكتسبت زخماً استراتيجياً في هجماتها، «ولكنّ هذا لا يعني أن انتصارها غير مضمون إطلاقاً».

الانسحاب الأميركي من أفغانستان يربك دول الجوار!

عندما تم توقيع ما سمي «اتفاقاً تاريخياً» بين الولايات المتحدة و«حركة طالبان» في 29 فبراير (شباط) عام 2020، يقضي بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان خلال 14 شهراً، وينهي الحرب الأطول في تاريخ واشنطن، بدا واضحاً من الناحية السيكولوجية على الأقل حينها، أن أميركا خسرت الحرب، لكن لم يكن أحد يظن مع اقتراب 11 سبتمبر (أيلول)، ذكرى «غزوة نيويورك»، أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان سيعيد فصول الانسحاب الأميركي من سايغون قبل 46 عاماً، بعد حرب استمرت 20 عاماً أيضاً، وما زالت جروحها عميقة وغائرة في نفوس شرائح كثيرة في المجتمع الأميركي. قبل أشهر زار الرئيس الأفغاني أشرف غني واشنطن والتقى الرئيس جو بايدن،

لبنان: البحث عن «بروتس السني»!

عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس ميشال عون، بعد ترشيح رؤساء الوزراء السابقين، الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة، لكن على قاعدة المسار الذي كان الرئيس سعد الحريري قد سلكه قبل اعتذاره بعد تسعة أشهر و19 زيارة إلى بعبدا، بدا واضحاً للمراقبين أن حظوظ ميقاتي لن تكون أفضل من حظوظ الحريري، بدليل أن أحد نواب التيار العوني، كان قد قال قبل الاستشارات لن نسمي ميقاتي مرشح الأميركان والمنظومة الفاسدة، وإن عليه ارتكابات وشبهة الإثراء غير المشروع. لم يكن هذا كلاماً شخصياً من نائب عوني، بل كان رسالة واضحة تفيد بأنه لن يتمكن من تشكيل حكومة، طبعاً رد ميقاتي نافياً الاتهامات، ولكنه عندما خرج من ا

السقوط الرابع لدولة الأمونيوم!

في الذكرى الأولى، يوم الأربعاء الماضي، لانفجار مرفأ بيروت، الذي دمّر العاصمة ومزّق قلوب اللبنانيين، بدت الدولة اللبنانية ومسؤولوها أشبه تماماً بذلك الحطام البشع والوحشي الذي ينتصب في المرفأ مذكراً بالهول، وهو إهراءات القمح التي تحوطها مساحات سوداء من الدمار والحرائق. كان الانفجار الأكبر الثالث غير النووي بعد قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، ومنذ تلك اللحظة المتوحشة، بدا أن هذه الدولة الهشة ومسؤوليها من غير هذا العالم، ومن خارج الأخلاق والطبيعة البشرية والحسّ الإنساني، وبدا ضمناً أن هناك حذراً وخوفاً عند هؤلاء، وقد أحس كثير منهم أنهم مسؤولون عن الجريمة مباشرة أو تعامياً، لأنهم تسببوا عبر إهمالهم أو ت