جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

السعادة خيار!

سؤال أطرحه على نفسي: هل السعادة «خيار»... «حظ» أم «سلوك»؟
أجلس مع كثير من الأشخاص من أعراق وجنسيات مختلفة، منهم المبتسمون ومنهم التعساء... من دون سبب وجيه، وهذا ما جعلني أطرح على نفسي هذا السؤال وأتشاركه معكم.
هناك وجوه عابسة بطبيعتها وهناك وجوه جميلة ومبتسمة لأشخاص متصالحين مع أنفسهم اختاروا السعادة بوصفها حلا أفضل للحياة التي لا يمكن أن نتنكّر لثقلها وأعبائها.
شدتني الفكرة لدرجة أنني قمت بمراجعة مجموعة من الكتب التي تطرقت إلى موضوع السعادة ومفهومها ووجدت كتابا رائعا بعنوان: «السعادة خيار» Happiness is a choice، للكاتب باري نيل كوفمان، وهذا ما جعلني أغوص في الموضوع أكثر.
لا عذر للتعاسة، مهما كانت الحياة قاسية، لأنّ الحل بأيدينا، وهذا ما يبرهنه الكتاب الذي يشجّع على التركيز لعيش اللحظة ويدعمها بعنصر التغيير، وأعني هنا اللحظة التي نتقبل فيها وضعنا ونتسامح مع ذاتنا لنصل إلى سلام داخلي يسمّى «السعادة» مع رشة من الحب بالتأكيد، لأنّ الحب هو محور كل شيء جميل في الحياة مهما كان نوعه. وحسب الكتاب أيضا فهذه العناصر هي أداة سهلة الاستعمال للشعور بالسعادة من دون عناء.
بالعودة إلى الشخصيات الكثيرة التي نلتقيها كل يوم وتجعلنا نتساءل: «كيف يمكن لهذا الشخص أن يبدو سعيدا ومرحا في جميع الأوقات؟ «والسؤال نفسه نطرحه أيضا عندما نلتقي شخصا سلبيا عابسا يستقبل الشتاء بالتأفف ويكره الشمس والبحر والثلج وجميع الفصول.. ويكره حتى نفسه. وبما أن الكتاب الذي ذكرته يؤكد بأنّ نظرية السعادة مبنية على الخيار أردت أن أعرف فيما إذا كان الوصول إلى السعادة أمرا صعبا ومن شبه المستحيلات. دخلت في سجال افتراضي على الشبكة العنكبوتية التي تجد فيها الداء والدواء، وانقسمت الآراء، ورأى البعض بأن السعادة سهلة المنال، في حين رأت شريحة كبرى بأن السعادة من شبه المستحيلات».
السعادة خيار مليء بأمثلة تحرك مشاعرنا وتحفزنا على أن نكون أفضل ونقتدي بأناس اختاروا لنفسهم درب «السعادة» التي يمكن أن نسلكها نحن أيضا. وهؤلاء الذين استخدموا أداة السعادة بسيطة الاستعمال التي تحوي على راحة البال والحب، استطاعوا تخطي أصعب الصعاب من بينها علاقات متعبة وأزمات عصبية وأمراض ونجحوا في ترجيح كفة السعادة بدلا من سكب البؤس فوق التعاسة وكأنهم يضرمون النار بالقش.
حقيقة، وبعد البحث والتدقيق، أعترف بأنّ شعور السعادة فن لا يتقنه أي كان، كأي هواية أو حرفة، فكثيرا ما تبخل الابتسامة علينا ويشقّ الحزن طريقه متسلّلا إلى دواخلنا ويعشّش فيها. درب التعاسة سهل يجذب الضعفاء، والسعادة خلقت للأقوياء ممن لا يعرف اليأس لقلوبهم سبيلا. كثيرون يرفضون السعادة كما يرفض أحمق نعمة من السماء، وآخرون يهرعون إليها، ولكنّها لا تدرك سبيلاً إليهم.
هناك أشياء صغيرة وبسيطة كفيلة بمنحنا السعادة ولو بالتقسيط أو بخجل شديد، ولكن يبقى علينا أن نتمسك بها ونجعل منها سعادة حقيقية بالمعنى الذي نريد، ونتعامل معها على أنّها «خيار» لأنّها برأيي هبة للجميع، ولكن هناك من لا يراها ومن لا يشعر بها أو من يرفضها بكل بساطة، وهذا ما يؤكد النظرية التي ترجح بأنّ السعادة هي «خيار» وبما أن الإنسان مخير فبإمكانه أن يكون سعيدا.