مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

عيدكم سعيد

أتقدم للجميع بأصدق التهاني بعيد الأضحى المبارك.
والأضحية مثلما سمعت من بعض العلماء قد تكون بجمل يتشارك به سبعة أفراد وأهل بيوتهم، والشيء نفسه ينطبق على الثور، والخروف للفرد الواحد وأهل بيته، بل إن (المشيخة التركية) أفتت بجواز التضحية بدجاجة للفرد الواحد، والهدف من كل هذا هو إسالة الدم اقتداء بالخليل عندما فدى ابنه إسماعيل بكبش سمين.
وللنحر مخاطر تترتب عليه إذا لم يأخذ الذابح حذره، مثلما فعل جزار مصري عند محاولته ذبح عجل كأضحية، حيث تلقى الجزار نطحة قوية من العجل أسقطته أرضاً، لتنغرس السكين التي كانت معه للذبح في صدره، وفارق الحياة.
وإليكم هذه الحادثة الأخرى التي ذهب (ضحيتها) أحد الإخوة اليمنيين بطريقة غير مباشرة، حيث كان علي محمد البحري، يسير بسيارته في أحد شوارع مدينة تعز حيث فوجئ بكبش يعبر أمامه، فلم يستطع أن يكبح عجلات سيارته التي دهست الكبش وألحقت كسراً بساقه، الأمر الذي أثار غضب صاحبه، خصوصاً أنه كان يعده كأضحية للعيد، واعتبر أن الداهس أفسد عليه خطته، لأن الأضحية يجب أن تكون مبرأة من العيوب.
وأفاد الشهود بأن قائد السيارة بادر بتقديم اعتذاره لصاحب الخروف الذي كان الغضب قد استولى على عقله، ولم يجد تكفيراً عن غلطة الداهس إلا إفراغ سلاحه الناري في جسده ليلفظ أنفاسه في الحال.
أعتذر لكم عن إيرادي هذه المآسي في يوم العيد، ولكي أكفر عن نفسي لا بد أن أقول لكم بعيداً عن شعائر الأديان: إن شعوب العالم تختلف بالتعبير عن مظاهر فرحها بأعيادها، مثلما هم سكان بالي في إندونيسيا في رأس السنة القمرية حيث يلتزمون (الصمت المطبق) والتأمل طوال اليوم.
وفي كوريا بداية كل صيف، يتراشقون ويتمردغون بالطين.
أما في إسبانيا وفي آخر يوم أربعاء من شهر أغسطس (آب) تبدأ عندهم «حرب الطماطم»، وقد ساقني حظي العاثر لأدخل في ذلك اليوم إلى أحد الميادين المكتظة بعشرات الآلاف، فوقفت متفرجاً ومذهولاً من الراجم والمرجوم وقد اكتسى جميعهم باللون الأحمر في منظر همجي.
وبينما أنا مستغرق وإذا حبة طماطم تعبر من أمام أنفي، ولولا ستر الله لكانت قد فطست وجهي، وتبعتها أخرى لم أستطع تفاديها وتفجرت على صدري كالقنبلة اليدوية، وما إن التفت حتى عرفت أن التي رجمتها هي إحدى البنات المغندرات، وازددت غضباً وفكرت أن أذهب إليها و(ألطشها)، لولا أن شاهدتها تضحك بوجهي فتركتها بعد أن تأكدت أن عقلها (ترا للي).