سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

فضائح قطر تتوالى: تونس

من بعد فتح ملف الفضائح القطرية في دول التحالف الرباعي ومعهم ليبيا واليمن، فإن «تونس» هي المحطة العربية الجديدة التي ستفتح ملف الدور القطري التدميري في بلادها، وتحقق في الجرائم التي جرت باسم الربيع العربي ودور قطر فيها.
فحين يقر رئيس وزراء قطر السابق وأميرها السابق والقرضاوي مفتيها، ويصرح نائبها العام ووزير خارجيتها الحالي بأن قطر هي من وقف وراء جميع الثورات التي حدثت في العالم العربي بالصوت والصورة، فذلك يفتح ملف المحاسبة اليوم بعد ارتفاع عدد الضحايا وبعد التلوث السياسي الذي أصاب حتى الأحزاب السياسية بالمال القطري.
الأسبوع الماضي حملت الصحف التونسية ووكالات الأنباء الخبر التالي: «بعد سنوات من الجدل الحاد والأسئلة المتواترة، يبدو أن ملف تمويل قطر لقوى الإسلام السياسي في تونس سيجد طريقه نحو القضاء، حيث أعلن الحزب الدستوري الحر أنه أودع شكوى لدى وكيل النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس، للمطالبة بفتح تحقيق جزائي ضد حزب حركة النهضة وكل من سيكشف عنه البحث فيما نسب إليهم من اتهامات بتلقي تمويل من دولة قطر!!».
بدأ التحرك قبل شهرين حين دعا منجي الحرباوي عضو مجلس النواب التونسي للتحقيق في إدارة قطر لغرفة للعمليات قابعة في مخيم للاجئين الليبيين على الحدود التونسية، تحت قيادة ضابط مخابرات قطري بعد أن أثار الشكوك حوله حين تقدم لسحب مبلغ 550 ألف يورو من حسابه الجاري ببنك الإسكان فرع تطاوين! وبعد فتح التحقيق كشف عن مبالغ كبيرة جداً تم سحبها من قطريين وتونسيين تزيد على 3 ملايين دولار من ذات الحساب، وتحويلات فاقت 8 مليارات من العملات الأجنبية (جريدة «المرصد» الليبية 8 يونيو/ حزيران).
وتعقيباً على الدعوى المرفوعة أكد النائب العام القطري في القضاء التونسي علي بن فطيس المري خلال مؤتمر صحافي في 20 يونيو من هذا العام أن الدفاتر قديمة في ملف العلاقة بتونس ولا يوجد فيها إلا ما يُشرف قطر.
إنما اسم علي بن فطيس تردد من قبل حين أقر منصف المرزوقي في سبتمبر (أيلول) من عام 2012 أن فطيس سلمه شيكاً بقيمة 28.7 مليون دولار بحجة استعادة أموال تونس التي هربها الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، كما سلمه 100 مليون دولار لدعم مخيم شوشة على الحدود التونسية الليبية. كما ورد ضمن الاتهامات بتمويل قطر للأحزاب الإخوانية أيضاً ذكر مبلغ 24 مليون دولار دفعتها جمعية قطر الخيرية لمثيلاتها في تونس تابعة لحزب النهضة، أما عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر فإنها تؤكد أن في حوزتها ما يثبت أن قطر سلمت حزب النهضة 150 مليون دولار.
الجدير بالذكر أن المري أجاب في برنامج «بلا حدود» على قناة «الجزيرة» عام 2013 حين سئل لماذا قطر عينت من قبل الأمم المتحدة كمحامٍ لاسترداد الأموال المنهوبة من زعماء الأنظمة التي سقطت ضمن الربيع العربي؟ فقال، لأن قطر هي أول من دعم هذه الثورات، ولأن قطر دولة بها سقف للحرية مرتفع، ولأن مؤتمر مكافحة الفساد الدولي عقد في قطر!
عودة للدعوى المرفوعة أمام القضاء التونسي اليوم فإنها لا تقف عند التمويل المالي القطري لأحزاب الإسلام السياسي، بل تتضمن اتهامات حول الدور القطري عبر جمعياتها الخيرية وعبر تحريض «الجزيرة» في تسهيل سفر 6000 مقاتل تونسي بينهم 600 فتاة في صفوف «داعش» تحريضاً ودعماً لوجيستياً، وذلك حسبما قالت عبير موسى وليلى شتاوي النائبتان في البرلمان التونسي في مؤتمرهما الصحافي، وأشارتا إلى دور الجماعة الليبية المقاتلة الذي ورد ذكر لبعض أفرادها كثيراً في التحقيقات الخاصة بضلوع الشباب التونسي في التنظيمات الإرهابية.
منذ عام 2013 وقطر تضخ المليارات عبر صندوق «الصداقة القطري» وعبر الجمعيات الخيرية القطرية في تونس، ولم يكن أحد يجرؤ حينها على الحديث حول هذا الموضوع، حيث سيطر حزب الإخوان على جميع مفاصل الدولة كسلطة تشريعية وتنفيذية بل وحتى قضائية، إذ قام حزب النهضة في فترة حكمه (بتطهير) القضاء وعين قضاة من حزبه، إلى أن سقط الحزب في الانتخابات الأخيرة سقوطاً مدوياً ففتح المجال أمام التونسيين لأن يرفعوا صوتهم، رافضين هذا التدخل في إفساد الحياة السياسية وسلب السيادة التونسية، وارتفع صوت الأحزاب الأخرى والكتل النيابية تطالب بالمحاسبة، لدرجة أن دعا أحد الشعارات التي رفعت في وجه المرزوقي إلى أن يترشح في قطر، وذلك بعد أن صرح المرزوقي إبان رئاسته لتونس بأنه سيعلق المشانق لمن ينتقد قطر!!
ولا ندري حقيقة ما هو رأي الشعب القطري رغم ارتفاع سقف الحرية كما يقول النائب العام، في صرف النظام القطري جميع تلك المليارات من ماله العام لإسقاط الأنظمة من شرق العالم العربي إلى غربه وإلى باكستان والهند وتشاد وإسالة تلك الدماء وقد بلغ عدد ضحايا هذه الثورات أكثر من مليون ونصف المليون إنسان؟!