طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

إنهم يبيعون الشهرة!

تعددت أسماء النجوم من لاعبي الكرة الذين حققوا نجاحاً لافتاً على الساحتين المصرية والعربية إلا أن «المايسترو» كما كانوا يطلقون عليه صالح سليم، لا يزال هو أشهر لاعب كرة عرفه المستطيل الأخضر طوال تاريخه، كان المنتجون والمخرجون يتهافتون عليه في الستينات بطلاً في الأفلام وأشهرها «الشموع السوداء» حيث شاركته نجاة البطولة ولعب دور كفيف.
لم يكن صالح سليم ممثلاً موهوباً، ولكنه كان نجماً جاذباً للجمهور، خاصة أن هذه الأفلام قُدمت في ذروة عطائه في الملاعب وهتاف الجماهير باسمه، مما أدى إلى أن يُقبل متفرجو السينما من مشجعي الفانلة الحمراء على قطع تذكرة الدخول، حتى جماهير الزمالك الذين يرتدون الفانلة البيضاء، أحبت صالح سليم وقطعت من أجله التذكرة.
من سيبقى مع الزمن؟ طبعاً «الكابتن» صالح سليم، بينما «الممثل» سوف يتبخر سريعاً، من المهم أن يُدرك الإنسان في لحظات فاصلة أن هناك من يريدون استغلاله لتحقيق مكاسبهم المادية على حساب شهرته، وهذا هو ما فعله صالح سليم الذي توقف، في عز نجاحه، وغادر ملعب الكرة واستوديو السينما في ذروة الإقبال عليه، عدد كبير من لاعبي الكرة واصلوا التمثيل أمام الكاميرا، بعد صالح سليم، مثل عادل هيكل وطاهر الشيخ وإكرامي، حتى حارس مرمي الفريق القومي المصري الحالي عصام الحضري له تجربة يتيمة في السينما (4 - 2 - 4) وكان بالمناسبة فيلماً رديئاً.
على الجانب الآخر تجد أسطورة كروية أخرى محمود الخطيب (بيبو)، عرضت عليه بطولة كثير من الأفلام أشهرها «غريب في بيتي» للكاتب وحيد حامد والمخرج سمير سيف، الخطيب كان لديه القدرة أن يقاوم سحر السينما وجاذبية الوقوف بطلاً أمام سعاد حسني وهو الدور الذي لعبه بعده نور الشريف.
في كل المجالات هناك دائماً هامش للربح، الشهرة تغري بالاستثمار، اللبنانية جورجينا رزق من فرط جاذبيتها توجت ملكة لجمال الكون كله وليس فقط الكرة الأرضية، قدمت عدداً من الأفلام كبطلة أشهرها «الملكة وأنا»، وغنى لها محرم فؤاد «داري جمالك كل نظرة رصاصة» بل إن الموسيقار الكبير فريد الأطرش قبل نحو 45 عاماً غنى لها «جورجينا جورجينا جورجينا» ولكن الإذاعة المصرية اعترضت على الأغنية لأنها شخصية جدا فصارت «حبينا حبينا حبينا»، وغادرت الساحة، وليس فقط الفن ولكن حتى الحياة العامة لم تعد جورجينا ترحب بالتقاط صور لها رغم زواجها من المطرب الشهير وليد توفيق.
الشهرة مثلاً دفعت عدداً من المذيعين للوقوف ممثلين أمام الكاميرا، غالباً يؤدون أدوارهم في الحياة مثل عمرو أديب، هناك من غادروا تماماً عملهم كمذيعين، وتفرغوا للتمثيل مثل بسمة وإنجي المقدم، بينما نجوى إبراهيم التقطها في عز وهجها يوسف شاهين في واحد من أهم أفلامه «الأرض»، إلا أنها استمرت في المجالين مذيعة وممثلة، الملحنون مثل منير مراد ومحمد الموجي ورياض السنباطي وقبلهم الشيخ زكريا أحمد، بل إن الملحن الضرير سيد مكاوي مارسوا أيضاً بسبب شهرتهم التمثيل السينمائي.
في عالم الأدباء صلاح جاهين له أكثر من تجربة وتوفيق الحكيم أدى دوره في فيلم «عصفور من الشرق»، وطه حسين استمعنا إلى صوته في فيلم «دعاء الكروان» راويا للحدث، بينما حاول يوسف شاهين إقناع يوسف إدريس بالتمثيل، إلا أنه في اللحظات الأخيرة اكتشف أنه مجرد لعب على شهرته، فهرول بعيداً عن مصيدة شاهين!