مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

كل في فلك يسبحون

خاضت المذيعة اللبنانية داليا فريفر، التحدي الأصعب في تخطيها حاجز البث المباشر المتواصل لمدة 24 ساعة على تلفزيون لبنان الرسمي.
واستقبلت خلال حواراتها شخصيات فنية وأدبية وشعراء وأطباء بمعدل ربع ساعة لكل لقاء، ومع كل ضيف كانت تطرح قضايا في تخصصه، غير أنها عند طلوع الفجر شعرت بدوار بسيط لكنها رفضت دخول المستشفى وكان الصليب الأحمر في انتظار أي طارئ في الخارج، وقد لاقت فريفر تشجيعاً وحماسة من المشاهدين الذين كانوا يعلقون على صفحات التواصل الاجتماعي على شكل تصفيق ودعوة إلى المثابرة رغم الصعوبات – انتهى.
وفي المقابل نقلت قناة تلفزيونية هندية أن تلميذاً هندياً في السنة الثانية عشرة من عمره أخذ يتلو القرآن الكريم كله عن ظهر قلب في غضون 12 ساعة، ولم يقع في خطأ واحد أثناء تلاوته للمصحف الشريف، وذلك بحضور العديد من العلماء ومدير المدرسة الدينية التي يتعلم فيها، وأشار الحضور إلى أنه لم يتلعثم قط أثناء تلاوته.
واسم ذلك الطفل هو محمد ذبيح الله – واسمه مميز مثلما هي قراءته مميزة – انتهى.
أما التي أرادت أن تحطم كل الأرقام القياسية بجدارة، فهي راقصة شرقية في أحد المرابع الليلية بالقاهرة – ولا أريد ذكر اسمها، خوفاً عليها من تهافت المعجبين بها -، التي بدأت وصلتها في الحادية عشرة مساء وأرادت ألا تنهيها إلاّ على وجه الصبح، غير أنها من شدّة حماستها المفرطة أصيبت (بطّة) ساقها بتورم موجع، واضطرت المسكينة لأن تتوقف مرغمة في الساعة الثالثة بسبب حظها العاثر، وقالت وهي تجهش بالبكاء: كنت عايزة أكسر الدنيا غير أن عيناً قد أصابتني – انتهى.
ولا أملك أنا إلاّ أن أقول: يا سبحان الله كل في فلك يسبحون.
***
قال لي أحد الأصدقاء وكان عائداً لتوه من الحج:
أخذت طفلي ذا التسعة أعوام معي وذهبت به إلى المسلخ الذي يذبحون فيه الأضاحي، وذلك لكي أقوي قلبه وأعلمه الشجاعة، وأخذت أشرح له ونحن نتجول بالمسلخ السبب في إقدامنا على تطبيق تلك الشعيرة.
كنت طوال الوقت أتكلم وهو صامت يبحلق بعينيه ولا يرد عليّ، وبعد أن انتهينا، سألته سؤالاً عرضياً: ماذا تحمد ربك عليه؟! ففاجأني قائلاً لي بما معناه: أحمد ربي أنه لم يخلقني خروفاً.
***
في هذه الأيام بالذات لسان حالي يقول مع محمد بن جعفر:
أنست بوحدتي ولزمت بيتي فتم العز لي ونما السرور
وأدبني الزمان فليت أني هجرت فلا أزار ولا أزور
ولست بقائل ما دمت حياً أقام الجند أم ركب الأمير