طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

شعبولا و{الشعبطة} في كتاب عمرو موسى

عندما استيقظ المصريون في مطلع الألفية الثالثة، على شريط غنائي بصوت مطرب شعبي، كان وقتها مجهولاً... شعبان عبد الرحيم، وهو يردد «بأكره إسرائيل وبحب عمرو موسى»، كان هذا يعد على طرافته حادثاً غير تقليدي، عشناه جميعاً في الساحتين المصرية والعربية، لأن عمرو موسى، كان قد حقق شعبية تجاوزت حدود مصر للعالم العربي، باعتباره وزير خارجية متشدداً في التفاوض مع إسرائيل.
لأول مرة يتم الغناء لوزير بينما تعودنا في مصر، أن نغني فقط للحاكم، هكذا غنت أم كلثوم للملك فاروق، ولجمال عبد الناصر، وهو نفس ما فعله بالضبط محمد عبد الوهاب، وكاد غناؤهما للملك أن يوقعهما في مأزق عندما أصر المسؤول العسكري عن الإذاعة في أعقاب ثورة 23 يوليو (تموز) على منع أغانيهما لأنهما محسوبان على العهد السابق، إلا أن المنطق انتصر في النهاية، وتدخل جمال عبد الناصر وأصدر قراره التاريخي بفك الحظر عنهما، وعودة أغانيهما لخريطة الإذاعة، وبالفعل كانا بصوتيهما داعمين لعبد الناصر، وانضم لهما طبعاً بعدها عبد الحليم حافظ، وكل مطربي تلك المرحلة.
عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق، حقق شهرة ضخمة لأن الشارع العربي، كان رافضاً للسلوك الدموي لإسرائيل في حق الفلسطينيين، وجاءت الأغنية، وكأنها تعزف على الجُرح، وتعددت وقتها الحكايات التي تؤكد أن الرئيس الأسبق حسني مبارك سيتخلص قريباً من موسى بسبب تلك الأغنية، بينما كان تعقيب موسى أنه لم يسمعها، وأن أحد الأصدقاء قد تركها له في صندوق بريده، حتى تصل الرسالة للسلطة السياسية أنه لا يعير الأمر اهتماماً.
إلا أن السؤال... هل وزير الخارجية في أعتى الدول الليبرالية مثل أميركا، ينفذ سياسته أم السياسة التي تضعها السلطة الحاكمة؟ وهكذا كان عمرو موسى ينفذ سياسة حسني مبارك في العلاقة مع إسرائيل، ربما لعبت كاريزما عمرو موسى دوراً في وجوده بالشارع، إلا أن هذا الأمر لا يعني أنه كان صاحب الحق في توجيه سياسة مصر في العلاقة مع إسرائيل.
عمرو موسى أدرك أن مثل هذه الأمور لا تمر ببساطة في عُرف السلطة، حتى لو تصورنا جدلاً أن مبارك تعامل معها باعتبارها مجرد نكتة، فإن المقربين منه لن يتركوا الأمر يمر هكذا.
انتقل عمرو من موقعه كوزير خارجية، ليصبح أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، مما اعتبره البعض بمثابة تعتيم سياسي مقصود، وعقب عدد من الكُتاب على هذا القرار مما لعب دوراً في ذيوع اسم شعبان، حتى إنه صار بطلاً لعدد من الأفلام أشهرها «مواطن ومخبر وحرامي»، للمخرج داود عبد السيد.
في أيام مبارك كان موسى متحفظاً في الحديث عن الأغنية، ولكن بعد ذلك، صار موسى لا يخفي سعادته بالأغنية، ولا يُنكر حتى الشائعات التي صاحبتها، حتى إن «شعبولا» كان يفكر في المساهمة بأغنية أثناء انتخابات الرئاسة في عام 2012، والتي كان عمرو موسى مرشحاً لها.
من الواضح أن الفريق المصاحب لعمرو تدخل في اللحظات الأخيرة لكي يوقف هذا التوجه. «شعبولا» يضع كما يردد دائماً صور عمرو موسى في بيته، وهو لا يجيد القراءة والكتابة، إلا أنه سوف يعتز طبعاً بنسخة عليها توقيع عمرو فهذه تساوي الكثير. شعبان لم يستطع منذ ذلك الحين أن يقدم أي أغنية أخرى تفوق في شهرتها «بحب عمرو موسى» التي صارت بالنسبة له «بيضة الديك».