إيلي ليك
TT

سياسة ترمب الجديدة تركز على وكلاء إيران

بعد مرور أكثر من عشرة شهور على تعيينه في منصبه، أخيراً أصبح لترمب سياسة واضحة المعالم تجاه إيران.
فبحسب مسؤولين في الإدارة الأميركية، قام الرئيس ترمب الشهر الماضي، قبل بداية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتماد الاستراتيجية التي طال انتظارها بشأن طريقة التعامل مع إيران. فقد أخبرني هؤلاء المسؤولون بأن الاستراتيجية الجديدة ستحدد الملامح الرئيسية لنهج جديد أكثر شراسة لمواجهة التهديدات الإيرانية حول العالم واستخدام التهديدات التي أطلقها الرئيس ترمب فيما يخص الاتفاق النووي الإيراني، أو ما يعرف بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة»، لحث حلفاء الولايات المتحدة على البدء في معالجة أخطائهم.
وخلال مؤتمر صحافي عقد الأربعاء الماضي لنفي الأخبار المتداولة عن عزمه التخلي عن منصبه بحلول الصيف المقبل، لمح وزير الخارجية ريكس تيلرسون بأن السياسة الجديدة على وشك التنفيذ. وتحدث تيلرسون عن الاتفاق النووي الإيراني قائلاً إن «خطة العمل الشاملة المشتركة لا تمثل سوى جانب ضئيل مما يتحتم علينا فعله والتصدي له في مواجهتنا مع إيران».
يتمثل لب استراتيجية ترمب الجديدة تجاه إيران في تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية ليضعها بذلك في سلة واحدة مع تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش». وحدد الكونغرس الصيف المقبل موعداً لتفعيل هذا الإجراء، لكنه سمح لترمب بالتراجع عن ذلك. لكن لهذا التصنيف أهميته الكبيرة نظراً لسيطرة الحرس الثوري الإيراني على جانب كبير من الاقتصاد الإيراني. فوفق تقديرات خبير الاقتصاد والأعمال الإيراني بيغان خشيبور التي وردت في مقال بصحيفة «المونيتور» في أغسطس (آب) الماضي، فإن الحرس الثوري الإيراني يسيطر على 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران (واعترف أيضاً بصعوبة عمل إحصائية دقيقة نظراً لعدم وجود أرقام رسمية عن شبكة الشركات التي يسيطر عليها الحرس الثوري وعن حصته في الشركات الحكومية وشبه الحكومية التي تشكل بنية الاقتصاد الإيراني).
ربما يتسبب تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية في مشكلات للشركات الأجنبية التي تسعى للعمل في إيران. فرغم أن وزارة الخزانة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما طالبت الشركات الخاصة باتخاذ الحيطة وتجنب الدخول في استثمارات مع الحرس الثوري الإيراني، فقد ضعفت القوانين في الأشهر الأخيرة لتلك الإدارة، لكن التصنيف الجديد سيصعب من أوضاع هذه الشركات.
وذكر لى مارك دبويتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، مؤخراً أن «هذا الأمر يشكل أهمية كبيرة لأنه يعني أنه لو أنك تقوم بأعمال تجارية مع إيران في قطاعات اقتصادية مهمة، فسوف تواجه خطراً كبيراً يتمثل في الاتهام بالعمل مع جماعة إرهابية».
يعد تصنيف الحرس الثوري جماعة إرهابية أحد العناصر التي تشكل نهج الإدارة الأميركية في مواجهة سلوك إيران العدواني في المنطقة. ويتضمن ذلك سياسة جديدة لمواجهة التهديدات الإيرانية لخطوط الملاحة والسفن في الخليج العربي، تحديداً الصواريخ المضادة للسفن والمضايقات التي تتعرض لها زوارق البحرية الأميركية هناك. وستتضمن الاستراتيجية الجديدة تأكيدات على ضرورة مواجهة الشبكات الإيرانية داخل دول أميركا اللاتينية، وتطوير إيران الصواريخ الباليستية، ومخالفة إيران حقوق الإنسان في معاملتها لأبنائها، ودعمها التنظيمات الإرهابية ووكلائها في الشرق الأوسط.
أخبرني ضابطا استخبارات بأن أحد عناصر الاستراتيجية الجديدة التي لن يجري الإعلان عنها تشمل تعزيز العمليات الاستخباراتية ضد الحرس الثوري وغيره من وكلاء إيران مثل «حزب الله» في الشرق الأوسط. فمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، مايك بومبيو، اعتمد صلاحيات جديدة لضباط الاستخبارات للشروع في تتبع عملاء إيران واستهدافهم في الخارج. وتشمل هذه الأنواع من البرامج عمليات نفسية مثل إيداع أرصدة مالية في حسابات بنكية سرية يملكها ضباط إيرانيون لخلق انطباع بأن هؤلاء الضباط يعملون لصالح قوى أجنبية.
ألغى أوباما كثيراً من هذه البرامج في فترة رئاسته الثانية، خاصة بعد بداية المفاوضات الرسمية بشأن الاتفاق النووي الإيراني عام 2013. لكن وفق تلك المصادر، فقد أحيا بومبيو تلك البرامج مجدداً. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» في يونيو (حزيران) الماضي إلى أن بومبيو قام بتعيين ضابط «سي آي إيه» الذي قاد عملية اصطياد أسامة بن لادن، الملقب بالأمير الأسود، مسؤولاً عن عمليات «سي آي إيه» في إيران. وعلى الرغم من بلورة الإدارة الأميركية قضية إيران وأسلوب تعاملها معها، فقد أبلغني المسؤولون الأميركيون بأنه ليس هناك خطة رسمية لتأمين الأوضاع في سوريا والعراق بعد دحر تنظيم داعش وطرده من هناك. ويعد هذا الأمر بالغ الأهمية في سوريا اليوم حيث بدأ وكلاء إيران والحرس الثوري الإيراني بالفعل في السيطرة على بعض هذه المناطق مع نهاية الحرب على «داعش». وفي العراق، لا تزال ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني تمثل جانباً مهماً من الحرب التي تشنها الدولة على الجماعات الإرهابية.
فقد شرعت الولايات المتحدة منذ عام 2014 في تقديم الدعم الجوي في العمليات التي تستهدف تلك الميليشيات. وأخبرني دبوتيز بأنه يقوم حاليا بتقييم شمولية الجهود الجديدة في مواجهة الحرس الثوري الإيراني مستقبلاً، مؤكداً أنه «يبحث في إجراءات لتجفيف مصادر تمويل الحرس الثوري وإضعاف مفاصل اقتصاده وتمويله العمليات الإرهابية في الخارج وكذلك شبكات مصالحة في الداخل».
في حال حقق دبوتيز أمنيته، فمن المرجح أن يتهم الإيرانيون أنفسهم ترمب بخرق الاتفاق النووي الذي صاغه سلفه ومن ثم التهديد بالانسحاب من الاتفاق برمته. وعلى عكس أوباما، قد يرى ترمب في ذلك خدمة تقدمها إيران.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»