د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

أين تكمن المصالح الخليجية؟

اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأسبوع الماضي خطوات جديدة تجاه إيران، حيث رفض المصادقة على الاتفاق النووي وربطه بين مصير الاتفاق وتصرف النظام الايراني في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً تدخله السافر في العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج.
السؤال هل لائحة اتهامات ترمب لإيران ودعوته لتمزيق الاتفاق ستلقى القبول من الكونغرس الأميركي وحلفاء الولايات المتحدة في الدول الغربية؟ هل يغامر الرئيس الأميركي بضرب إيران في الوقت الذي عليه مواجهة كوريا الشمالية وتهديداتها لحلفاء أميركا في آسيا؟
خطوة ترمب تربك الدول الغربية المتحالفة مع أميركا، فالاتحاد الأوروبي يحذر الولايات المتحدة من مغبة خروجها من الاتفاق حتى لا يعطي إيران ذريعة لتطوير برنامجها النووي والحصول على القنبلة وتحويلها إلى دولة مارقة أكثر مما هي عليه الآن.
في مواقف دول الخليج من خطاب الرئيس الأميركي، بعض دول الخليج اتخذت مواقف واضحة من السياسة الأميركية الجديدة تجاه إيران منها السعودية ودولة الإمارات والبحرين، حيث رحبت هذه الدول بالاستراتيجية الحازمة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وانتهجت الكويت سياسة حث إيران على عدم التدخل في القضايا المحلية للدول العربية لتفادي المواجهة مع الدولة العظمى.
ماذا عن المستقبل وهل يستطيع الرئيس إلغاء الاتفاق النووي؟ الخبراء المختصون يشككون في إمكانية إلغاء الاتفاق ويرون أن الكونغرس لن يوافق على إلغاء الاتفاق، خصوصاً أن الولايات المتحدة لا يمكنها فتح جبهتين للصراع؛ صراع مع إيران وصراع مع كوريا الشمالية في وقت واحد.
المعارضون للسياسة الأميركية الجديدة ضد إيران يرون أن الموقف الأميركي القوي ضد إيران سوف يوحد الشعب الإيراني كما إن خطة ترمب ستعزز دور المتشددين في إيران وعلى رأسهم المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي الذي يردد دائماً بأن الولايات المتحدة غير جديرة بالثقة.
إيران حتماً لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة الأميركية، فميزان القوى ليس في صالح إيران، ولكن يمكن لإيران أن تضر المصالح الأميركية بطريقة غير مباشرة، فقد أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري «لو صحت الأنباء عن ارتكاب الحكومة الأميركية حماقة فيما يتعلق بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية فإن الحرس الثوري سوف يعتبر الجيش ألأميركي مثل تنظيم داعش في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنه سيتعين على الولايات المتحدة نقل قواعدها العسكرية (قاعدتي العديد والسيلية في قطر خارج مدى صواريخ الحرس الثوري الذي يصل مداه إلى ألفي كيلومتر.
وكيل وزارة الخارجية الإيرانية سيد محمد كاظم سجاد بور أعلن أن بلاده سترد إذا فرض الكونغرس عقوبات على الحرس الثوري...
إيران بدأت تتحرك في العراق من خلال قوات الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران، حيث تحركت هذه القوات ضد الأكراد الموالين للسياسة الأميركية في شمال العراق واستطاعوا اقتحام كركوك كما انسحبت قوات البيشمركة الكردية من خانقين قرب الحدود الايرانية، وجاء رد الفعل الأميركي متواضعاً؛ إذ دعت الخارجية الأميركية إلى التهدئة في المنطقة في أعقاب سيطرة القوات العراقية على مدينة كركوك.
الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها وحدها احتواء المد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج... فهي حتماً تحتاج إلى تأييد دول التحالف الغربي، التي لها خطها السياسي تجاه الأزمة.
وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل حذر من أن إعادة فرض عقوبات على طهران قد يدفعها إلى تطوير أسلحة نووية ويزيد خطر الحرب قرب أوروبا. المتغيرات السريعة في المنطقة تتطلب من دول الخليج اتخاذ الحذر، فالتهديدات الايرانية لدول الخليج بضرب القواعد الأميركية لن تحصل لأن إيران تعرف أن منطقة الخليج محاطة بشبكة صواريخ مضادة تحميها... لكن الخوف الحقيقي يكمن في تحريك إيران للخلايا النائمة من أنصار حزب الله في بلداننا... وهذا يتطلب اتخاذ سياسات داخلية تحمي جبهتنا الداخلية من أي تغلغل أجنبي.