علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الطريق الصحيح

كتبت الأحد الماضي عن الطاقة الشمسية المهدرة في عالمنا العربي، وقلت في ذات المقال إن هناك الكثير من الطاقات المهدرة في العالم العربي، وعلى سبيل المثال لا الحصر فنحن لا نستفيد من النفايات رغم تطور عمليات تدوير النفايات حتى أصبحت صناعة، ففي قطر عربي مهم مثل جمهورية مصر العربية نجد أن الاستفادة من النفايات تتم وفق نطاق محدود جداً قائم على العمل الفردي، إذ إن البعض امتهن فرز النفايات والاستفادة من بيعها كوسيلة للعيش ليس إلا. ولم تتطور عملية التدوير لتصبح صناعة تقوم على معامل متطورة تستفيد من هذه النفايات بدلاً من أن تمثل عبئاً بيئياً على القطر، وفي لبنان في وقت من الأوقات عجز حزب الله حينما كان في السلطة عن حل مشكلة النفايات التي أصبحت خطراً على الإنسان والبيئة حتى بدأ الشعب اللبناني والصحافة اللبنانية يتندرون على الحزب الذي يطرح نفسه كحلال لمشكلات العرب بينما عجز عن حل مشكلة القمامة في بلد صغير كلبنان.
من هذا الطرح نستطيع أن نقول إن العالم العربي لا يستفيد من تدوير النفايات، ففي السعودية مثلها مثل بقية الأقطار العربية لا تستفيد من تدوير النفايات إلا بشكل ضئيل لا يتجاوز الواحد في المائة مثل تدوير الورق الذي أنشأ له القطاع الخاص شركة خاصة لإعادة التدوير. في السعودية 30 في المائة من النفايات أطعمة، أي أنه يمكن تدويرها لتصبح سماداً زراعياً والبعض الآخر يمكن تدويره ليصبح أعلافاً للماشية، وهناك الخشب والحديد والأهم من هذا وذاك البلاستيك الذي تقول الدراسات إنه لا يفنى حتى بعد الطمر ويحتاج إلى 150 عاماً ليذوب في التربة، والبلاستيك واحد من أكثر الأشياء خطراً على البيئة، وللأسف أنه الأكثر استخداماً، وعملية تدويره لا تحتاج في السعودية سوى لعملية فرز ومن ثم تسليمه للشركات المختصة في هذا المجال وعلى رأسها شركة «سابك».
فائدة تدوير النفايات ليست مقتصرة على الجانب الاقتصادي فقط، رغم أهميته بل تتعدى ذلك إلى الجانب البيئي، وهو في رأيي أهم من الجانب الاقتصادي، بل إن البيئة هي المغذية للاقتصاد فكلما حافظنا عليها منعنا التلوث سواءً في التربة أو في الهواء أو في الماء، في دبي أعجبتني تجربة بسيطة يمكن للمدن العربية أن تقوم بها، إذ رأيتهم يضعون في محلات جمع النفايات ثلاث حاويات واحدة للأطعمة وأخرى للورق وثالثة للبلاستيك، مثل هذا الفرز يسهل على الشركات عمليات التدوير ويختصر الوقت، تفاءلت خيراً حينما سمعت الأسبوع الماضي نية صندوق الاستثمارات العامة السعودي إنشاء شركة تهتم بتدوير النفايات لنسير على الطريق الصحيح في استغلال بعض من طاقاتنا المهدرة.