مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

النساء في الملاعب السعودية... العالم الجديد

القرار الذي اتخذته هيئة الرياضة في السعودية بالسماح للنساء والعائلات بالدخول لملاعب كرة القدم، من أهم الخطوات الجريئة الحميدة التي خطتها الحكومة السعودية مؤخراً.
قبل هذا القرار كان هناك التغيير الكبير الذي أحدث صدى عالمياً، ليس في ذلك مبالغة، عنيت السماح للنساء بقيادة السيارات.
كما هو متوقع، وهذه طبيعة الأمور، هناك من يقاوم هذه التغييرات، بحجة دينية تارة، أو اجتماعية ثقافية تارة، أو بهما معاً، لكن صلابة الرفض اليوم، ليست كما كانت بالأمس السعودي القريب... نحن فعلاً نتغير... وهذا دليل عافية وصحة، فمن لا يتغير ولا يتحول محكوم عليه بالفناء والجمود.
هناك إجراء نفسي معتاد، جماعي وفردي، معتاد، في رفض الجديد وبذر الشكوك حوله، مهما بدا التغيير مفيداً ونافعاً.
مقاومة الجديد حتى لو لم يكن له صلة بمحرم ديني صريح الدلالة قطعي الثبوت، لكن يستجلب له السند الفقهي، بعسر وتكلف، حتى يكون غشاء للرفض النفسي الاجتماعي.
وجد هذا السلوك في أكثر من بلد وأكثر من دين وطائفة؛ يتحدث العلامة والمفكر الاجتماعي العراقي عن مقاومة علماء الدين الشيعة لفتح المدارس النظامية التعليمية، وحين وجدت المطبعة كأهم اختراع تسبب بنشر المعرفة في القرون الوسطى، وقف علماء الآستانة، عاصمة الدولة العثمانية، و«شيوخ الإسلام فيها» ضد المطبعة، وأصدر الفقهاء العثمانيون عام 1728م فتوى تحرم طباعة كل الكتب الدينية وتحصر الإباحة، ويا له من سخاء، بطباعة الكتب غير الدينية فقط.
أما مقاومة تعليم البنات تعليماً نظامياً فحدّث ولا حرج، ليس في نجد فقط، بل في الحجاز، وليس في نجد والحجاز فقط، بل في حواضر الخليج مثل الكويت والشارقة، وليس في العالم العربي فقط، بل في دول مسلمة عديدة، كما شرح بتوسع الباحث السعودي عبد الله الوشمي في كتابه «فتة القول بتعليم البنات».
أتذكر في هذا الصدد، بالعودة للمشهد السعودي، كيف تصدى بعض مشايخ الدين لمقاومة مظاهر التحديث، حتى البسيط منها، وكان لبس الساعات للرجال على المعاصم محرماً، وكذلك:
- كرة القدم
- إقامة التمثيليات.
- تدريب الجنود على الأنظمة الإفرنجية.
- حرمة التصفيق للرجال لأنه تشبه بالنساء.
- فرق النساء شعر الرأس من جانبيه وجمعه من ناحية القفا.
هذه ليست افتراضات، بل وردت بكتاب تحت عنوان «الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين» للراحل الشيخ حمود التويجري، الذي توفي 1993 رحمه الله.
رفض الجديد، سلوك معتاد، يضمحل مع الزمن وزوال الهواجس، إلا لمن يريد من رفضه هذا خلق قضية حشد وتعبئة.
مرحباً بالسعوديات في العالم الجديد.
[email protected]