وسط تلال صحراوية وأودية مقفرة، يشق عدد من السياح طريقهم لاكتشاف الطبيعة في فلسطين، ضمن مسار سياحي أعدته مؤسسات فلسطينية، في إطار سعيها لخلق عوامل جذب سياحي جديدة للأراضي الفلسطينية، إضافة إلى ما فيها من مواقع دينية.
واختار القائمون على مشروع المسار السياحي الذي يمتد 320 كيلومترا من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها، تسميته «مسار إبراهيم الخليل»، ويمكن السير فيه بشكل متواصل أو تقسيمه إلى أجزاء يمتد بعضها لأيام وأخرى لساعات.
وقال جورج رشماوي، مدير مؤسسة «مسار إبراهيم الخليل» التي تضم في عضويتها مؤسسات جمعية الحياة البرية، وجامعة بيت لحم، ومركز فلسطين للتقارب بين الشعوب، وجمعية «الروزنا» في بيرزيت: «عملنا خلال السنوات الماضية على رسم مسار سياحي بيئي».
وأضاف لوكالة «رويترز» خلال مرافقة عدد من السياح في الصحراء الشرقية للضفة الغربية، التي تمتد عشرات الكيلومترات، من شرق بيت لحم حتى البحر الميت: «عملنا على تصميم الخرائط، وأعددنا معلومات كاملة عن المناطق التي يمر بها المسار».
ويرى رشماوي أن هذا المسار، سواء تم السير فيه بشكل كامل على مدار 21 يوما، أو تم اختيار مقاطع منه، فهو عبارة عن رحلة شاملة لاكتشاف كل شيء، من النواحي الإنسانية والحضارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وقال: «بدأنا العمل على هذا المشروع منذ عشر سنوات، واليوم نحن نتحدث عن آلاف يشاركوننا السير في هذا المسار السياحي سنويا».
وأضاف: «العام الماضي وصل العدد إلى 6 آلاف مشارك محلي وأجنبي، وهذا العام وصل العدد حتى اليوم عشرة آلاف، من خلال المؤسسة، إضافة إلى آخرين يشاركون بشكل مباشر».
وعملت مؤسسة «مسار إبراهيم الخليل» خلال الفترة الماضية على تدريب مرشدي طرق سياحيين متخصصين في سياحة المسار.
وقال رشماوي: «بالتعاون مع وزارة السياحة التي أتاحت لنا المشاركة في معارض ومؤتمرات سياحية دولية للتعريف بالمسار السياحي في فلسطين، تم منح ترخيص لهؤلاء الأدلاء السياحيين».
ويتيح السير في المسار السياحي التعرف على سكان التجمعات المحلية في القرى ومضارب البدو المنتشرة على طول هذا الممر، مع إمكانية المكوث في أنواع مختلفة من بيوت الضيافة التي أقيمت خصيصا لذلك. كما أنه يمثل فرصة لعشاق المشي لاختيار المسافات ما بين بضعة كيلومترات أو المئات منها، إضافة إلى إمكانية التمتع بشروق الشمس على البحر، أو غروبها على الجبال الصحراوية، مرورا بكثير من الأديرة والأماكن التاريخية التي تحفل بها الأراضي الكنعانية التي تبدل عليها كثير من الحضارات على مر التاريخ.
وقال رشماوي: «من خلال هذا المسار السياحي نحقق عدة أمور، منها أننا نعيد امتلاك قصتنا وتقديمها على أرض الواقع، إضافة إلى التنمية الشاملة من خلال إشراك المجتمع المحلي بالاستفادة من هذه الرحلة، سواء بتوفير المبيت أو الطعام للمشاركين».
بعد ساعات من السير وسط المنطقة الصحراوية، يصل المشاركون إلى خيمة ضيافة أقامها محمد الرشايدة، أحد سكان المنطقة، يقدم فيها للسياح ما يطلبونه من وجبات طعام فلسطينية، ومكان للمبيت، ليصطحبهم في الليل في طرق جبلية للوصول إلى ضفاف البحر الميت، والاستمتاع بلحظات شروق الشمس.
وقال الرشايدة لـ«رويترز»: «كل أسبوع لدي سياح يأتون إلى هنا، إضافة إلى الفلسطينيين من أماكن مختلفة. أعمل على تحضير ما يطلبونه من الأكلات الشعبية الفلسطينية، إضافة إلى توفير المبيت لمن يريد».
وأضاف الرشايدة البالغ من العمر 53 عاما، الذي يوفر وصول السياح دخلا إضافيا له ولعائلته، أن الأعداد تزداد عاما بعد عام.
وقال ميشال عوض، من مؤسسة «سراج» غير الربحية العاملة في القطاع السياحي، لـ«رويترز»: «عملنا على المساهمة في تطوير خيمة الضيافة، من خلال توفير الخلايا الشمسية لإضاءتها، وتوفير بعض المستلزمات لها من أسرة وغيرها».
وأضاف: «نحاول تعزيز ثقافة سياحة المسارات، سواء كان ذلك وسط السكان المحليين أو السياح الأجانب. هناك الكثير مما يمكن رؤيته في فلسطين بعيدا عن المدن».
ويرى عوض أنه بإمكان الراغبين في المشاركة في رحلة إلى هذه المسارات عمل ذلك بشكل مباشر مع المرشدين السياحيين أو السكان المحليين، الذين لديهم بيوت ضيافة، أو من خلال مكاتب السياحة والسفر. وتسعى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية إلى جعل سياحة المسار إحدى عوامل الجذب السياحي في فلسطين، إضافة إلى ما فيها من أماكن دينية تستقطب ملايين السياح سنويا.
وقالت رولا معايعة، وزيرة السياحة والآثار لـ«رويترز»، فيما كانت تتفقد بعض مقاطع المسار السياحي في الصحراء الشرقية: «أهم ما بدأنا العمل عليه خلال السنوات الماضية هو السياحة البيئية، أو سياحة المسارات. أعتقد أن هذا النوع من السياحة يمكن أن يستقطب عددا أكبر من السياح».
وأضافت: «هذا النوع من السياحة يستقطب فئة أخرى، حيث إن السياحة الدينية يكون الحجاج فيها من فئة الأعمار الكبيرة نسبيا؛ لكن عندما نتكلم عن هذا النوع من السياحة فمعظمهم ينتمون إلى فئات أعمار شبابية، وهذا ما نريد التركيز عليه».
وأوضحت معايعة أن الوزارة تعمل على مشروع تسجيل «برية فلسطين»، المقصود بها الصحراء وما فيها من أديرة ومواقع تراثية موجودة، على اللائحة التمهيدية لليونيسكو، لتسجيلها على قائمة التراث العالمي.
وتمنح مؤسسة «مسار إبراهيم الخليل» بطاقة للمشاركين في المسار السياحي، يوضع عليها طوابع، يمثل كل منها محطة من محطات المسار التي يصل إليها السياح، وزُينت البطاقة برسمة شجرة زيتون، كُتب عليها تعريف بالمسار وأهمية المشاركة فيه.
وتكمن أهمية هذا النوع من السياحة - بحسب القائمين على مؤسسة «مسار إبراهيم الخليل» - في أن إقامة السائح تكون بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية، خلافا للسياحة الدينية.
7:57 دقيقة
سياحة بيئية في فلسطين تستقطب أهلها والأجانب
https://aawsat.com/home/article/1088816/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B7%D8%A8-%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%87%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8
سياحة بيئية في فلسطين تستقطب أهلها والأجانب
«مسار إبراهيم الخليل» يمتد لأكثر من 300 كيلومتر لاكتشاف الطبيعة والمواقع الدينية
سياحة بيئية في فلسطين تستقطب أهلها والأجانب
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة