مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحلاوة الممزوجة بالمرارة

تجادل اثنان (شحطان) في حضوري جدالاً (بيزنطياً) ليس له (راس ولا ساس).
الأول نصير للمرأة عمّال على بطّال، ويبدو لي أنه خارج لتوه من تجربة فتحت قلبه على مصراعيه، والثاني لا شك أنه أكل على رأسه من النساء إلى أن تفل العافية.
كنت طوال الوقت مستمعاً ومتبّرماً، وكلما سألني أحدهما عن رأيي ألوذ بالصمت وأقلب (بالريموت) القنوات التلفزيونية الفضائية على غير هدى دلالة على قرفي.
وعندما طال الجدال بينهما وخشيت أن يصل إلى ما لا يحمد عقباه - خصوصاً وهما في بيتي - اضطررت مرغماً إلى التدخل لأفض هذا الاشتباك الذي ليس له (لا فكاهة ولا مازجيّه).
فقلت: المرأة بالنسبة لي هي على العين والرأس، فيكفي أن أول من دخل الإسلام هي (خديجة بنت خويلد) أم المؤمنين وزوجة رسول الله، ولم يسلم قبلها رجل ولا امرأة.
وأول من استشهد في الإسلام هي: (رفيدة بنت سعد الأسلمية) من الأنصار، وقد أقامت خيمة إلى جانب مسجد الرسول، تمرض من يمرض أو يصاب من المسلمين، وفي غزوة الخندق أقامت أول مستشفى ميداني هناك لتداوي وتضمد فيه الجرحى.
وأول من ولدت للمسلمين في المدينة المنورة بعد الهجرة هي: (أسماء بنت أبي بكر)، وقد ولدت عبد الله بن الزبير بن العوام، فكان ميلاده بمثابة استبشار وفرح للمسلمين.
بعدها أحسست بالتعب، فرجعت إلى صمتي، فابتهج نصير المرأة، وكاد أن يصفق ويعانقني معتقداً أنني بكلامي قد انتصرت له، فيما قبع الثاني مثلما يقبع (الجرذ).
ولم أترك الأول يتمم فرحته، واضطررت مرة أخرى للكلام، قائلاً له: على رسلك يا (لخو).
ألم تعلم أن في بعض النساء أيضا آكلة الأكباد؟! وهي (هند بنت عتبة) التي شقت صدر (حمزة بن عبد المطلب) عم الرسول، وأخذت تنهش بأسنانها كبده التي تقطر دماً.
ومنهن حمالة الحطب (أم جميل) زوجة أبي لهب.
ومنهن (زينب بنت الحارث) التي أهدت للرسول ذبيحة مسمومة لتقضي عليه.
ومنهن الشاعرة (أم قرفة) التي جهزت فرقة مكونة من أربعين رجلاً، لتساهم بقتال المسلمين، وقالت أشعاراً في هجاء المسلمين يندى لها الجبين.
بعدها داهمني التعب مرة أخرى، فاضطررت أن أقول لهما: كلاكما على صواب وكلاكما على خطأ، فإما أن تغيرا الموضوع، وإلاّ سوف أقول لكما بملء فمي: اخرجا غير مطرودين.
والحمد لله أنهما سمعا كلامي، وخرجا مطرودين.
وكلمة أخيرة على الهامش: المرأة هي الحلاوة الممزوجة بالمرارة، أما الرجل فهو المرارة الممزوجة (بالطباشير).
ومن لا يعجبه كلامي فليرجمني بسبعة من حجارة من مزدلفة.