إيلي ليك
TT

المسلمون أول ضحايا الإرهابيين

لا يعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في مصر يوم الجمعة سوى أحدث تذكرة مروّعة بأن المسلمين غالباً ما يكونون أول ضحايا المتطرفين.
ويقف فرع محلي لتنظيم (داعش) – يُعرف باسم جماعة (أنصار بيت المقدس) - وراء المذبحة التي أودت بحياة ما لا يقل عن 230 شخصاً أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، في مسجد يتبع للطرق الصوفية بقرية الروضة التابعة لمركز بئر العبد بمحافظة شمال سيناء. وتتسم هذه المجزرة بأنها مروعة بصفة خاصة، فقد انتظر المسلحون سيارات الإسعاف، وأول مسعفين يصلون إلى المسجد بعد شنهم تفجيراً أولياً، وأطلقوا وابلاً من الرصاص على الناجين وهؤلاء المُرسَلين لإنقاذهم.
وقال رجل دين – لم يكشف عن هويته – لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنه شعر بالصدمة من أن القتلة قد يهاجمون مسجداً. وقد شملت الأهداف السابقة للإرهابيين الكنائس المسيحية القبطية، وطائرة روسية في عام 2013.
ومع ذلك، ينبغي ألا يندهش أحد من قتل المسلمين. وشن تنظيما «القاعدة» و«داعش» هجمات بسيارات مفخخة انفجرت داخل الأسواق المزدحمة في العاصمة العراقية بغداد، ما أسفر عن مقتل الكثيرين. وردت الميليشيات الشيعية على تلك الهجمات بتنفيذ أعمال إرهابية عشوائية على السنة في العراق من خلال فرق الموت، وفي بعض الأحيان بمساعدة من وزارة الداخلية. ولا يقتصر القتل على العراق، فقد حرّضت الحروب الأهلية في لبنان وسوريا واليمن المتطرفين بشكل متزايد على بعضهم البعض.
وهذا أمر مهم لعدة أسباب. في البداية لأنه يثبت كذب شعار تنظيمي «داعش» و«القاعدة» والإرهابيين الآخرين بأنهم يحمون الدين من الغرب. وتعتبر تلك التنظيمات مسؤولة عن تحويل ساحات القتال إلى مجازر. إنها تذبح الجماعة التي تدعي أنها تحميها.
ومع ذلك، إنه يُذَكِّر أيضاً بقصر نظر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي حاول في بعض الأحيان تأطير الحرب على الإرهاب كصراع بين الإسلام والغرب. وصحيح أن الشياطين مثل عناصر تنظيم داعش استهدفوا الأقليات الدينية في منطقة الشرق الأوسط، مثل المسيحيين والإيزيديين، لكن هذا لم يمنعهم من قتل الكثيرين الذين ينتمون لدينهم أيضاً. إن خلاف الغرب مع المتطرفين الذين يخلطون الدين بالسياسة، أو الطائفة الدينية التي تسعى لفرض الشريعة على الآخرين – وليس الدين بأكمله. وفي الواقع، يعتمد جيشنا على المسلمين المحليين الذين يقاتلون إلى جانبه في الحرب على الإرهاب. وهذه هي الاستراتيجية التي ينتهجها ترمب بنفسه في سوريا والعراق.
وقد استوعبت العديد من الأنظمة في العالم الإسلامي هذا الدرس. لم تعد المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة تحاول شراء الجهاديين أو البقاء محايدة. إنها تسعى إلى مواجهة المتطرفين السنة والشيعة على السواء.
وفي حين أنها تعد إشارة جيدة، إلا أنها ليست علاجاً لجميع العلل. هذا يعيدنا إلى مصر، حيث حاول الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي سحق المتطرفين في بلاده بقبضة حديدية منذ توليه السلطة، ومع ذلك فإن حملته الأمنية لم توقف الإرهاب بعد. وطالما استمر الإرهاب، سوف يستمر المدنيون في المعاناة.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»