مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هل أوروبا متراخية مع إيران؟

كنت أتابع إجابات الصحافي البريطاني المخضرم مايكل بنيون عن أسئلة الإعلامية منتهى الرمحي، على شاشة «العربية» في البرنامج الشهير «بانوراما»، حول موقف الغرب، تحديداً أوروبا، من تشبيه السعودية الخطر الإيراني بخطر هتلر في منتصف القرن الماضي.
لم يرق التشبيه للصحافي البريطاني، أو على الأقل نقل أن هناك من لم يوافق عليه في الغرب، ولا يعتقد أن الخطر الإيراني يشبه الخطر النازي، ولا أن خطر مرشد الجمهورية الخمينية الإيرانية، هو بمثابة خطر الزعيم النازي، قائد الرايخ الثالث.
لم يفهم مايكل بنيون، أو نقل عن آخرين غربيين، تحذير السعودية من خرافية النظام الخميني المسلحة، وأنه يصعب؛ إن لم يكن محالاً، التفاهم من نظام يعتقد في نظريات ولاية الفقيه وتمهيد العالم لظهور المهدي المنتظر، كما حذّر الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي.
الحجة، كما «تجلّى» صحافي الـ«تايمز» البريطانية، هي أن الخطر الإرهابي هو كما يراه الغرب؛ من السنّة وليس من الشيعة.
هذه هي الخلاصة، وهي في الوقت نفسه الأزمة التي يعاني منها العقل الأوروبي بشكل خاص، تجاه أزمة العرب، ولا أقول السنّة فقط، مع الخطر الخميني، ومظاهره في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج، وليس فقط دول الخليج.
ربما يستند «اللاشعور» الغربي العميق هذا إلى تاريخ مديد من الصراع الإسلامي - المسيحي الأوروبي؛ منذ أيام الحروب الصليبية لحدّ اليوم، وهي صراعات كان الإسلام «السنّي» فيها هو الطرف الممثل للمسلمين تجاه التهديد الأوروبي، ولم تكن الفرق الأخرى، بشكل عام.
ربما... لكن ليس الغرب اليوم كله كذلك، فلدينا أهم دولة بالغرب، وهي الولايات المتحدة، التي تملك، بقيادة الرئيس ترمب، وعياً «نقياً» إزاء الخطر الذي تمثله هذه الجمهورية الخرافية.
من مظاهر هذا الوعي لدى الإدارة الأميركية الحالية، تعليق مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي ترمب، مؤخراً خلال ندوة في «معهد هدسون» بواشنطن، حين وصف النظام الحاكم في إيران بـ«السرطان الذي وسع دائرته في منطقة الشرق الأوسط». واتهم بنس إدارة أوباما بالتفريط في الأمن العالمي من خلال التراخي مع طهران؛ بل ورفع العقوبات عنها، الذي أدى لتدفق نحو مليار دولار، ذهبت لتمويل الأنشطة الإيرانية الإرهابية.
موقف أوروبا، خصوصاً ألمانيا وفرنسا، من إيران مثير للعجب، وكأنه يريد إيصال رسالة سيئة مؤداها: مشكلتنا مع الإرهاب السنّي فقط وليس الشيعي. وهو أمر يعمّق التوتر أكثر بالمنطقة.
مواجهة «داعش» و«القاعدة» و«النصرة» وكل جماعات الإرهاب السنّي، أمر مجمع عليه، وهذا أمر طيب، لكن لا نجد هذا الإجماع «الحاسم» في مواجهة إرهاب «حزب الله» و«الحشد» والحوثي... تلك قسمة ضيزى.
[email protected]