سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

ماذا يفرح الرجل؟

كان المشهد في الكويت كئيباً في وضوح: يغيب عن قمة مجلس التعاون جميع القادة، إلا طبعاً المضيف، ويشدد على حضورها فرحاً أمير قطر، مبتهجاً بما تسببت به حكومته. بين إلغاء القمة والمضي بها، قررت الكويت ألا يسمى عليها أنها لم تستضف قمة التعاون الأخيرة! وتحول كل شيء إلى شكليات، فلم يستغرق مؤتمر وزراء الخارجية أكثر من ثلاثة أرباع الساعة.
صباح الأحمد كان الأكثر معرفة بقمم مجلس التعاون، وكان الأكثر اطلاعاً على دور قطر فيه منذ انقلاب حمد بن خليفة على أبيه ونفيه إلى الخارج. وعندما بادر إلى الوساطة في الأزمة القطرية، كان يدرك تماماً مدى العقد والتشعبات، وعدد المناورات وعمق التحولات التي ذهبت إليها قطر. ومع ذلك، وحرصاً على المجلس، غامر في الوساطة. ومن باب الحرص نفسه، مضى بالقمة.
كان ذوو النيات الحسنة يعتقدون أن قطر سوف تمهد للعودة إلى أسرة الخليج بالتمهيد للقمة عبر سلسلة من الخطوات الإيجابية: وقف الحرب الشنعاء التي تشنها «الجزيرة» على مصر، وإنهاء خطاب التحريض، وإظهار شيء من التضامن مع الخليج والعرب حيال الاستكبار الإيراني وبيانات الغطرسة والعداء.
فعلت قطر العكس تماماً، ورفعت تحدي الانضمام إلى إيران، كما رفعت من الشدة الإعلامية، مصرة على أنها الضحية، متجاهلة - أو متغافلة - تاريخاً طويلاً معلناً ومجاهراً من العداء والغطرسة حيال بقية الأعضاء داخل المجلس. واستمراراً لهذه الغطرسة المتمادية، جاء أمير قطر ليؤكد أن الماضي مستمر، وليس «عفا الله عما مضى». بل جاء ليعلن هذا الموقف في دار الأمير الوسيط الذي وضع تاريخه السياسي والدبلوماسي على المحك من أجل وساطة ناجحة.
هل خرج أمير قطر من قمة الكويت فرحاً مرحاً كما دخل؛ أي وقد شاهد مدى الغياب بسبب غطرسة الحضور، أم أنه أدرك عمق الضرر الذي ألحقته الدوحة بتلك المؤسسة الاتحادية الوحيدة التي عرفت النجاح في بلاد العرب، فيما فشلت جميع الاتحادات الأخرى؟ هل كان من الضروري أن تلحق قطر باسمها وتاريخها كل هذا؟ ومن أجل مَن؟