مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

{فيسبوك}... لحظة ندم!

لا جديد، ففي الغالب، يكون التفاعل عبر الإنترنت هو النافذة التي هبّ منها هواء التطرف الثقيل على رئة القاتل وعقله.
الداعشي البنغالي، مفجر نيويورك الأخير، واسمه «عقائد الله»! المهاجر لأميركا 2011 بتأشيرة لمّ شمل عائلي إلى عمّه الأميركي الجنسية، قال إنه «بدأ عملية تطرف ذاتي عام 2014 على الأقل». السبب هو: «عندما بدأ يشاهد مواد دعائية لـ(داعش) على الإنترنت، بما في ذلك تسجيل مصور يوجه المؤيدين بتنفيذ هجمات في بلدانهم، إذا لم يتمكنوا من السفر خارجاً».
بعد مرحلة من المغالطات التي روّجها صناع الإنترنت، ومعهم من يتعاطى خمر الإدمان على مواقع السوشيال ميديا، عن أن التطرف له أسباب لا تتعلق بانفجار «ماسورة» السوشيال ميديا، ها هي حكومات الغرب نفسها تقرّ بمعضلة التعامل مع وباء السوشيال ميديا في أكثر من مناسبة.
الأمر لا يختص فقط بتوفير الأدبيات والتوجيهات، وأيضاً التجنيد وبناء «العائلة» الإرهابية المساندة التي تمنح مظلة عاطفية للمجرم، بل تخطى ضرر هذه المنصات المشكلة الإرهابية، لتشويه الحياة الطبيعية للناس، والعلائق التلقائية، وتشجيع القيم الخبيثة، مثل الاستسهال، وتمجيد التفاهة، وتقديس الخفّة.
طبعاً صناع هذه التطبيقات العملاقة، التي تدّر عليهم المليارات والمليارات، يكرهون هذا الكلام، ومعهم كل من «حصّل له قرشين حلوين» من تفاعله على مهرجان التفاعل الاجتماعي.
غير أنه تأتي لحظات اعتراف نادرة، منها اعتراف أحد قادة «فيسبوك» قبل أيام وهو تشاماث باليهابيتيا نائب قسم نمو المستخدمين بالشركة في الفترة بين عامي 2007 و2011 الذي قال في ندوة عامة عن «فيسبوك» وأشباهه: «أعتقد أننا أوجدنا أدوات تمزق النسيج الاجتماعي».
كان ذلك خلال محاضرة بجامعة ستانفورد الأميركية، وأخبر الحضور بأنه توقف عن «فيسبوك»، كما منع أولاده منه أيضاً.
هذا حلّ فردي، قد يعود الرجل أو أولاده لهذا الإدمان لاحقاً، لكن الفكرة هي تشخيص هذا الداء الذي استسلم له الكل.
هناك من قاوم، بطريقة غرائبية ربما، كما في هذا الخبر الذي قرأته من أخبار سبتمبر (أيلول) 2013 أن أسرة كندية دخلت عالم الشهرة بعد أن تبنت فكرة مبتكرة هي خلو المنزل تماماً من أي وسائل تكنولوجية مصنوعة بعد عام 1986، من أجل تشجيع أطفال العائلة على اللعب خارج المنزل.
قلنا مراراً، لا يوجد عاقل يقول إنه بالمقدور إلغاء هذا الواقع الذي يحيط بنا، لكن لا بد من التذكير بأصول الأمور، وأصولها تقول إن القيم الصحيحة الحاكمة للعقل والأخلاق، ستظل هي هي، شاء نشطاء «السوشلة» أما رفضوا، ولو بعد حين.
حتى ذاك الحين... ابحثوا عن جبل يعصمكم من الطوفان.
[email protected]