إيلي ليك
TT

مر عام ولا أدلة على تواطؤ حملة ترمب مع روسيا

أتفق مع الكرملين. ينبغي على الكونغرس الأميركي نشر المذكرة (#releasethememo)، كما يقولون في الوسم الروسي.
لقد جانب الرئيس الروسي الصواب تماماً فيما يتعلق باختبار العقاقير الأولمبية، واستقلال شبه جزيرة القرم، والإبادة الجماعية في سوريا. ولكن روبوتاته لديها كل الحق عندما يتعلق الأمر بلجنة الاستخبارات في مجلس النواب.
وبالنسبة للقارئ غير الملم بالأمر، فإن الأعضاء الجمهوريين في هذه اللجنة، قد صاغوا مسودة تلخص ما جاء في المواد التي رفعها مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل إلى اللجنة. وتزعم هذه الوثيقة، كما تفيد التقارير، وجود انتهاكات ارتكبتها الحكومة الأميركية بشأن التنصت على مساعدي الرئيس دونالد ترمب. وصرح الأعضاء الجمهوريون ممن اطلعوا على الوثيقة للصحافيين أنها أسوأ كثيراً من فضيحة ووترغيت الشهيرة.
وصرح الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة بأنه لا ينبغي علينا أن نصدقهم في ذلك. وطلبوا من شركة تويتر التحقيق في ما إذا كان هناك جيش من اللجان الإلكترونية الروسية ساعد في الترويج للوسم الشهير بعنوان (#releasethememo) أو «انشروا المذكرة». وقام الأعضاء الديمقراطيون بصياغة مذكرتهم الخاصة لدحض المذكرة المزعومة التي أعدها الأعضاء الجمهوريون. وتُبذل كل هذه الجهود بهدف تشويه التحقيقات الرسمية الحقيقية المعنية بالتدخلات الروسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
فكيف يتسنى لنا معرفة من يقول الحقيقة؟ لا بد من نشر المذكرتين معا.
وأعتقد أننا لن نجد أي أدلة دامغة تفيد بأن أحد الأجهزة الأمنية الأميركية قد سيطر على المقر الرئيسي للمباحث الفيدرالية. ولكن كان الجمهوريون على حق بشأن وجود الكثير من التسريبات الانتقائية بشأن هذه التحقيقات لما يربو على عام كامل. فما عليكم سوى رفع الوقائع على الملأ والسماح للرأي العام باتخاذ قراره حيالها.
وبينما نحن في خضم ذلك، ينبغي على اللجنة إبلاغ الرأي العام بشأن سياسة الرئيس السابق باراك أوباما حول الكشف عن الأسماء المنقحة للمواطنين الأميركيين، الذين أطيح بهم في قضية استخبارات الإشارة. ونتذكر عندما أدلى رئيس اللجنة ديفين نونيس بمزاعم حول الأنشطة غير المشروعة في العام الماضي؟ وكان الرد المباشر هو: دعونا نرى الأدلة بأنفسنا.
ولا يمكن التوقف عند هذا الحد. ينبغي على البيت الأبيض نشر النسخة الأصلية للاتصالات التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2016 بين مستشار الأمن القومي الأول في إدارة ترمب، الجنرال مايكل فلين، والسفير الروسي سيرغي كيسلياك. فهل تقدم فلين بوعود لرفع العقوبات التي فرضها أوباما على روسيا قبل شهر واحد من مغادرة منصبه؟ هذا ما يقوله الأعضاء الديمقراطيون. دعونا نكتشف الأمر بأنفسنا.
وعلى نحو مماثل، ينبغي على المفتش العام بوزارة العدل أن يفسر بشكل كامل ما يعنيه العميل بيتر شتروك برسالته النصية التي أرسلت قبل الانتخابات ويذكر فيها «بوليصة التأمين» التي تمت مناقشتها في مكتب نائب مدير المباحث الفيدرالية أندرو ماكابي. وينبغي على المباحث الفيدرالية إبلاغ الرأي العام الأميركي بهوية مسرب محادثات الجنرال فلين في المقام الأول.
والأمة الأميركية في حاجة ماسة إلى الضوء الساطع في هذه اللحظات الراهنة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالرئيس ترمب وروسيا. فإن أغلب ما نعلمه حول هذه الأمور هو نتائج الإفصاحات الانتقائية. ولا نرى سوى المزاعم، والقيل والقال من المسؤولين الحاليين والسابقين في الأمن القومي ومختلف أعضاء الكونغرس. إنهم يلمحون. وربما يتهامسون. ولسنا مخولين بالاطلاع على الأدلة التي اطلعوا عليها. ولذلك ينتهي بنا الأمر إلى حالة من التكهنات المعلقة. أما من نهاية لذلك؟
الآن، من الصحيح أن هناك بعض الأسرار الحكومية التي يجب ألا تنشر للرأي العام، مثل هويات العملاء الأميركيين في الخارج، أو تحركات القوات الأميركية في الحرب. غير أن قصة ترمب وروسيا هي قصة مفرطة في السرية. وفي غالب الأمر فإن الحجة المدفوع بها ضد السرية المفرطة في الدولة هي أنها تسمح للحكومة بإساءة استخدام السلطة من جانب البعض. وفي حين أن ذلك الموقف صحيح، إلا أن هناك خطراً آخر يتمثل في أن هذه الأسرار الرسمية تقوض من نزاهة الإفصاحات. والمسؤولون الحاصلون على التصاريح الأمنية يؤثرون ولا بد على السياسات العامة دون تحمل عبء الإثبات. فبعد كل شيء، تلك المعلومات سرية للغاية.
وكلا الجانبين يقوم بذلك. وأصبح هذا التكتيك، في العام الماضي، تخصصاً من خريجي مدرسة أوباما الذين أشاروا ضمنياً – من دون تقديم أدلة مؤيدة – أن المسؤولين التابعين لإدارة ترمب كانوا مدعومين من قبل عملاء روس. راجعوا شهادة جون برينان المدير الأسبق للاستخبارات المركزية الأميركية أمام الكونغرس في مايو (أيار) الماضي، عندما قال إن هناك مساعدين لترمب غير معروفين وكانوا متعاونين بقصد أو من دون قصد مع هؤلاء المؤثرين الروس.
وأدلى ترمب نفسه بدلوه الخاص في هذه المسألة. فلقد تصرف مثل المراقب السلبي لحكومته الخاصة، مغرداً باتهامات أن المباحث الفيدرالية كانت تتجسس عليه، وكل ذلك مع امتلاكه القدرة على رفع السرية عن الوثائق التي تؤكد وتثبت مزاعمه. ولقد رأينا ذلك في الأسبوع الماضي، في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب. حيث أخبرنا الأعضاء الجمهوريون عن مدى صدمتهم عند معرفتهم بما لا يمكنهم الحديث عنه مطلقاً!
لقد سمعنا على الأرجح عن شكواه بشأن السيد نونيس. وفي العام الماضي، تعرض رئيس اللجنة المذكورة للهجوم اللاذع والشديد من الصحافة. وكان نظيره الديمقراطي، آدم شيف، يفضل الحديث حول ما يعرفه ولا يستطيع البوح به. غير أن الصحافة قد تجاوزت عن تصريحات شيف. ونتذكر في مارس (آذار) الماضي عندما صرح لوكالة (إم إس إن بي سي) الإخبارية أنه اطلع على ما هو أكثر من مجرد «الأدلة الاستنتاجية» لتواطؤ حملة ترمب مع روسيا خلال حملة 2016 الانتخابية. ولقد أطلقت هذه التصريحات ضجيجاً وجلبة في ذلك الوقت. ولقد مر ما يقرب من العام، فأين هذه «الأدلة الاستنتاجية»؟
ولقد حاول السيد شيف في الشهر الماضي تأييد هذه المزاعم. ففي مقالة نشرتها صحيفة «وول ستريت» حاول الربط بين بعض المعلومات التي نعرفها حول ترمب وروسيا: إن الروس تواصلوا مع نجل الرئيس ترمب ووعدوا بتشويه صورة هيلاري كلينتون تماماً، وإن الجنرال فلين ناقش مسألة العقوبات مع السفير كيسلياك، وإن هناك شخصيات متصلة بالكرملين تواصلت هي الأخرى مع موظفين من مستويات أدنى في الإدارة الأميركية، ومنهم جورج بابادوبولوس على سبيل المثال. إن إضافة هذه المعلومات إلى بعضها البعض ليست إلا لغرض الإيحاء فحسب، ولكنها لا تزال معلومات «استنتاجية»!
وربما يقول السيد شيف إنني أبدو كمثل الوسم الروسي (#releasethememo). ولقد حذر السيد شيف يوم الأربعاء الماضي قائلا: «إن الروس، الذين يحاولون تحريك الحملة عبر لجانهم الإلكترونية لرفع السرية عن هذه المعلومات سوف يصابون بسعادة غامرة، إذا ما نشرت مذكرة الأعضاء الجمهوريين على الرأي العام»، ولكنه عاد ليضيف أنه إذا حدث ذلك: «سوف نصر على نشر مذكرة الأعضاء الديمقراطيين على المجال العام سواء بسواء، حتى لا يمكن تضليل الأمة الأميركية بأسرها».
وبعبارة أخرى، لا بد من نشر المذكرتين! ويا لها من بداية جيدة للغاية بالنسبة لي.

- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»