خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

مشكلة عقم

يظهر أن أسرة آل بوربون، الأسرة المالكة في فرنسا كانت تعاني غالباً من مشكل العقم. حتى ذهب بعض المؤرخين إلى الاعتقاد بأن عجز الملك لويس السادس عشر لمدة طويلة عن إنجاب ولد يرث العرش من بعده كان من الأسباب التي ساهمت في وقوع الثورة ضده وتآمر بعض النبلاء عليه.
كذا كانت المشكلة مع لويس الثالث عشر الذي بقي مدة طويلة من دون وريث شرعي للعرش غير شقيقه، مما أقلق الملكة آن دوتريش كثيراً. وكانت كأكثر النساء تكره شقيق زوجها. دفعها ذلك إلى مضاعفة صلواتها داخل الكنيسة وخارجها أملاً في أن يرزقها الله ابنا يرث العرش الفرنسي بعد زوجها. بالطبع سمع بذلك شقيق الملك فتقدم إليها ذات يوم بعد واحدة من هذه الصلوات وقال لها:
سيدتي أرى جيداً أنك تطلبين مساعدة قضاتك ضدي. وأنا لا أطلب أكثر من أن أراك تكسبين دعواك، فيما لو كان لجلالة الملك رأس المال الكافي.
إذا كان لويس الثالث عشر (1601 - 1643) متخلفاً أو مقصراً في الإنجاب، فإنه كان متفوقاً في حب النكتة والدعابة كما يتضح من الحكاية التالية:
ألحت إحدى السيدات النبيلات على مطالبة زوجها الدوق، وكانت حديثة الزواج به، بأن يقدمها للملكة آن دوتريش وكان الزوج بعيد النظر وتخوف – كمعظم الرجال – من نتائج تقديم زوجته للملكة وما قد تقع فيه من سوء اللغو وهفوات الكلام. بيد أن الزوجة واصلت إلحاحها. لم يبق بيد الرجل الحكيم غير أن يطلب إذناً من البلاط لتقديم زوجته إلى صاحبة الجلالة آن دوتريش. بيد أنه أسرع وهمس في أذن الملكة قائلاً: لست أدري كيف أعتذر لجلالتك ولكن زوجتي تشكو منذ طفولتها من عاهة مؤلمة – إنها صماء.
وبعد أن تم تحديد الموعد واصطحب زوجته في طريقها إلى صالون الملكة، همس في أذنها محذراً: لا تنسي أن صاحبة الجلالة تعاني من الصمم في كلتا أذنيها. وكان قبل ذلك قد أخطر الملك بالمقلب. ولم يستطع الملك أن يقاوم الرغبة في التلصص والتفرج على هذا المشهد الكوميدي الملكي. كل واحدة منهما تعتقد أن الأخرى طرشة. فكان مشهداً فريداً في تاريخ الملكية الفرنسية.
قبل ممات لويس الثالث عشر بسنوات قليلة، استجابت الأقدار لدعاء الملكة فولدت ابنا ذكراً في سان جيرمان ما فتئ حتى آل إليه الحكم بعد قليل فأصبح لويس الرابع عشر الذائع الصيت الذي لم يشاطره أحد في علو المنزلة وضخامة الأفعال في فرنسا غير نابليون بونابارت. وكان كسلفه وأبيه وكنابليون خلفه من بعد. وكلهم ممن عرفوا بروح النكتة وحضور البديهة وبلاغة القول مما ستكون لنا لقاءات مع نماذج من حكاياتهم، حكايات آل بوربون العريقة الحسب والنسب.