زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

قامات مشرفة

يذخر عالمنا العربي بقامات مشرفة في مجالات عدة مختلفة، ودائماً ما أكتب عنهم كلما جاءت المناسبة لذلك! وهدفي دائماً هو التعريف بهؤلاء العباقرة وتقديم نماذج مشرفة لشبابنا الذين يحتاجون لأن يقتدوا بهؤلاء، وأن يعرفوا سيرتهم وقصة نجاح كل منهم. وكما هو واضح من عنوان المقال فالشخصية التي أكتب عنها اليوم هي لأستاذ الدبلوماسية السفير أحمد قطان الذي يختتم مهام عمله الآن سفيراً لخادم الحرمين الشريفين لدى مصر ومندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية لكي يبدأ مهام عمله الجديد، الذي نتمنى له فيه كل التوفيق والنجاح. ومن خلال عملي ومحاضراتي في كل دول العالم تقريباً تعاملت مع الكثير من أساتذة الدبلوماسية، سواء سفراء أو قناصل، وأستطيع أن أقول إن هؤلاء هم جنود مجهولون يتحملون أعباء لا حدود لها في عالم متغير لا تعرف فيه موازين ثابتة، وهم يستحقون منا وسام الاحترام على ما يقومون به لبلادنا ووطننا الكبير. أما عن أحمد قطان فهو نموذج مثالي للدبلوماسي العاشق لبلده والمستعد لتحمل فوق ما يطيقه البشر من أجل بلده السعودية وبلده الثاني مصر. تحولت السفارة السعودية على يد أحمد قطان ليس إلى أكبر سفارة لدولة عربية في مصر، وإنما إلى أكبر سفارة في الشرق الأوسط والعالم حجماً وتمثيلاً، وعندما سألت أحمد قطان عن ذلك كان جوابه أن السعودية ومصر هما ميزان العالم العربي وصمام الأمان لشرقه وغربه، ولذلك فالتنسيق بينهما لا بد وأن يتم كل ثانية ودقيقة ويحتاج إلى إمكانيات ضخمة. وبالفعل برهن أحمد قطان على كلامه، واستطاع أن يعبر فترات عصيبة شهدتها كل من مصر والسعودية خلال سنوات ما بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وتحمل السفير قطان الكثير لكي يحافظ على تواصل الشقيقتين، وبناء علاقات أقوى من رياح الحاقدين والمتربصين بالشقيقتين.
ولمن لم يتعامل مع أحمد قطان لا بد أن يعلم أن الرجل أنعم الله عليه بأخلاق الفرسان والنبلاء، تجده دائماً في المواقف الصعبة، له علاقات طيبة بالجميع، لا تشغله مهامه عن زيارة مريض أو مواساة أحد يعرفه، سواء من قريب أو بعيد. وقد لا يعرف كثير من الناس أن أحمد قطان قام بفتح مبنى السفارة السعودية، وكذلك مقر السفير نفسه بجزيرة الزمالك لدعوة المثقفين والعلماء من كل التخصصات والمجالات والجنسيات لإلقاء محاضرات عامة في تخصصاتهم، حتى صار صالونه الثقافي المعروف باسم «رياض النيل» الصالون الثقافي الأول في مصر، وأعاد لنا عطر زمن جميل كانت الصالونات الثقافية تملأ مصر المحروسة. وأحرص دائماً على ألا يفوتني لقاء أو محاضرة من محاضرات صالونه الثقافي الذي جذب أقطاب العلوم والفنون والثقافة إليه، وأستمتع دائماً بعلم من يحاضر، وكذلك بطريقة إدارة أحمد قطان لهذه الندوات بكل علم وثقافة مثيرة للدهشة؛ فقبل بدء الندوة ترى أحمد قطان يرحب بضيوفه ويستقبلهم عند الباب، ثم يقدم المحاضر وكأنه صديق مقرب يعرف عنه كل صغيرة وكبيرة، وبعد أن يعطي المحاضر وقته الكامل يبدأ الحوار والنقاش مع الضيف برقى يجعل من هذه الندوات متعة تنسينا هموم الحياة. استطاع السفير قطان أن يضيف بعداً إنسانياً راقياً لعمل السفير، واستطاع أن ينال حب المصريين واحترامهم.