يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما بين 23 و25 الجاري، بزيارة دولة إلى الولايات المتحدة الأميركية، هي الأولى من نوعها لرئيس دولة غربي منذ وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وبعيدا عن البروتوكول، وما يوفره من تفخيم وتعظيم للضيف الزائر، فإن هذه الزيارة ترتدي أهمية استثنائية بسبب توقيتها من جهة، وبسبب الملفات الأساسية المتعلقة بالشرق الأوسط التي ستوفر الفرصة للتباحث بها، ويتقدمها الاتفاق النووي الإيراني، مع اقتراب الموعد النهائي لمهلة ترمب.
وبحسب المصادر الرئاسية، فإن باريس تأمل «بفضل العلاقات الجيدة والتواصل المستمر» بين ماكرون وترمب، في تعزيز دينامية العلاقات رغم اختلاف المواقف بين باريس وواشنطن بشأن عدد من الملفات، ومنها النووي الإيراني، واعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، ومستقبل الحضور الأميركي في سوريا. وقبل واشنطن سيزور ماكرون برلين لتنسيق المواقف مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي بدورها ستزور واشنطن، وليكون بوضعية تمكنه من التكلم باسم الأوروبيين، وليس فقط باسم فرنسا.
وتقول المصادر الرئاسية إنها تأمل في أن تكون الزيارة «مفيدة»؛ إلا أنها تبادر عقب ذلك لخفض سقف التوقعات، عما هو منتظر منها بخصوص الملفات المذكورة سابقا. ففي الملف النووي الإيراني، تعتبر باريس أن الزيارة «لن تكون المناسبة للتوصل إلى اتفاق» مع الرئيس ترمب حول استمرار الطرف الأميركي ملتزما بالاتفاق النووي المبرم مع إيران صيف عام 2015؛ علما بأن ساكن البيت الأبيض أمهل الكونغرس الأميركي والعواصم الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق «باريس ولندن وبرلين» حتى الثاني عشر من مايو (أيار) لتوفير الضمانات والحجج التي من شأنها إقناعه بالمضي به.
وتنقل المصادر الفرنسية عن أوساط البيت الأبيض أن ترمب «لم يتخذ بعد قرارا نهائيا» بشأن البقاء أو الخروج من الاتفاق؛ إلا أن باريس تعترف بأن هناك «إشارات غير مشجعة» لجهة الموقف الذي سيتخذه ترمب في المحصلة، استنادا لما يرشح عن مقربين من البيت الأبيض، واستنادا لوصول وزير خارجية ومستشار للأمن القومي معارضين للاتفاق.
لا تريد المصادر الرئاسية الخوض في «الخطة باء» والغوص في السيناريوهات البديلة أو ما سيكون عليه موقف باريس، في حال نقضت واشنطن الاتفاق. لذلك فإنها تركز على العمل المشترك الذي تقوم به «الفرق الفنية» المختلطة (أوروبية وأميركية) لبلورة «وثيقة» سيتم عرضها على الرئيس الأميركي لمعرفة ما إذا كانت تفي بالغرض، وهو توفير الضمانات التي يطلبها، ليس فقط بالنسبة للملف النووي الإيراني، ولكن أيضا بالنسبة لبرامج طهران الصاروخية والباليستية وسياستها الإقليمية.
ويبدو مما قاله الإليزيه أن العمل انتهى من «الوثيقة» على المستوى الفني، وأنها نقلت إلى المستوى السياسي لإبرامها قبل نقلها إلى البيت الأبيض. وتعترف باريس بأن «لحظة الحقيقة» قد اقتربت مع انتهاء المهلة التي أعطاها ترمب، ما يدفع الأطراف الأوروبية إلى بذل مزيد من الجهود لتوفير الحجج والقناعات، وخصوصا «الضمانات» التي يطلبها الرئيس الأميركي؛ لكن ما غاب عن شروحات المصادر الرئاسية هي نتيجة الاتصالات مع إيران، وما تقبله أو لا تقبله من تدابير وخطوات لـ«طمأنة» الطرف الأميركي.
وتؤكد باريس أنها ولندن وبرلين «على الخط نفسه»، حول سبل التعاطي مع طهران، وما يتعين عمله في الملفين الباليستي والسياسة الإقليمية، مقابل التمسك بالاتفاق النووي الذي أصبحت الحجج الفرنسية بشأنه معروفة وواضحة.
وكان هذا الملف قد عرض بالتفصيل خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى فرنسا بداية الأسبوع الماضي. ولم يخف الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان اختلاف نظرتهما لهذا الاتفاق ومستقبله. وبالمقابل، بدا تفاهمهما قويا بشأن المسألتين الأخريين.
والخلاصة التي وصلت إليها المصادر الرئاسية مفادها أنه «لا يتعين توقع اختراق رئيسي» في هذا الملف، بمناسبة زيارة الدولة.
وتشدد باريس على أن خطورة الملف الإيراني «لا يجب أن تغطي على الأهمية السياسية» للزيارة، نظرا لكثير من الملفات التي ستناقشها، ومنها الإرهاب، والوضع في سوريا، ومستقبل الحل السياسي في هذا البلد، والسياسة الأميركية تجاه النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
وبخصوص الملف السوري، تجنبت مصادر الإليزيه التلميح إلى «الجدل» الذي اندلع بين ماكرون والبيت الأبيض، بعد أن قال الرئيس الفرنسي في مقابلة تلفزيونية إنه «أقنع» الرئيس ترمب بالإبقاء على القوات الأميركية في سوريا لفترة طويلة، وهو ما ردت عليه الناطقة باسم البيت الأبيض، بأن الرئيس الأميركي ما زال يريد إعادة القوات الأميركية سريعا. ولا يخفي المسؤولون الفرنسيون «قلقهم» من «تبدلات» المواقف في واشنطن؛ لكن ماكرون يعول على العلاقة الوثيقة والخاصة التي بناها مع ترمب لمحاولة التأثير عليه في الملف السوري.
وحتى أمس، تحاشى المسؤولون الفرنسيون الإفصاح عن موقفهم من رغبة البيت الأبيض في إحلال قوات عربية محل القوة الأميركية الموجودة شمال شرقي سوريا، البالغ عددها نحو ألفي رجل. كذلك تجهل باريس «الخطط» الأميركية لمستقبل سوريا، وهي تعول على المحادثات التي ستجرى خلال الزيارة التي يشارك فيها وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد.
يبقى الملف الفلسطيني المتفجر واقتراب تاريخ نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما تتخوف منه فرنسا. وسبق لماكرون أن عارضه بقوة. إلا أن المصادر الرئاسية أفادت بأن باريس «وعدت» واشنطن بالامتناع عن أي «مبادرة»، طالما لم تفصح الإدارة الأميركية عن «خطتها» للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويتطابق هذا الموقف مع الموقف الذي تبناه الاتحاد الأوروبي في اللقاء الرسمي مع الرئيس الفلسطيني مؤخرا في بروكسل؛ حيث نصحه بانتظار أن تكشف واشنطن رسميا عن خططها؛ علما بأن كثيرا من تفاصيل الخطة الأميركية أصبح معروفا.
7:57 دقيقة
مصادر فرنسية تستبعد تغير موقف ترمب من نووي إيران
https://aawsat.com/home/article/1242441/%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86
مصادر فرنسية تستبعد تغير موقف ترمب من نووي إيران
قالت إن المؤشرات الآتية من واشنطن «غير مشجعة» لكن الرئيس الأميركي لم يتخذ بعد قراراً «نهائياً»
- باريس: ميشال أبونجم
- باريس: ميشال أبونجم
مصادر فرنسية تستبعد تغير موقف ترمب من نووي إيران
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة