حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

مقاومة التغلغل الإيراني

الضجر من التغلغل الإيراني في مناطق الشرق الأوسط وتمدد هذا النظام الدموي عسكرياً وسياسياً وآيديولوجياً بلغ منتهاه، والعالم كله مطالب بالوقوف ضد هذا التغلغل الذي قاد إلى عدم استقرار المنطقة، وأشعل فتيل الطائفية فيها.
السعودية تتعرض لهجمات صاروخية باليستية حوثية، الضاغط على زر إطلاقها أصابع إيرانية، فإيران هي التي جلبتها وهربتها في الداخل اليمني، وهي التي دربت الحوثيين عليها، وإيران هي التي تنخر في تركيبة اليمن المذهبية لإحلال المذهب الجعفري الإثني عشري محل المذهب الزيدي السائد في اليمن، رغبة في ربط ولاء اليمن سياسياً ومذهبياً بقُم، كما فعلته في سوريا حين عملت إيران جاهدة على تغيير الخريطة المذهبية في سوريا عبر مسارين؛ المسار الأول تهجير ملايين السوريين السنة من سوريا، والمسار الثاني إحلال المذهب الجعفري الإثني عشري محل المذهب العلوي، وهو ما أطلق إشارته الرئيس حافظ الأسد كما تقول مصادر مقربة من الرئيس.
إذن إيران تعمل على كل المسارات السياسية والعسكرية والآيديولوجية لغرز براثنها في دول منطقة الشرق الأوسط تمهيداً للاحتلال الكامل كما فعلت في سوريا واليمن. وهو ما لا يمكن للسعودية السكوت عليه وقد بلغ خطر الخمينية ذروته بإطلاق إيران يد الحوثي للهجوم صاروخياً على المدن السعودية، إن الخط البياني للصراع السعودي الإيراني يأخذ مساراً تصاعدياً، فقد ظل مدة طويلة صراعاً بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان كما تسميه بعض وسائل الإعلام العالمية، لكنه تحول في أزمة اليمن إلى صراع مباشر بين السعودية وحليف إيران في اليمن ميليشيات الحوثي، وإذا استمرت إيران في توسيع نفوذها واحتلالاتها في الشرق الأوسط، فهذا يعني أن التصادم حتمي ومسألة وقت.
لكن لا يزال الوقت متسعاً لتجنب حرب كارثية خطرة ضد الخمينية في إيران تقودها دول العالم عليها، حيث يجب العمل على تقليص نفوذ الخمينية وقصقصة أذرعتها وخلخلة تحالفاتها التي بنتها ودعمتها خلال الثلاثين سنة الماضية، وهذا يتطلب من دول المنطقة ضرورة مراجعة استراتيجيات الصراع مع غول الخمينية الخطر، وأقوى ما يمكن أن تُواجه به الخمينية المعتدية هو في ترتيب الخصومات، فمن خلال سبر حركة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط سنجد أنها تتسلل مستغلة الخصومات والخلافات الجانبية، فتستفرد بهذا أو ذاك وتجعله معبراً لنفوذها وجسراً لطلائع غزاتها، إذن متغيرات المرحلة تتطلب اتجاهاً معاكساً، أي بناء التحالفات مهما كان قدر الخلاف، فهذا من شأنه أن يضعف الجبهة الإيرانية ويقوي جبهة خصومها.
العامل الثاني الذي سيضعف جبهة الخمينية ويخلخل نفوذها هو في حث بعض الدول العربية التي لا تزال تتخذ مواقف «رخوة» من التغلغل الإيراني وتهديده لدول المنطقة، وتعتبر صد هذا النفوذ ومحاربته يندرج تحت «الصراع الطائفي»، وهذا بالتأكيد تسطيح للأزمة ونقص في الوعي.
العامل الثالث لمقاومة التغلغل الإيراني هو في تنظيم حملة متقنة للتخلص من أذرعة إيران الخيرية والثقافية والتربوية والتعليمية والتأهيلية في الدول العربية والإسلامية، فهي التي تمثل الخطوط الأمامية لنفوذها السياسي والعسكري في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، بل وفي بقية الدول العربية والأفريقية والآسيوية ودول جنوب شرقي آسيا وحتى في الدول الغربية، وذلك من خلال مسارين؛ المسار الأول مقاومة هذه المؤسسات التي تبشر بالخمينية ومحاولة التخلص منها، تماماً كما فعل التحالف الإسلامي حين قوى علاقاته بإحدى الدول الأفريقية، أقدمت هذه الدولة على إغلاق كل المؤسسات الخمينية التعليمية والتربوية والتأهيلية وحتى الإغاثية، والمسار الثاني بإحلال البديل بدعم العمل التطوعي المؤسساتي وضبط إيقاعه وتسهيل دروبه.