أوروبا ترفض منح إيران ضمانات لـ«النووي»

اكتفت بالإعراب عن «نوايا حسنة» وتعهدت إجراءات لحماية أعمالها في طهران

وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيران مع موغيريني بعد الاجتماع أمس (أ.ب)
وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيران مع موغيريني بعد الاجتماع أمس (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض منح إيران ضمانات لـ«النووي»

وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيران مع موغيريني بعد الاجتماع أمس (أ.ب)
وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيران مع موغيريني بعد الاجتماع أمس (أ.ب)

رفضت أوروبا منح إيران ضمانات لاستمرار العمل بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، لكنها أكدت وجود «نوايا حسنة جادة تجاه طهران»، بعد اجتماع ضم وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران في بروكسل أمس، لمناقشة مستقبل الاتفاق.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، عقب الاجتماع الذي دام 90 دقيقة، مساء أمس، إن الاتحاد «لا يستطيع تقديم ضمانات قانونية واقتصادية لإيران»، لكنه «جاد» بشأن البحث عن سبيل لمواصلة الاستثمارات وسيطرح إجراءات في هذا الصدد في الأسابيع المقبلة. وأشارت إلى أن الوزراء المشاركين في الاجتماع كلفوا خبراء بحماية الأعمال الأوروبية في إيران.
وسيعقد اجتماع في فيينا الأسبوع المقبل على مستوى نواب وزراء الخارجية. وأوضحت موغيريني: «نحن نعمل على إيجاد حل عملي... نحن نتحدث عن حلول للحفاظ على الاتفاق. تلك الإجراءات ستسعى للسماح لإيران بمواصلة تصدير النفط وللبنوك الأوروبية بالعمل في إيران».
واعتبر وزير الخارجية الإيراني اجتماع أمس «بداية جيدة على المسار الصحيح» فيما يتعلق بكيفية إنقاذ الاتفاق، لكنه قال إن «هناك الكثير الذي يتوقف على ما يمكننا فعله في الأسابيع القليلة المقبلة». وتحدث عن «اتفاق على خطة عمل».
وجاء الاجتماع المشترك بعد ساعات من مباحثات منفصلة خلف الأبواب المغلقة مع موغيريني، في إطار مساعي الدول الأوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي، بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب خروجه منه.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إن العلاقات الأوروبية الأميركية تعرضت لانتكاسة بسبب قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. وأضافت خلال مؤتمر للاتحاد الألماني لنقابات العمال أن أوروبا تعلم أنشطة إيران لكنها ما زالت تؤمن بأن الالتزام بالاتفاق النووي هو أفضل سبيل للمضيّ قدماً، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».
جاء ذلك على الرغم من اعتراف ميركل بوجود نقاط ضعف في الاتفاق مع إيران لكنها طالبت بوجوب الحفاظ عليه. وأضافت: «بريطانيا وفرنسا وألمانيا كانت ترى أن الاتفاق ضد التسلح النووي الإيراني هو اتفاق بالتأكيد له نقاط ضعف، ولكنه اتفاق يجب أن نقف إلى جانبه».
وقبل الوزراء الثلاثة، كان ظريف قد ناقش مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تنفيذ الاتفاق النووي ما بعد الخروج الأميركي وتداعيات ذلك على مستقبل الاتفاق. وقال ظريف عقب انتهاء اجتماعه مع موغيريني إنه «مستعد لمفاوضات للحركة بالاتجاه إلى الأمام لضمان مصالح كل الأطراف في الاتفاق النووي بما فيها إيران».
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: «سنبحث سبل استمرار الاتفاق مع إيران من دون الولايات المتحدة». وتابع: «نود أن نعرف ما يتوقعه الإيرانيون، وكيف يمكن تحقيق التوازن مع تأثير العقوبات الأميركية الحالية والمقبلة».
وتأتي زيارة ظريف بعد تعليمات من الرئيس الإيراني حسن روحاني لقيام الخارجية الإيرانية بجولة دبلوماسية للحد من تداعيات الخروج الأميركي من الاتفاق النووي الأسبوع الماضي.
وكان ترمب قد أمهل الدول الأوروبية في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، 4 أشهر لرفع ما اعتبرها ثغرات في الاتفاق النووي، ولا سيما دورها الإقليمي المزعزع للاستقرار وبرنامج الصواريخ الباليستية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، قبل الاجتماع في بروكسل، إن «المملكة المتحدة وشركاءنا الأوروبيين ما زالوا ينظرون إلى الاتفاق النووي باعتباره أمراً حيوياً لأمننا المشترك، ويبقون ملتزمين تماماً بدعمه».
عقب اللقاء نقلت وكالات أنباء إيرانية عن ظريف أن مشاوراته كانت «بناءة وجيدة». ووفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية قال ظريف «إنه شدد على ضرورة تنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل من جميع الأطراف وانتفاع إيران من ثماره». وتابع أنه ناقش طريقة الرد وكذلك سبل تأمين المصالح الإيرانية في إطار الاتفاق.
وحسب إعلان ظريف فإن المفاوضات ستتواصل على مدى الأسابيع الثلاثة المقبلة على مستوى الخبراء. ويأمل الاتحاد الأوروبي في إقناع إيران بمواصلة احترام الاتفاقية النووية التاريخية.
وفي هذا الصدد، جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، مطالب طهران بحفظ الاتفاق النووي شرط تقديم ضمانات لطهران. وقال إن «قرارَي واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ونقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، خطآن تاريخيان سيؤديان إلى عزل الولايات المتحدة».
بدوره، قال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني: إن «إيران ليست مستعدة إطلاقاً لإضافة أو نقص أي شيء من الاتفاق»، مشيراً إلى أن القضايا المطروحة في هذا الشأن «مجرد وهم أميركي». ولفت إلى أن إيران «لن ترضخ إذا ما أرادت الدول الأوروبية والولايات المتحدة إضافة فقرات جديدة بما فيها القضايا المطروحة حول الاتفاق النووي». وأفادت «إيسنا» نقلاً عن ولايتي تصريحاته خلال استقباله وفداً أكاديمياً من سوريا، بأنه «أمام الأوروبيين فرصة قصيرة لإثبات التزامها في الاتفاق النووي، لكن إذا أرادوا أن يضعوا شروطاً فنحن لن نقبل».
وكانت إيران قد أعلنت أنها مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم «على المستوى الصناعي من دون أي قيود»، إلا إذا قدمت القوى الأوروبية ضمانات ملموسة لاستمرار العلاقات التجارية رغم إعادة العقوبات الأميركية.
في هذا الصدد، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، أمس (الثلاثاء)، إن إيران مستعدة لاستئناف برنامجها النووي ودفعه إلى مستويات أعلى كثيراً مما كان عليه قبل اتفاق 2015 الذي قلّص أنشطة البلاد النووية في مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء عن صالحي قوله «لدينا القدرة، ونحن مستعدون لاستئناف أنشطتنا النووية لمستويات أعلى إذا فشلت المحادثات مع الأوروبيين في إنقاذ الاتفاق النووي بعد خروج أميركا منه».
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد رضا نوبخت، رداً على منتقدي سياسة إدارة روحاني للتفاوض بعد خروج ترمب من الاتفاق، إنه «ليس وقت أن ينشغل المسؤولون في الجهاز الدبلوماسي بهذه القضايا في حين أنهم منشغولون بسياسات على المستوى العالمي»، مشدداً على ضرورة عدم التفكير إلا في المصالح القومية.
وأضاف نوبخت في مؤتمره الأسبوعي، أن الاتفاق النووي «تخطى كل المراحل الدستورية والحقوقية في داخل البلاد قبل تنفيذه»، وتابع أن تنفيذ إيران للاتفاق جاء «بناءً على الإجماع الوطني»، لافتاً إلى أنه حظي بتأييد المرشد الإيراني والبرلمان.
ودعا نوبخت إلى مقارنة أوضاع إيران ما بعد الاتفاق النووي بأوضاعها قبل بداية المفاوضات النووية في 2013، حيث «تخلى عن إيران حتى الأصدقاء»، وذلك في إشارة إلى عدم استخدام الفيتو من جانب روسيا والصين عندما صوّت مجلس الأمن على إدراج إيران تحت الفصل السابع.
وتساءل نوبخت في هذا السياق عما إذا كانت الحكومة في ذلك الحين «كان ينبغي عليها الموافقة على العقوبات»، وقال إنه «إذا لم تقْدم الحكومة على أي خطوة من المؤكد فإن التاريخ لن يغفر لنا. نحن أثبتنا أن النشاط النووي الإيراني ليس عسكرياً وهذا ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وجدد نوبخت دفاعه عن الاتفاق النووي وقال إنه «رفع العقوبات عن إيران وإن بقيت مشكلات من العلاقات البنكية لكن إيران خرجت من العقوبات الأميركية».



الأرجنتين تطلب توقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتفجير في 1994

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي في اجتماع للحكومة (الرئاسة الإيرانية)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي في اجتماع للحكومة (الرئاسة الإيرانية)
TT

الأرجنتين تطلب توقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتفجير في 1994

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي في اجتماع للحكومة (الرئاسة الإيرانية)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي في اجتماع للحكومة (الرئاسة الإيرانية)

أعلنت الأرجنتين الثلاثاء أنّها طلبت من «الإنتربول» توقيف وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي بتهمة ضلوعه في التفجير الذي استهدف مركزاً يهودياً في بوينس آيرس في 1994 أدى إلى مقتل 85 شخصاً.

وقالت وزارة الخارجية الأرجنتينية إنّ وحيدي هو حالياً في عداد وفد إيراني يزور باكستان وسريلانكا، وقد أصدر «الإنتربول»، بناء على طلب الأرجنتين، نشرة حمراء بحقّه.

وأضافت أنّ الأرجنتين طلبت أيضاً من حكومتي باكستان وسريلانكا توقيف الوزير الإيراني وتسليمها إياه على ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي 12 أبريل (نيسان)، حمّلت محكمة أرجنتينية إيران المسؤولية عن هجوم استهدف مركز «الجمعية التعاضدية الإسرائيلية-الأرجنتينية» (أميا) في العاصمة. وأسفر الهجوم بشاحنة محمّلة بالمتفجرات، عن مقتل 85 شخصاً وإصابة 300 آخرين بجروح. وكان هذا الهجوم الأكثر دموية في تاريخ الأرجنتين.

كما حمّلت إيران مسؤولية هجوم آخر في 1992 على السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس.

ولم تتبن أي جهة هجوم 1994 لكن الأرجنتين وإسرائيل تشتبهان منذ فترة طويلة بأن «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران نفذ الهجوم بطلب من طهران.

واتهم ممثلو الادعاء كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدار الأمر بالهجوم مع أن طهران نفت أي تورط لها.

واتهمت المحكمة رسمياً «حزب الله» ووصفت الهجوم على مركز الجمعية الذي أسفر عن سقوط أكبر عدد من القتلى في تاريخ الأرجنتين بأنه «جريمة ضد الإنسانية».

وقالت الخارجية الأرجنتينية في بيانها الثلاثاء إنها «تسعى إلى اعتقال دولي للمسؤولين عن الهجوم الذين ما زالوا في مناصبهم مع إفلات تام من العقاب».

وأكد البيان الذي وقعته وزارة الأمن الأرجنتينية أيضاً أن «أحدهم هو أحمد وحيدي المطلوب من قبل القضاء الأرجنتيني بصفته أحد المسؤولين عن الهجوم على الجمعية التعاضدية الإسرائيلية-الأرجنتينية».

ذكرت الأرجنتين سابقاً أن وحيدي، وهو عضو كبير سابق في «الحرس الثوري» الإيراني، هو أحد العقول المدبرة الرئيسية للتفجير وطلبت تسليمه.

وكان وحيدي قائد «فيلق القدس» ذراع «الحرس الثوري» الخارجية للعمليات الاستخباراتية والعسكرية، قبل تولي قاسم سليماني الذي قضى بضربة أميركية مطلع 2020.

تحقيق طويل

في حكمهم هذا الشهر، نظر القضاة الأرجنتينيون في الوضع الجيوسياسي عند وقوع الهجمات ووجدوا أنها تتوافق مع مواقف السياسة الخارجية تجاه إيران في عهد الرئيس الأرجنتيني آنذاك كارلوس منعم (1989-1999).

وخلصت المحكمة إلى أن «أصل الهجمات يكمن بشكل أساسي في القرار الأحادي الذي اتخذته الحكومة - بدافع من التغيير في السياسة الخارجية لبلادنا بين أواخر 1991 ومنتصف 1992 - لإلغاء ثلاثة عقود لتوريد المعدات والتكنولوجيا النووية المبرمة مع إيران».

وحمّل القضاة إيران المسؤولية في عهد الرئيس الإيراني آنذاك علي أكبر هاشمي رفسنجاني بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين آخرين وأعضاء في «حزب الله».

في 2006 طلبت المحاكم الأرجنتينية تسليمها ثمانية إيرانيين من بينهم رفسنجاني، وعلي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني الحالي، ومحسن رضايي قائد «الحرس الثوري» الأسبق، ووحيدي الذي شغل منصب وزير الدفاع عندما كان محمود أحمدي نجاد رئيساً.

وفي 2013، وقعت الرئيسة كريستينا كيرشنر مذكرة مع إيران يمكن بموجبها للمدعين الأرجنتينيين استجواب المشتبه بهم خارج الأرجنتين.

وأعربت الجالية اليهودية في الأرجنتين عن غضبها واتهمت الرئيسة بتدبير عملية تستر.

وفتح المدعي العام ألبرتو نيسمان تحقيقاً في 2015 عندما كانت كيرشنر في السنة الأخيرة من ولايتها الثانية. وقبل أن يدلي بشهادته أمام الكونغرس عثر على جثته مقتولاً برصاصة في الرأس.

وما زال سبب الوفاة - انتحاراً أو قتلاً - مجهولاً. وفي نهاية المطاف، أسقط النظام القضائي الأرجنتيني تحقيقه في قضية كيرشنر.


إيران تقلِّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة

عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا (أرشيفية- متداولة)
عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا (أرشيفية- متداولة)
TT

إيران تقلِّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة

عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا (أرشيفية- متداولة)
عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا (أرشيفية- متداولة)

قلَّصت إيران من وجودها العسكري في سوريا، بعد ضربات إسرائيلية استهدفت عدداً من قيادييها العسكريين، وفق ما أفاد مصدر مقرَّب من «حزب الله» اللبناني و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ سنوات النزاع الأولى في سوريا، كانت إيران أحد أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. وينتشر نحو 3 آلاف مقاتل ومستشار عسكري من «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا، حسب «المرصد»؛ لكن طهران تتحدَّث فقط عن مستشارين يعاونون القوات الحكومية، حسبما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتدعم طهران مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله»، في القتال إلى جانب الجيش السوري. ويتحدَّث «المرصد» عن وجود عشرات الآلاف من المقاتلين الموالين لإيران، سوريين ولبنانيين وأفغان وباكستانيين في مختلف المناطق.

وقال مصدر مقرَّب من «حزب الله» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من دون الكشف عن هويته: «أخلت القوات الإيرانية منطقة الجنوب السوري، وانسحبت من مواقعها في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة» في جنوب البلاد، خلال الأسابيع الماضية.

وأضاف: «لها في دمشق مكتب تمثيلي فقط يتمّ عبره التواصل بين الدولة السورية والحلفاء»، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران.

وأشار إلى أن الاجتماعات «كانت تُعقد داخل القنصلية الإيرانية، ظناً (من منظِّميها) أنهم بمأمن من الضربات الإسرائيلية»، وفق المصدر ذاته.

لكنَّ القصف الذي استهدف مطلع أبريل (نيسان) القنصلية الإيرانية في دمشق، والذي نسبته طهران ودمشق إلى إسرائيل، شكَّل ضربة موجعة. وأسفر القصف عن مقتل 7 عناصر في «الحرس الثوري»، بينهم قياديان، أحدهما هو أكبر مسؤول عسكري إيراني في سوريا.

وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: «أخلت القوات الإيرانية مقرَّات بدءاً من دمشق وفي جنوب البلاد، وصولاً إلى الحدود مع الجولان المحتل من إسرائيل، خشية استهدافها مجدداً».

وأضاف أن مقاتلين من «حزب الله» وآخرين عراقيين حلُّوا مكان القوات الإيرانية في المناطق المذكورة.

ورداً على استهداف القنصلية، أطلقت إيران ليل 13 أبريل مئات المُسيَّرات والصواريخ على إسرائيل، في أول هجوم إيراني مباشر على الدولة العبرية، رداً على قصف مبنى القنصلية الإيرانية. واستهدفت هجمات نُسبت إلى إسرائيل وسط إيران الأسبوع الماضي؛ لكن إيران قلَّلت من أهميتها.

وإذا كان قصف القنصلية سرَّع سحب قوات إيرانية من محافظات عدة في سوريا، فإن عملية تقليص الوجود العسكري بدأت منذ مطلع العام، على وقع ضربات إسرائيلية طالت أهدافاً إيرانية منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، إثر هجوم غير مسبوق شنَّته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وأوضح المصدر المقرَّب من «حزب الله» أن تقليص عدد القوات الإيرانية بدأ بعد غارة اتهمت طهران إسرائيل بشنِّها على مبنى في حي المزة في دمشق يوم 20 يناير (كانون الثاني)، وأدَّت إلى مقتل 5 مستشارين إيرانيين، بينهم مسؤول استخبارات «الحرس الثوري» في سوريا ونائبه.

واتهمت إيران في 25 ديسمبر (كانون الأول) إسرائيل بقتل رضي موسوي، القيادي البارز في «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» في ضربة قرب دمشق.

وحسب «المرصد»، غادرت دفعة من المستشارين الإيرانيين خلال شهر مارس (آذار) على وقع الضربات الإسرائيلية.


إيران وباكستان تدعوان مجلس الأمن لاتخاذ إجراء ضد إسرائيل

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته باكستان (د.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته باكستان (د.ب.أ)
TT

إيران وباكستان تدعوان مجلس الأمن لاتخاذ إجراء ضد إسرائيل

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته باكستان (د.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته باكستان (د.ب.أ)

دعت إيران وباكستان، اليوم الأربعاء، مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراء ضد إسرائيل، وقالتا إنها استهدفت دول جوار ومنشآت دبلوماسية أجنبية «بشكل غير قانوني».

جاءت التصريحات التي تتهم إسرائيل «بالتصعيد البالغ في منطقة مشتعلة بالفعل»، خلال بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم، بعد زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، امتدت لثلاثة أيام، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد وصل، أمس الثلاثاء، إلى لاهور في زيارته الرسمية لباكستان، والتي استهدفت تعزيز العلاقات بين الدولتين، وزيادة حجم التجارة الثنائية.

وحذَّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إسرائيل مجدداً من الهجوم على بلاده، قائلاً إن الوضع سيكون مختلفاً في حال حدوث ذلك. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن رئيسي قوله، خلال كلمة ألقاها أمام النخب العلمية والثقافية في جامعة جي.سي.يو بإقليم بنجاب في باكستان، اليوم الثلاثاء: «في حال قيام الكيان الصهيوني بأي عدوان جديد على الأراضي الإيرانية، فإن الوضع سيكون مختلفاً تماماً، ولا أحد يعلم ما إذا كان سيبقى شيء من هذا الكيان».

وفي وقت سابق هذا الشهر، شنت إيران أول هجوم مباشر على إسرائيل باستخدام عشرات الطائرات المُسيرة وصواريخ كروز، وذلك بعد مقتل قائد كبير في «الحرس الثوري» في هجوم يُعتقد أنه إسرائيلي استهدف مجمع السفارة الإيرانية بدمشق. ويوم الجمعة الماضي، دوَّت انفجارات في مدينة أصفهان بوسط إيران، قال القائد العام للجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي، إنها ناجمة عن تصدي الدفاعات الجوية لعدد من «الأجسام الطائرة». وكان الهجوم إسرائيلياً، على ما يبدو؛ رداً على هجوم طهران على إسرائيل.


في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران

إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
TT

في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران

إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

قالت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية اليوم (الأربعاء) إن وفداً من بيونغ يانغ برئاسة وزير التجارة الدولية يزور إيران حالياً، وذلك في تقرير علني نادر عن تعاملات البلدين اللذين يُعتقد بأن لهما علاقات عسكرية سرية.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن وزير العلاقات الاقتصادية الخارجية يون جونغ هو غادر بيونغ يانغ، أمس (الثلاثاء) جواً على رأس وفد وزاري لزيارة إيران. ولم تذكر تفاصيل أخرى.

ويُشتبه منذ فترة طويلة بأن كوريا الشمالية وإيران تتعاونان في برامج الصواريخ الباليستية، وربما تتبادلان الخبرات الفنية والمكونات التي تدخل في تصنيعها.

وأفادت «رويترز» في فبراير (شباط) بأن إيران قدمت عدداً كبيراً من الصواريخ الباليستية إلى روسيا لاستخدامها في حربها مع أوكرانيا.

ويُشتبه أيضاً بأن كوريا الشمالية تزود روسيا بالصواريخ والمدفعية، على الرغم من أن كلا البلدين نفى هذا الادعاء.

وتشير قاعدة بيانات حكومة كوريا الجنوبية إلى أن يون سبق له العمل على توطيد علاقات كوريا الشمالية مع سوريا.

وكان ليون دور نشط في المعاملات المتزايدة بين كوريا الشمالية وروسيا؛ حيث قاد هذا الشهر وفداً لزيارة موسكو، وفقاً لوكالة الأنباء المركزية الكورية.


بطلب من الأرجنتين... «الإنتربول» يلاحق وزير الداخلية الإيراني

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
TT

بطلب من الأرجنتين... «الإنتربول» يلاحق وزير الداخلية الإيراني

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

أعلنت الأرجنتين الثلاثاء أنّها طلبت من الإنتربول توقيف وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي بتهمة ضلوعه في التفجير الذي استهدف مركزاً يهودياً في بوينوس آيرس في 1994.

وقالت الوزارة إنّ وحيدي هو حالياً في عداد وفد إيراني يزور باكستان وسريلانكا وقد أصدر الإنتربول، بناء على طلب الأرجنتين، نشرة حمراء بحقّه.

وأضافت أنّ الأرجنتين طلبت أيضاً من حكومتي باكستان وسريلانكا توقيف الوزير الإيراني وتسليمها إياه.

وفي 12 أبريل (نيسان)، حمّلت محكمة أرجنتينية طهران المسؤولية عن هجومين دمويين استهدفا قبل ثلاثة عقود الجالية اليهودية في البلاد.

وفي 1992 خلّف هجوم على السفارة الإسرائيلية في بوينوس آيرس 29 قتيلاً. بعد ذلك بعامين، تعرّض مركز «الجمعية التعاضدية الإسرائيلية-الأرجنتينية» (أميا) في العاصمة لتفجير نُفّذ بشاحنة محمّلة بالمتفجرات، ممّا أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة 300 آخرين بجروح.

وبعد أكثر من ثلاثة عقود على هذين الهجومين، حمّلت الغرفة الثانية في محكمة النقض الجنائية إيران المسؤولية عنهما، معلنة إياها «دولة إرهابية».

كما اتهمت المحكمة «حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران، ووصفت الهجوم على مركز أميا - الأكثر دموية في تاريخ الأرجنتين - بأنه «جريمة ضد الإنسانية».

والثلاثاء، قالت وزارة الخارجية في بوينوس آيرس في بيان، إنّ «الأرجنتين تسعى إلى الاعتقال الدولي للمسؤولين عن الهجوم الذي استهدف مركز أميا في 1994 وأسفر عن مقتل 85 شخصاً والذين ما زالوا في مناصبهم في ظلّ إفلات تامّ من العقاب».

وأضافت أنّ أحد هؤلاء المطلوبين «هو أحمد وحيدي، المطلوب من قبل العدالة الأرجنتينية باعتباره أحد المسؤولين عن الهجوم على مركز أميا».

وتابعت: «هذا الشخص يشغل حالياً منصب وزير الداخلية في جمهورية إيران الإسلامية، وهو في عداد وفد حكومي يزور حالياً باكستان وسريلانكا».

ولفت البيان إلى أنّ «الأرجنتين طلبت من حكومتي باكستان وسريلانكا اعتقاله وفقاً للآليات التي يوفّرها الإنتربول».

وعيّن الفريق وحيدي وزيراً للداخلية في 2021 بعد أن شغل سابقاً منصب وزير الدفاع.

وحين وقع اعتداء بوينس آيرس، كان وحيدي قائداً لفيلق القدس، وحدة العمليات السرية في الحرس الثوري الإيراني.

وتوجد في الأرجنتين أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية يبلغ تعداد أفرادها نحو 300 ألف شخص. كما يعتبر هذا البلد موطناً لمجتمعات مهاجرين من الشرق الأوسط، خصوصاً من سوريا ولبنان.

يوجد في الأرجنتين أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية، حيث يبلغ عدد أعضائها حوالي 300 ألف. كما أنها موطن لجاليات المهاجرين من الشرق الأوسط - من سوريا ولبنان على وجه الخصوص.


إيران «على بُعد أسابيع» من مواد قنبلة نووية


عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
TT

إيران «على بُعد أسابيع» من مواد قنبلة نووية


عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)

أفاد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، بأن إيران باتت «على بعد أسابيع وليس أشهراً» عن امتلاك المواد الكافية لتطوير قنبلة نووية.

وأعرب غروسي عن قلقه من اقتراب طهران لهذا المستوى، لكنه قال إن «هذا لا يعني أن إيران تملك أو ستملك سلاحاً نووياً في غضون تلك الفترة الزمنية»، لافتاً إلى أن «الرأس الحربي النووي الفعال يتطلب أشياء إضافية كثيرة بمعزل عن امتلاك المواد الانشطارية الكافية».

وجدّد غروسي في حديث لقناة «دويتشه فيله»، دعوة طهران لرفع مستوى التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية، بما يتناسب مع متطلبات الوكالة، محذراً من تزايد الشكوك بشأن شفافية البرنامج الإيراني. وقال إنه ينوي زيارة طهران، الشهر المقبل، لمناقشة القضايا العالقة بين الطرفين، قبل أن يصدر تقريراً فصلياً حول الأنشطة الإيرانية.

وطالبت القوى الغربية غروسي بتقديم تقرير فصلي في توقيت مبكر على الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية المقرر مطلع يونيو (حزيران) في فيينا، وذلك لتمكينها من مناقشة قرارات حول إيران.

في الأثناء، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، جواد كريمي قدوسي، إن إيران قادرة على إجراء أول اختبار نووي خلال أسبوع إذا صدر إذن بذلك. وقالت مواقع إيرانية إنه كان يشير إلى فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن تحريم الأسلحة.

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قال الاثنين إن «الأسلحة لا مكان لها في العقيدة النووية الإيرانية»، وذلك بعدما هدد مسؤول إيراني بمراجعة السياسة النووية إذا تعرضت المنشآت لقصف إسرائيلي.


استقالة قائد المنطقة الوسطى في إسرائيل أخطر من استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
TT

استقالة قائد المنطقة الوسطى في إسرائيل أخطر من استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

أكدت مصادر سياسية وعسكرية بتل أبيب أن إعلان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يهودا فوكس، أنه ينوي الاستقالة من منصبه في أغسطس (آب) المقبل، يشكل ضربة كبيرة للمؤسسة العسكرية.

وعلق عدد منهم على مظاهر الفرح التي بدت واضحة في ديوان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قائلاً إن «هذا الحدث المفرح لدى نتنياهو ورفاقه في اليمين هو بمثابة مصيبة بالنسبة للقدرات العسكرية»، وحذرت من هزة ذات تبعات قوية على مستوى استراتيجي عالمياً، لافتين إلى أنها «أخطر حتى من استقالة رئيس (أمان) (شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش)، أهرون هاليفا».

المعروف أن الجنرال فوكس، ورغم صداقته المميزة مع الجنرال هاليفا، فإن استقالته جاءت لأسباب مختلفة ولا تمت بصلة إلى أوضاع الحرب على غزة، ولا إلى الإخفاق الذي حصل قبيل السابع من أكتوبر (تشرين الأول). فهو مسؤول عن الضفة الغربية وليس عن غزة. لذلك فإن استقالته تثير علامات سؤال واستفهام كثيرة جداً.

ويعد الفلسطينيون والمستوطنون اليهود على السواء فوكس «معادياً لهم». بالنسبة للفلسطينيين يعد لعنة، لأنه المسؤول المباشر عن التصعيد الذي تشهده الضفة الغربية منذ توليه زمام القيادة، في أغسطس 2021. وفي مارس (آذار) 2022، باشر تنفيذ خطة عسكرية باسم «كاسر الأمواج»، ينظم خلالها حملات اعتقال ليلية، تستمر حتى اليوم، أي لأكثر من سنتين، بلا توقف. وقد استهدفت الاعتقالات بحسب البيانات الرسمية «مشتبهين بالنشاط الإرهابي المسلح في جميع أنحاء الضفة الغربية».

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد هجوم للجيش الإسرائيلي على مخيم الفارعة للاجئين (إ.ب.أ)

كما تعمد إجراء الاعتقالات بشكل جماعي، حيث يداهم في كل ليلة 10 - 15 بلدة لاعتقال شخص أو أكثر. أول عملية اعتقال مثل هذه تحولت إلى عملية احتلال عسكري بكل معنى الكلمة، يشارك فيها مئات الجنود والضباط، يطوقون البيت المقصود بعدة دوائر: تطويق للبلدة، تطويق آخر للحي، وتطويق ثالث للبيت. ويحتلون أسطح البيوت المحيطة، بعد اقتحامها والبطش بسكانها. ثم يقتحمون بيت المعتقل وينشرون جو رعب. وإذا جرى الاعتراض فيرد الجيش بعنف وحدة. وإذا جرت مقاومة فيتم إطلاق الرصاص الحي والقنابل وحتى الصواريخ بلا تردد.

وقد تسببت هذه الاعتقالات في عدة اشتباكات، في بعض الأحيان، وكلما وقعت إصابة في الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم (ووقعت بالفعل إصابات كثيرة)، كان ينتقم بطرق جنونية. ففي مخيمات اللاجئين مثلاً، دمّر الجيش الإسرائيلي البنى التحتية تماماً، الشوارع والمجاري وخطوط المياه وقنوات التصريف والجوالات والكهرباء. حصل هذا في معظم المخيمات، وبشكل خاص في مخيمات جنين ونور شمس وبلاطا والعوجا. وكان يجلب الجرافات من طراز «D - 9»، ويدخلها في أزقة المخيم لتهدم بيتاً، وفي طريقها تهدم الأسوار وكل ما تصطدم به، بما فيها البيوت والمقاهي والحوانيت. وحيثما يصطدم بمقاومة وكمائن، وقد اصطدم فعلاً بكثير من المقاومة، كان يدمر ويقتل أكثر، واستخدم الطائرات المقاتلة من طراز «إف 16» و«أباتشي» ليقصف البيوت والطائرات المسيّرة للاغتيالات.

عداء المستوطنين

المعروف أن هذا التصعيد، ترافق مع تشكيل حكومة اليمين المتطرفة بقيادة نتنياهو، وتعيين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، وإيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي، وهما اللذان جلبا معهما سياسة البطش بالأسرى في السجون ومضاعفة الاقتحامات للأقصى وانفلات المستوطنين، وتشكيل حرس وطني عبارة عن ميليشيات مسلحة، الذي كان أحد الأسباب الأساسية لانفجار هجوم حماس في 7 أكتوبر.

لكن الجنرال فوكس، حاول في بعض الحالات عمل بعض التوازن، فمنع إقامة بؤر استيطانية وأخلى بعضاً منها وفرض حوالي 20 أمر اعتقال إداري ضد مستوطنين أشاعوا الفوضى، وخططوا لعمليات إرهاب يهودي ضد الفلسطينيين.

وقبل عدة شهور كشف النقاب عن أنه أجري تدريباً في الجيش على سيناريو قيام إرهابيين يهود بخطف فلسطيني رهينة.

فلسطيني من قرية ترمسعيا الفلسطينية بالضفة الغربية يعبر كتابات بالعبرية «الانتقام - الموت للعرب» تركها مستوطنون في الضفة الغربية 18 فبراير الماضي (أ.ب)

لذلك، ناصبه المستوطنون العداء، ودعا بن غفير لإقالته، وتعرض لحملة تحريض دموية من المستوطنين في الشبكات الاجتماعية، ونشرت صوره عليها شارة النازية (الصليب المعقوف)، وصور أخرى ألبسوه فيها حطة فلسطينية. ويقال إن رئيس الشاباك، رونين بار، دخل ذات مرة غاضباً على نتنياهو، وقال له: «في عهدك سيتم اغتيال جنرالات في الجيش». وتم وضع حراسة خاصة على فوكس، ليكون اللواء الوحيد في الجيش تحت حراسة 24 ساعة، وذلك خوفاً من اغتياله بأيدٍ يهودية.

لذلك، فقد أصيب فوكس باليأس. وحسب هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، فإن فوكس اجتمع برئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي، قبل نحو الشهر، وأبلغه أنه يعتزم الاستقالة من منصبه، في الصيف المقبل. لكن الخبر تسرب فقط يوم أمس. ونقلت هيئة البث عن مقربين من فوكس أنه يشعر بأنه «استنفد نفسه»، وقرر إنهاء مسيرته العسكرية بعد 6 سنوات من ترقيته إلى رتبة لواء، خدم خلالها لمدة ثلاث سنوات بصفته ملحقاً عسكرياً في واشنطن، وثلاث سنوات كان فيها قائداً للمنطقة الوسطى.

وحاول هليفي ثنيه عن عزمه، مؤكداً له أنه ضابط واعد ويريد له أن يعين نائباً لرئيس الأركان. لكنه رفض. ورجّح موقع «واي نت» أن تكون «الأجواء الصعبة والمشحونة في الجيش بشكل عام وهيئة الأركان العامة بشكل خاص، في ظل الحرب (على غزة)، قد دفعت فوكس إلى الاعتقاد بأنه من الصواب أن يخلع زيه العسكري ويعود للحياة المدنية».

طفل يقف بجوار مبنى تضرَّر خلال هجوم إسرائيلي على مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية يناير الماضي (أ.ف.ب)

ويخشى هليفي أن تكون هذه الاستقالة بداية لسلسلة استقالات لكبار الضباط في الجيش من دون علاقة مع موضوع الحرب، أو إضافة للضباط الذين ينوون الاستقالة بسبب إخفاق 7 أكتوبر، مثل رئيس الأركان نفسه وقائدي القيادة الجنوبية الحالي والسابق، ورئيس شعبة العمليات، وقائد فرقة غزة وضباط آخرين موجودين في قائمة الذين يتحملون مسؤولية مباشرة، وسيضطرون إلى استخلاص العبر من ذلك. ولذلك تعد استقالة فوكس بداية إعصار في الجيش الذي يُعتقد أنه سيتعرض لهزة كبيرة.

إزاء كل ذلك، يبدو أن نتنياهو وحده يواصل التصرف كأن هذه الأمور لا تتعلق به أبداً، بل يعتقد أنه يفرك يديه فرحاً. إن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل سيكون هائلاً، وإن هذه النار ستحرق بالتالي أيضاً ثياب نتنياهو بينما هي على جسده.


الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة

جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة

جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إن إسرائيل أمرت بعمليات إخلاء جديدة في منطقة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، واصفاً إياها بأنها «منطقة قتال خطيرة»، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

قال سكان، في وقت سابق اليوم، إن إسرائيل كثفت ضرباتها في أنحاء قطاع غزة في بعض من أعنف عمليات القصف منذ أسابيع، وقصفت شمال القطاع الذي كان الجيش الإسرائيلي قد سحب قواته منه في السابق. ووردت أيضاً أنباء عن ضربات جوية وقصف دبابات في المناطق الوسطى والجنوبية فيما قال سكان إنه قصف شبه مستمر. وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحركة «حماس»، إن دبابات الجيش توغلت مجدداً شرق بيت حانون على الطرف الشمالي لقطاع غزة الليلة الماضية، لكنها لم تتوغل كثيراً في المدينة. ووصل إطلاق النار إلى بعض المدارس التي يحتمي بها نازحون هناك.


مقتل جندي إسرائيلي في غزة يرفع الإجمالي إلى 261 منذ بدء العملية البرية

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل جندي إسرائيلي في غزة يرفع الإجمالي إلى 261 منذ بدء العملية البرية

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)

أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن الجيش الإسرائيلي بمقتل جندي في شمال قطاع غزة، أمس الاثنين.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أوضحت الصحيفة أن الجندي يُدعى سالم الكريشات وعمره 43 عاماً.

وأضافت أنه بمقتل الجندي يرتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 261 منذ بدء العملية العسكرية البرية في قطاع غزة.


حملة «قمع» في إيران تواكب التوتر مع إسرائيل

إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

حملة «قمع» في إيران تواكب التوتر مع إسرائيل

إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)

في نفس اليوم الذي شنّت فيه إيران أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل، شرعت السلطات في مواجهة أقل متابعة في الداخل، وأمرت الشرطة في عدة مدن بالنزول إلى الشوارع لاعتقال النساء المتهمات بانتهاك قواعد الحجاب.

وتصرّ السلطات على أن حملتها المسماة «نور» تستهدف الشركات والأفراد الذين يتحدون قانون الحجاب، بهدف الاستجابة لمطالب المواطنين المتدينين الغاضبين من العدد المتزايد للنساء غير المحجبات في الأماكن العامة.

لكن الناشطين وبعض السياسيين أبلغوا وكالة «رويترز» أن الحملة لا تهدف على ما يبدو إلى فرض ارتداء الحجاب فحسب، بل إلى كبت أي معارضة أشمل في لحظة ضعف بالنسبة للحكام الدينيين.

وشدّدت حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي من الإجراءات الصارمة لتطبيق قانون الحجاب الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة. ويواجه المخالفون التوبيخ العلني أو الغرامات أو الاعتقال.

وأصبحت هذه القوانين قضية سياسية ملتهبة، منذ أن تحولت الاحتجاجات على وفاة امرأة شابة أثناء احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق» في البلاد عام 2022 إلى أسوأ اضطراب سياسي منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وفي استعراض للعصيان المدني، ظهرت النساء غير المحجبات بشكل متكرر في الأماكن العامة منذ وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً. وقمعت قوات الأمن بعنف الانتفاضة اللاحقة التي دعت إلى إسقاط الحكومة.

ومع بدء الهجوم الإيراني بالطائرات المسيرة والصواريخ في 13 أبريل (نيسان)، ظهر قائد شرطة طهران عباس علي محمديان على شاشة التلفزيون الرسمي للإعلان عن الحملة الجديدة.

اعتقالات

قال: «اعتباراً من اليوم، ستنفذ الشرطة في طهران والمدن الأخرى إجراءات ضد من تنتهكن قانون الحجاب»، فيما انتشر مئات من عناصر الشرطة في شوارع العاصمة والمدن الأخرى.

ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لوجود كثيف لشرطة الأخلاق في طهران، ومقاطع مصورة للشرطة، وهي تعتقل بعنف نساء زعمت أنهن يرتدين ملابس غير لائقة، بما في ذلك قوات أمن بملابس مدنية تجرّ شابات إلى عربات الشرطة.

واختفت عربات شرطة الأخلاق إلى حد كبير من الشوارع منذ العام الماضي. وسرعان ما أثارت الحملة تعبيرات شعبية عن الانزعاج.

وبسبب القلق بشأن ما يقولون إنه قد يكون صدعاً عميقاً بين المؤسسة والمجتمع كله، انتقد بعض السياسيين حملة القمع المكثفة.

قوات الشرطة الإيرانية في أحد الشوارع مع بدء تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)

وكتبت السياسية الإصلاحية، آذر منصوري، على موقع «إكس»: «... في الوقت الذي أصبحت فيه الوحدة الوطنية أكثر أهمية من أي وقت مضى، تتزايد نفس المشاهد القبيحة (التي شوهدت خلال الاحتجاجات) مع مزيد من العنف ضد النساء والفتيات الإيرانيات! أي نوع من السياسة هذه؟».

ونشر وزير العمل السابق، علي ربيعي، على حسابه على موقع «إكس»: «أنا حقاً لا أفهم عندما يشعر الشعب الإيراني بالارتياح والفخر بخصوص مواجهة إسرائيل، فجأة مجموعة (من صناع القرار) تدفع المجتمع نحو المواجهة مع المؤسسة!».

ويشتبه البعض الآخر في أن الحملة لها دافع سياسي. وقال ناشط في مجال حقوق الإنسان في طهران إن هذه الخطوة تهدف إلى «بثّ الخوف في المجتمع لمنع أي احتجاجات مناهضة للحرب وقمع المعارضة الداخلية عندما يكون الحكام في حالة حرب مع إسرائيل».

موقف أكثر صرامة

قال الناشط، الذي تحدث شريطة عدم نشر هويته بسبب حساسية الأمر: «لم يكن من باب المصادفة أنه في نفس يوم الهجوم على إسرائيل، غمرت الشرطة الشوارع. فقد كانوا يخافون من عودة الاضطرابات».

وقد أثار احتمال اندلاع حرب مع إسرائيل، بعد سلسلة من الأعمال الانتقامية المتبادلة بين الخصمين اللدودين، قلق كثير من المواطنين العاديين الذين يكابدون بالفعل مجموعة من المشكلات تتراوح بين الضيق الاقتصادي إلى تشديد القيود الاجتماعية والسياسية بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد بين عامي 2022 و2023.

وقال مسؤول حكومي سابق يوصف بالمعتدل إن رجال الدين الذي يحكمون البلاد تبنوا موقفاً أكثر صرامة في وجه الأصوات التي تطالب بتغييرات سياسية واجتماعية خشية أن تكتسب مثل هذه الآراء زخماً في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط خارجية.

وقال المسؤول السابق: «هذا جزء من استراتيجية الحكام لتعزيز قبضتهم على السلطة عندما تواجه البلاد تهديدات من عدوها اللدود إسرائيل».

وقال سياسي إيراني، وهو برلماني سابق، إن «الأمر لا يتعلق بقمع النساء اللاتي ينتهكن قواعد الزي فقط. ففي الأيام الماضية، شهدنا حملة قمع جلية ضد أي مظهر للمعارضة».

وبحسب مواقع إخبارية معارضة، فقد تعرض صحافيون ومحامون ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان وطلاب للاعتقال أو الاستدعاء أو غير ذلك من التدابير خلال الأيام الماضية. وأشارت تلك المواقع إلى أن التهمة الأساسية الموجهة لمن تم إلقاء القبض عليهم كانت «إثارة الرأي العام».

ووفقاً لوسائل إعلام رسمية، فقد سبق أن حذّرت وحدة الاستخبارات التابعة لـ«لحرس الثوري» الإيراني، في 14 أبريل، رواد وسائل التواصل الاجتماعي من أي منشورات تتضمن دعماً لإسرائيل.