صوّت ملايين الفنزويليين الذين أنهكتهم أزمة اقتصادية عميقة أمس في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل يهدف نيكولاس مادورو من خلالها إلى البقاء في الرئاسة، وسط غياب أي منافس جدّي له. وفتحت مراكز الاقتراع لاستقبال نحو 20 مليون ناخب مسجل في هذه الانتخابات المبكرة التي تجري في دورة واحدة وتقاطعها المعارضة ولا يعترف بها جزء من الأسرة الدولية.
ومادورو هو الأوفر حظا للفوز بفترة جديدة مدتها ست سنوات تبدأ في يناير (كانون الثاني) 2019، رغم أن نسبة كبيرة من الفنزويليين ليسوا موافقين على إدارته بعدما أنهكهم نقص المواد الغذائية والأدوية والمياه والكهرباء ووسائل النقل، إلى جانب غياب الأمن وارتفاع كلفة المعيشة. ويضاف إلى كل ذلك الرواتب المتدنية التي لا يسمح الحد الأدنى منها بشراء أكثر من نصف كيلوغرام من اللحم. وفضل مئات الآلاف من الأشخاص مغادرة البلاد.
وبضمان سيطرته على السلطات الانتخابية والعسكرية وانقسام المعارضة، يبدو الطريق معبَّداً أمام الزعيم الاشتراكي الذي يؤكد أنه وريث «التشافية» (المبادئ السياسية لهوغو شافيز رئيس فنزويلا من 1999 إلى 2013). وكتب مادورو أول من أمس على موقع «تويتر»: «ندافع عن (...) الحق في بناء مستقبل عادل ومزدهر».
وفي مواجهة مادورو، ترشح المنشق عن تيار شافيز هنري فالكون (56 عاما) على الرغم من قرار تحالف المعارضة «منصة الوحدة الديمقراطية» مقاطعة الاقتراع. ويتنافس فالكون والمرشح المعارض الآخر القس الأنجيلي خافيير بيرتوتشي (48 عاماً) على أصوات الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من حكم مادورو، ما يعزز فرص الرئيس المنتهية ولايته في الفوز.
وأشارت معظم استطلاعات الرأي إلى تعادل مادورو (55 عاما) سائق الشاحنة السابق، وفالكون، بينما تعود نسبة امتناع كبيرة بالفائدة على الرئيس المنتهية ولايته.
وتتهم المعارضة الرئيس بـ«المحسوبية» وبالسعي للسيطرة على المجتمع بوعده بتقديم مكافآت لحاملي «البطاقة الوطنية» التي تسمح بالاستفادة من البرامج الاجتماعية. لكن رئيسة المجلس الوطني الانتخابي تيبيساي لوسينا استبعدت أول من أمس احتمال أن تكون أموال دُفِعت إلى ناخبين خلال الانتخابات.
وأعلن تحالف المعارضة «منصة الوحدة الديمقراطي» عن نحو مائة تظاهرة أمس في المدن التي يقيم فيها فنزويليون في العالم تحت شعار «مادورو ارحل». وإلى جانب المعارضة، ترفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و«مجموعة ليما» وهي تحالف لـ14 دولة في أميركا والكاريبي تدين تشدد حكومة كراكاس، هذا الاقتراع معتبرة أنه ليس ديمقراطياً ولا حرّاً ولا شفافاً. ويتهم هؤلاء جميعا مادورو بتقويض الديمقراطية. فأربعة أشهر من مظاهرات المعارضة شبه اليومية التي أسفرت عن سقوط 125 قتيلا في منتصف 2017، شطبت بإنشاء جمعية تأسيسية تشكل السلاح السياسي القوي في خدمة المعسكر الحاكم.
من جهة أخرى، فرضت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي عقوبات ضد الرجل الثاني في السلطة في فنزويلا ديوسدادو كابيو. وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية في بيان أنه فرض عقوبات ضد هذا المسؤول لتورطه في قضايا فساد. وفرضت واشنطن عقوبات على «ثلاثة مسؤولين حاليين وسابقين» آخرين اعتبرتهم «شخصيات رئيسية في شبكة الفساد المرتبطة بكابيو». والشخصيات هي خوسيه ديفيد كابيو ومارليني يوسيفينا كونتريراس شقيق وشقيقة كابيو اللذان تعتبرهما الإدارة الأميركية «مسؤولين حاليين أو سابقين في الحكومة الفنزويلية»، و«أحد ممثلي كابيو» رافايل الفريدو ساريا.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان إن «الشعب الفنزويلي يعاني من السياسيين الفاسدين الذين يحكمون قبضتهم على السلطة ويملأون جيوبهم الخاصة». وأضاف أن مثل هذه الشخصيات «يستفيدون من مناصبهم الرسمية للاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال واختلاس الأموال العامة وغيرها من الأنشطة الفاسدة».
وقال مادورو على وقع موسيقى الريغي التي ترافق تجمعاته عادة «لا يهمني أن يصفوني بـ(الديكتاتور). لن نستسلم للابتزاز. لا يهم إلا يعترفوا (بالانتخابات): رئيس فنزويلا منتخب من الشعب وليس من قبل دونالد ترمب». وفي آخر تجمع انتخابي له في الحملة، تلقى مادورو دعم بطل كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي أكد أنه «جندي» لديه.
وجرى نشر نحو 300 ألف عسكري وشرطي لضمان أمن الاقتراع. وتعاني فنزويلا التي تضررت من تراجع أسعار النفط منذ 2014 وتعتمد بـ96 في المائة من عائداتها على النفط، من نقص في العملات الأجنبية أغرقها في أزمة حادة، ودفع مئات الآلاف من السكان إلى الرحيل. وخلال خمس سنوات انخفض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45 في المائة حسب صندوق النقد الدولي الذي يتوقع تراجعا بنسبة 15 في المائة في 2018. ويؤكد مادورو أن هذا الوضع ناجم عن «حرب اقتصادية» يقوم بها اليمين والولايات المتحدة لإطاحته. وقال مركز الأزمات الدولية إن «الأزمة حادة إلى درجة أنها يمكن أن تؤدي إلى توتر داخل تحالف المدني والعسكري الحاكم أو انقسام اجتماعي أكبر».
8:17 دقيقة
مادورو يتجه للفوز بفترة جديدة في انتخابات مثيرة للجدل
https://aawsat.com/home/article/1274901/%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%88-%D9%8A%D8%AA%D8%AC%D9%87-%D9%84%D9%84%D9%81%D9%88%D8%B2-%D8%A8%D9%81%D8%AA%D8%B1%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84
مادورو يتجه للفوز بفترة جديدة في انتخابات مثيرة للجدل
مقاطعة المعارضة والرفض الدولي خيّما على الاقتراع الرئاسي
مادورو يتجه للفوز بفترة جديدة في انتخابات مثيرة للجدل
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة