زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

السر في وادي القرود

بدأت الحفائر في هذا الوادي العجيب، الذي لم تعمل فيه أي بعثات أجنبية بحجم البعثات التي تحفر في وادي الملوك الشرقي، والذي كشف فيه هيوارد كارتر عن مقبرة الملك توت عنخ آمون في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922. وإذا تتبعنا الحفائر التي تمت بوادي الملوك الشرقي ووادي الملوك الغربي - الذي يعرف بوادي القرود - نجد أن الأجانب هم فقط الذين حفروا في الواديين، ولم يحدث من قبل أن قامت بعثة مصرية بالحفر في الوادي إلا البعثة التي قامت تحت رئاستي بالعمل في الواديين الشرقي والغربي عام 2007 حتى 2010.
أما وادي الملوك فهو ينقسم إلى واديين؛ الأول ويعرف بالوادي الشرقي، والثاني الوادي الغربي، لذلك يطلق عليهما معاً اسم الواديين، وأطلق على الوادي الشرقي اسم «وادي بيبان الملوك»، أما الوادي الغربي فقد أطلق عليه «وادي القرود»، والسبب في هذه التسمية يرجع إلى أهالي المنطقة الذين دخلوا مقبرة الملك «آي» التي تأخذ رقم 23 بالوادي وشاهدوا داخلها منظراً لعدد 12 قرداً، وهو أحد المناظر المتصلة بأحد الكتب الدينية والمعروف باسم «كتاب ما هو موجود في العالم الآخر»، وهذا النوع من الكتب كان يساعد الملك في رحلته إلى العالم الآخر.
أما عن الوادي الغربي الذي نقوم بالحفر فيه الآن فقد سبق أن قمنا بالحفائر في نفس المكان عام 2007 إلا أن الثورة التي قامت في يناير (كانون الثاني) 2011 أوقفت عمل البعثة المصرية. وهذا الوادي كما سبق وأشرت بأن عدداً قليلاً من البعثات قامت بالعمل فيه، وأول وأضخم بعثة عملت في الوادي الغربي هي البعثة المصرية التي أقودها الآن. وقد أعلنت أنني أبحث عن مقبرة الملكة «عنخ إس إن آمون» زوجة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون. ويعتبر الوادي الغربي أحد الأودية العملاقة، فهو يتكون من الوادي العلوي، وهو عبارة عن وادٍ ضخم وشديد الاتساع وينحدر إلى أسفل ليصب في الوادي السفلي الصغير الضيق، وهو مكان عمل البعثة الآن. وتسمح هذه المظاهر الجغرافية بتجمع الأمطار الغزيرة بكميات هائلة من الرمال والطمي، وأيضاً الكتل الحجرية الضخمة من الحجر الجيري المتكلس في الوادي الضيق السفلي، وهذا هو سبب وجود كميات الرديم الهائلة في الوادي، ولذلك يحجم العلماء عن العمل في هذا المكان لصعوبة الوادي؛ وأن أي نتائج للبحث تأتي بعد سنوات طويلة من العمل الشاق، وخصوصاً لأن الوادي الغربي يعتبر أكبر مرتين من الوادي الشرقي، ولذلك لن تأتي بعثة أجنبية للعمل بهذا الوادي لأن النتائج غير مضمونة، لذلك ركز العمل في الوادي الشرقي الذي دفن فيه أغلب الملوك، ويعتبر الملك توت عنخ آمون هو ثامن ملك يدفن في هذا الوادي، والملك رمسيس العاشر هو آخر ملك يدفن بالوادي، وكُشف بالوادي الشرقي عن مقبرتين كاملتين؛ الأولى للملك توت، والثانية غير ملكية وهي مقبرة يويا وتويا، أم وأبي الملكة تي، أقوى امرأة في التاريخ الفرعوني. كذلك تم الكشف عن مقبرة الملك أمنحتب الثاني التي عثر بداخلها على مومياء الفرعون داخل التابوت، بالإضافة إلى تسعة مومياوات أخرى داخل حجرة مغلقة في المقبرة.