زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

تاريخ وادي القرود

لم يعثر بوادي الملوك الغربي - المعروف بوادي القرود - إلا على مقبرتين ملكيتين وثلاث مقابر أخرى غير معروفة، ولذلك فإن مقابر كل من الوادي الشرقي والغربي تصل إلى 64 مقبرة فقط. وهنا قد يتساءل البعض عن سبب إهمال علماء المصريات للحفائر في الوادي الغربي.
وقد يرجع السبب في ذلك إلى الكشف عن مقبرة الملك «توت عنخ آمون» بواسطة هيوارد كارتر عام 1922 في الوادي الشرقي، الأمر الذي فتح شهية علماء المصريات والأثريين للبحث عن اكتشافات أخرى كبيرة مثل هذا الكشف وعمل حفائر في الوادي الشرقي. وقد يكون هناك سبب آخر مهم، وهو أن العمل في الوادي الغربي صعب وشاق جداً؛ وذلك لكميات الرديم الهائلة المطلوب التخلص منها؛ والتي تؤدي إلى عزوف علماء المصريات عن فكرة العمل والحفر في الوادي الغربي؛ الذي يحتاج إلى أموال وجهد ووقت طويل حتى يتم الكشف عن مقبرة...
ولذلك نجد أن هناك عدداً قليلاً من العلماء الذين عملوا في الوادي الغربي بالمقارنة بقائمة الأسماء الكبيرة للعاملين في الوادي الشرقي!
ولعل أول من عمل بوادي القرود اثنان من المهندسين المرافقين لبعثة نابليون بونابرت الاستكشافية عام 1799 وقاما بالكشف عن مقبرة الملك «أمنحتب الثالث»، وعملوا أول تسجيل للمقبرة وكذلك عمل خريطة للوادي الغربي.
وبعد ذلك جاء جيواني بلزوني في شتاء عام 1816 وقام باكتشاف مقبرة الملك «آي» عن طريق الصدفة في أثناء استكشافه للوادي الغربي، وكشف أيضاً عن المقبرة رقم 25 والتي يعتقد أنها كانت مخصصة في البداية للملك «إخناتون» ولم يدفن فيها، نظراً لأنه اختار تل العمارنة لكي تكون مقراً لحكمه ودفنه.
وبعد ذلك جاء هيوارد كارتر في فبراير (شباط) 1915 وعمل حفائر حول مدخل مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» رقم 22 وقد عثر على خمس حفر لودائع الأساس خارج المقبرة التي أُرخت بعهد الملك «تحتمس الرابع»، وذلك لوجود أختام داخل ودائع الأساس تخص الملك.
ويعتقد البعض أن الملك «تحتمس الرابع» قد اختار هذا المكان ليكون مكاناً لحفر مقبرته الأولى قبل أن يحفر الثانية في وادي الملوك الشرقي! وهذا الرأي ليس صحيحاً لأن ودائع الأساس تقام بعد أن يتم حفر المقبرة، أي أنها إعلان بانتهاء المقبرة، ولذلك أعتقد أن الملك «أمنحتب الثالث» قام بوضع اسم أبيه داخل هذه الودائع بعد أن حفر مقبرته في نفس المكان.
وجاء أيضاً ريتشارد لبسيوس عام 1845 واكتشف مقبرة أعطاها رقم (A)، وهي تقع إلى الجنوب من مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» بنحو 60 متراً، وهي مقبرة صغيرة الحجم كانت مخصصة كمخزن يوضع به الأساس الجنزي لمقبرة الملك «أمنحتب الثالث»، وهي تعتبر المقبرة الوحيدة في الوادي الغربي التي تم العثور على أختام الجبانة بها سليمة، وبعد ذلك كُشفت المقبرة رقم 24 التي تعتبر مخزناً للمقبرة الخاصة بـ«آي».
وجاء أوتو شادن الأميركي عام 1927 وعمل داخل مقبرة «آي» وكشف عن غطاء تابوت الملك. ثم الياباني ياشومورا عام 1993 للعمل داخل مقبرة «أمنحتب الثالث»، وبعد ذلك جاء الأميركي ريتشارد ويلكيستون عام 1989 وعمل داخل المقبرتين 24 و25، وبعد ذلك جئنا مع البعثة المصرية للعمل بالوادي الغربي من عام 2007 حتى 2011 ونعمل حالياً بوادي القرود للكشف عن مقبرة زوجة الملك «توت عنخ آمون».