سباق محموم بين القنوات الفضائية ومنصات الفيديو لجذب المشاهد

فئة الشّباب تحتل النسبة الأكبر في متابعة الأعمال الدرامية والبرامج عبر المواقع الإلكترونية

52 في المائة من السعوديين يشاهدون التلفاز مع العائلة لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً (غيتي)
52 في المائة من السعوديين يشاهدون التلفاز مع العائلة لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً (غيتي)
TT

سباق محموم بين القنوات الفضائية ومنصات الفيديو لجذب المشاهد

52 في المائة من السعوديين يشاهدون التلفاز مع العائلة لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً (غيتي)
52 في المائة من السعوديين يشاهدون التلفاز مع العائلة لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً (غيتي)

بالعودة إلى جميع الأزمنة حين بدأت الابتكارات تظهر وتتطوّر يومياً، لم يستطع أي منها أن يقضي على ما سبقه، بل شكّل وصلة ونقلة ما بين القديم والجديد. كل تطوّر تشهده البشرية يلقى في بداياته هجمة قوية من الجمهور المتعطش لتلقف كل جديد؛ لكن الشركات الكبرى ورؤوس الأموال تستطيع خلق نوع من التجديد والتوازن للحفاظ على أرباحها. ومن الأمثلة على ذلك أن اختراع التلفاز لم يقتل السينما، بدليل أنها استطاعت العيش والاستمرارية لأكثر من 120 سنة من ظهورها لأوّل مرّة، حتى مع ظهور الإنترنت ومنصات الفيديو. بيد أن هذا التطوّر قد ينظر إليه البعض على أنه سلاح فتّاك يقتل كل ما سبقه. قد تكون هذه النظرة تشاؤمية قليلاً، لكنها خطرت على بال كل من جرّب منصات الفيديو و«يوتيوب»، وتعلّق بها إلى حد اتخاذه قرارا حاسما بأنها ستقتل قنوات التلفزة، وأنه خلال 10 سنوات قد تتعرض العديد منها للإفلاس، الأمر الذي يجبرها على إغلاق أبوابها.
لا يُخفى أن أعداداً كبيرة من الشباب العربي يفضل المشاهدة عبر «يوتيوب» أو مواقع مثل «شاهد. نت» وغيرها، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن أرقاماً لا يستهان بها في العالم العربي لا تزال تفضل أن تجتمع مساءً مع العائلة لمشاهدة برنامج، ولا يُخفى ما لنشرات الأخبار من أهمية في جذب المشاهد من جميع الفئات العمرية، ناهيك عن التقارير الخاصة والحصرية لكل قناة التي بدورها أيضا تستقطب المشاهد، لا بل تستعين بمواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو لعرض إعلاناتها الخاصة بهذا العرض أو ذاك، كما تساهم برامج التواصل المباشرة مع المشاهد مثل المسابقات والمشاركات عبر الهاتف، في بث روح التفاؤل ودحض الخطر الذي قد يرى غالبية كبيرة بأنه يهدد قنوات التلفزة التي هي بدورها لم تغفل عن أهمية هذه المنصات فبدأت فتح منصات تحمل نفس اسم قناتها لتؤمّن للمشاهد متابعة بث برامجها أينما كان عبر جواله أو الآيباد أو «اللابتوب»، مباشرة أو إعادة مشاهدتها في حال لم يتناسب وقته ووقت العرض أو إن كان يفضّل مشاهدة برنامجه من دون أن تزعجه كثرة الإعلانات، وذلك من خلال مشاركة شهرية لا تتعدى 5 دولارات.
أسئلة كثيرة وتوقعات مختلفة تحوم حول مستقبل شاشات التلفزة. لذا رأت «الشرق الأوسط» أن أفضل فترة للاطلاع على آراء الناس، هي خلال شهر رمضان المبارك، فنزلت إلى بعض الشوارع العربية، أو تلك الأكثر تأثراً بهجمة مواقع الإنترنت الخاصة ببثّ المسلسلات والبرامج عبر منصاتها، لتتعرف عن كثب على ما يفضله المشاهد العربي:

استطلعت «الشرق الأوسط» آراء بعض الناس في الشارع المصري للوقوف عند الوسيلة التي يفضلونها لمشاهدة برامجهم خلال شهر رمضان. قال أحمد علي (28 سنة)، مصور تلفزيوني في قناة فضائية عربية إنّ ضغوط العمل تمنعه من متابعة المسلسلات لحظة عرضها، لذا فهو يختار المشاهدة على موقع «يوتيوب» أثناء توجّهه إلى العمل صباحا أو عودته إلى المنزل مساءً، وهي ميزة لا يمكن أن يتيحها له التلفاز، حسب قوله.
من جانبها، تؤكّد نهلة أبو العز الكاتبة والصحافية في جريدة الأهرام أنّ الإعلانات باتت تفسد متعة المشاهدة قائلة: «جاء الإنترنت حلاً مناسباً لي لأعود وأتابع الدراما من جديد، بعد عزوفي تماماً عنها بسبب الإعلانات وتوقيت العروض. أهمّ ما يميز المشاهدة عبر الـ(يوتيوب) هو التحكم بالوقت»، وترى أنّ العيب الوحيد فيه هو: «فقدان الصحبة وتجمع الأسرة لمتابعة عمل درامي». وحسب رأيها فإنّ الهاتف والتابلت يزيدان هذا الشعور بالعزلة والوحدة.
فيما تفيد هبة الله سعد، مسؤولة في وسائل التواصل الاجتماعي بشركة ملاحة بحرية بأنّ التّشتّت أسوأ ما في هذه التجربة، فأثناء مشاهدة المسلسل، قد تملّ من مشهد معين فتنتقل إلى مسلسل آخر. وتضيف، «هذا الأمر يفقدني متعة المشاهدة، ناهيك بالتنبيهات التي تأتي عبر (فيسبوك) و(واتس آب) لتُعكر صفو الاندماج في متابعة عمل ما».

تزايد نسب المشاهدة عبر منصات الفيديو
ولمتابعة الظاهرة وجدنا أنّ موقع «في الفن» الشهير بمصر التابع لشركة سرمدي، خصّص العام الحالي قسم «شاشة الفن» وفقاً للإعلامي جورج صبري، رئيس تحرير المحتوى لمجموعة مواقع «سرمدي» الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ هذا القسم قد حقّق أعلى نسبة زوّار مقارنة بكل أقسام الموقع، ولاحظنا زيادة أعداد المشاهدات عن العام الماضي بأرقام كبيرة تخطت الضعف، بل فإنّ آلاف المشاهدات تُسجّل خلال دقائق من نشر أي فيديو وقد تصل لملايين خلال ساعات».
أمّا خبير وسائل التواصل الاجتماعي محمد الشاعر، مدير شركة «بيزمنت» التي تدير قنوات عدّة لفنانين على موقع «يوتيوب»، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع هناك إقبال كبير وملحوظ هذا العام على هروب المشاهدين من قنوات التلفزة، بسبب كثرة الإعلانات، وخصوصا بين الشباب الذي يعاني من ضغوط كثيرة وسرعة إيقاع الحياة اليومية فيلجأ إلى الإنترنت لمشاهدة ما يحب في الوقت الذي يناسبه». ويتوقع الشاعر أنّ تتأثر القنوات الفضائية سلباً بسبب نسب المشاهدات على المواقع الإلكترونية. ووفقاً للأرقام التي تابعها خبير مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه «على سبيل المثال من خلال المقارنة بين نسب مشاهدة مسلسل (كلبش) العام الماضي والعام الحالي فإنّ النسبة تضاعفت ثلاث مرّات، ومن المتوقع أن تزيد بكل تأكيد خلال العام المقبل».
من جانبه أوضح محمد قناوي الناقد الفني والكاتب الصحافي المصري، أنّه لو لم يتّخذ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إجراءات تحدّ من طوفان الإعلانات التي تتخطى مدتها مدة الحلقة سيكون وضع القنوات الفضائية مزرياً فيما بعد، وقد يتعرّض بعضها للإفلاس وقد تغلق أبوابها بسبب هروب المعلنين مع تراجع المشاهدات».

في السعودية سباق بين القنوات والمنصات
لا تزال القنوات الفضائية تحتفظ بنسب مشاهدة عالية تحرص عليها من خلال عرض المسابقات التفاعلية. هذا ما يؤكّده المهندس خالد أبو إبراهيم خبير تقنية المعلومات، ويضيف أنّه يوجد حالياً عدد لا يستهان به من المشاهدين للقنوات على الرّغم من منصات الإنترنت وتطبيقاتها. وقال: «وصل عدد الأعضاء المنتسبين إلى (نتفليكس) الذي يوفر خدمة مشاهدة الفيديو حسب الطّلب، إلى 200 مليون عضو حول العالم، ومن التجارب العربية المشابهة له إلى حد ما، موقع «شاهد.نت» الذي يحمل نفس الفكرة، ولكنه ينحصر على مجموعة قنوات معينة، ويعتبر الأول عربياً في خدمة الفيديو حسب الطلب، وأيضاً موقع «يوتيوب» المتربع على خدمة الفيديو حسب الطلب.
وعن نسبة استخدام المشاهد لمواقع الإنترنت التي تُعيد بث البرامج، أوضح أبو إبراهيم أنّ الأرقام لا يستهان بها، وأشار إلى أن «شاهد.نت» الذي بدأ عام 2011 بتقنية HD لعرض المسلسلات والأفلام المعروضة سابقاً على قنوات MBC، ارتفعت إحصائياته في وقت بسيط ليحتل أكثر المواقع زيارة في العالم العربي، حيث أصبح يشكل قاعدة جماهيرية كبيرة. أمّا موقع نتفليكس فوصفه أبو إبراهيم بأضخم مواقع خدمة الفيديو حسب الطلب، إذ تجاوز عدد أعضائه 200 مليون شخصاً، وقد خصّ الأطفال أيضاً بمكتبة من الرسوم المتحركة والأفلام.
في السياق ذاته، قالت سارة السعداوي طالبة جامعية في مدينة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، إنّها تتابع المسلسلات كثيراً، وهي تحرص على مشاهدتها عبر موقعي «يوتيوب» أو «شاهد.نت»، لأنّها ترى أنّ هذه المواقع أصبحت توفّر لها متعة المشاهدة لأي مسلسل عُرض سابقاً أو لا يزال على القنوات الفضائية في أي وقت يناسبها، وإنّ هذا الأمر بات يتيح لها فرصة أكبر لتنظيم الوقت. توافقها رنا مؤمن الرأي، فهي ترى أنّ المشاهدة من خلال التطبيقات وموقع «يوتيوب» أكثر راحة، وتقول: «بإمكاني مشاهدة الحلقة التي لم أستطع مشاهدتها، ومن ثم استكمال الحلقة الحالية في القناة الفضائية وقت بثها. توفّر لي هذه الوسائل مشاهدة الحلقات من دون الشعور بالملل من الإعلانات. وأستطيع متابعة حلقات متتالية، أو الانتهاء من مشاهدة المسلسل بأكمله الذي يعرض على القناة الفضائية على مدار شهر أو أكثر في أسبوع أو أقل».

52 % من السعوديين يشاهدون التلفاز
ووفقاً لاستطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة YouGov مؤخراً، بتكليف من «نتفليكس» في منطقة الشرق الأوسط، فإنّ أكثر من نصف سكان المملكة (52 في المائة)، يشاهدون البرامج والمسلسلات التلفزيونية بصورة جماعية مع الأصدقاء والعائلة لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً، وتحتل البرامج الكوميدية الدرجة الأولى، ومن ثمّ الأسرة والدراما ويليها التاريخية.
بينما يشاهد أقل من نصف سكانها (48 في المائة) المسلسلات والبرامج التلفزيونية والأفلام بصورة فردية لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً. وتتصدر الكوميديا مرة أخرى قائمة تفضيلاتهم، في حين يفضّل السعوديون أيضاً أفلام الرّعب، وتحظى هذه الفئة بالشعبية الأكبر بين من شملهم الاستطلاع.

القنوات اللبنانية لا تتأثر بالمنصات
لم تهتز بعد ثقة محطات التلفزة في لبنان بمشاهديها. وحسب دراسات أولية تجريها دوريا هذه المؤسسات تبيّن لها أنّ نسبة تتجاوز الـ60 في المائة لا تزال وفية للشاشات الصغيرة فيما تحوّلت نسبة أخرى وغالبيتها من الشباب، إلى منصات الفيديو. ولكن ما يتوقعه الخبراء في هذا الموضوع، أن تشهد السنوات الخمس المقبلة ارتفاعا بنسب مشاهدة منصات الفيديو والمواقع إلكترونية الأخرى، من قبل الشباب، وقد تصل إلى 80 في المائة.

الشّباب اللبناني يتحوّل إلى منصات الفيديو
«ما نشهده حاليا من تحوّل الشباب اللبناني إلى مشاهدة مواقع ومنصات فيديو إلكترونية كـ«نتفلكس» و«شاهد نت» و«يوتيوب» وغيرها تعطينا فكرة واضحة عمّا ينتظرنا في هذا الخصوص بعد نحو 5 أو 10 سنوات». يقول عزيز متى المتخصص في مجال التكنولوجيا والإنترنت في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». موضحا أنّ «هناك شريحة لا يستهان بها من الشباب اللبناني اليوم تفوق الـ40 في المائة لا تشاهد البرامج المعروضة على شاشاتنا المحلية من مسلسلات وبرامج انتقادية ساخرة وأخرى من منوعات وتسلية. فهؤلاء عندما يوجدون في منازلهم ينزوون في غرفهم ليستمتعوا بمشاهدة مسلسل ما بهدوء بعيداً عن تعليقات أهاليهم، وكذلك بسبب ضيق الوقت الذي لا يسمح لهم بمشاهدتها إلا في أوقات فراغهم، خصوصاً طلاب المدارس والجامعات والموظفون».
وحسب متى فإنّ الأشخاص الذين لا يزالون أوفياء للشاشة الصغيرة، هم من أعمار الـ35 وما فوق. وما يقوله يوافق عليه قسم الـ«ديجيتال ميديا» في تلفزيون «إل بي سي آي»، إذ يشير وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، إلى أن أعمار الأشخاص الذين تصدروا نسبة مشاهدة عالية على مواقعها الإلكترونية خلال شهر مايو (أيار) الفائت، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و34 سنة، وتليها مباشرة من هم بين الـ35 و44 سنة، وفي المرتبة الثالثة، أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، فيما يحتل من تتراوح أعمارهم بين الـ45 و54 سنة المرتبة الأخيرة.

الأرقام تبقى تقديرية وليست دقيقة
لا أرقام رسمية أو علمية في لبنان بهذا الشّأن، وأي معلومات يتم تداولها، تعدّ تقديرية وترتبط بداتا المعلومات الخاصة بالمؤسسة.
وحدها المواقع الإلكترونية ك«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تويتر» التابعة لتلك المؤسسات المرئية تستطيع أن تكشف جانبا من نسب المشاهدين الذين يتفاعلون باستمرار مع اللقطات المصورة (فيديوهات قصيرة) من مسلسلات رمضانية تمررها عبر المواقع المذكورة بهدف الترويج لها. وهي تشهد نسبة مشاهدة عالية خلال نصف ساعة من موعد تداولها. كما تفيد المعلومات بأنّ نسب مشاهدة المسلسلات الرمضانية عبر المواقع الإلكترونية تتوزع كالتالي: 51 في المائة منها تعود للإناث، و49 في المائة للذكور.
«عادة ما أشاهد المسلسل الرمضاني على الشاشة الصغيرة مباشرة إلا في حال انشغالي بتلبية دعوة عشاء أو استقبالي الأصدقاء في أوقات عرضها، عندها فقط فألجأ لمشاهدتها عبر المواقع الإلكترونية». تقول نوال كساب وهي موظفة في الـ50 من عمرها. أمّا مخايل حداد وهو في الـ24 من عمره، فلديه رأي مختلف إذ يقول: «لا أشاهد الشاشة الصغيرة إلا نادراً. فأنا أتابع برنامجاً أو مسلسلاً تلفزيونياً ما، عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالقناة، فلا إعلانات هناك ولا ملحقات إخبارية تعكّر انسجامي بالمشاهدة». تقول ريتا حبيقة، وهي في الـ35 من عمرها، وتملك محلاً لبيع الثياب الجاهزة، إنّ المواقع الإلكترونية تسمح لها اختيار المكان والزمان المناسبين لها لمشاهدة مسلسل ما.

توقعات بهجرة قنوات التلفزة
وبالعودة إلى عزيز متّى الخبير في التكنولوجيا والإنترنت، فإنّ الشريحة التي تدمن مشاهدة برامج موقع «نتفليكس» الإلكتروني تختلف تماماً عن تلك التي تتابع الإعادات على المواقع الإلكترونية. ويوضح: «أنّ البرامج والأفلام والمسلسلات التي تعرضها (نتفليكس) وأخواتها لا تعرض على شاشاتنا الصغيرة، ولذلك فإنّ مشاهدها يعدّ من شريحة أخرى يمكن وصفها بـ(مقاطعي البرامج التلفزيونية)، بحيث لا يملكون عادة الجلوس أمام التلفاز بتاتا». ويشير متى إلى أن المواقع الإلكترونية حققت ثورة بيضاء في عالم التواصل الاجتماعي، ووفّرت لمستخدمها خدمات جمّة في أوقات قصيرة تواكب عصر السرعة الذي نعيشه، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى توقعات تشير بأنّ التلفزيونات قد لا تجد من يشاهد برامجها بعد نحو 10 سنوات من اليوم.



مهرجانا «إيزيس» و«القومي» في القاهرة يحتفيان بنجمات المسرح العربي     

صورة من المؤتمر الصحافي للدورة الثانية من «مهرجان إيزيس» (المسؤول الإعلامي للمهرجان)
صورة من المؤتمر الصحافي للدورة الثانية من «مهرجان إيزيس» (المسؤول الإعلامي للمهرجان)
TT

مهرجانا «إيزيس» و«القومي» في القاهرة يحتفيان بنجمات المسرح العربي     

صورة من المؤتمر الصحافي للدورة الثانية من «مهرجان إيزيس» (المسؤول الإعلامي للمهرجان)
صورة من المؤتمر الصحافي للدورة الثانية من «مهرجان إيزيس» (المسؤول الإعلامي للمهرجان)

يحتفي مهرجان «إيزيس الدّولي لمسرح المرأة»، و«المهرجان القومي للمسرح المصري»، العام الحالي، بنجمات المسرح العربي من مصر والعراق وتونس، إذ أعلن مهرجان «إيزيس»، في دورته الثانية المقرر إقامتها خلال الفترة من 16 إلى 22 مايو (أيار) الحالي، إطلاق اسم الفنانة المصرية الراحلة عايدة عبد العزيز على دورته المقبلة، بالإضافة لتكريم أسماء عدة، من بينهن الفنانات كريمة منصور، والعراقية عواطف نعيم، والتونسية رجاء بن عمار، واسم الفنانة المصرية الراحلة سهام بنت سنية وعبد السلام.

ويحمل المهرجان «القومي للمسرح المصري» في دورته الـ17 اسم الفنانة المصرية سميحة أيوب، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان المقررة إقامته في النصف الثاني من شهر يوليو (تموز)، وذلك تقديراً لمشوارها الفني الكبير.

البوستر الدعائي للمهرجان القومي للمسرح المصري (موقع المهرجان على فيسبوك)

سميحة أيوب الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» قالت، إن تقدير المهرجان لها عبر إطلاق اسمها على دورته المقبلة، يعني لها الكثير، وترى سميحة أيوب التي قدمت 90 عرضاً مسرحياً، وكُرّمت في الدورة السابعة من المهرجان نفسه، أن المسرح هو بيتها الأول وحياتها وفرحتها التي لا يوازيها شيء.

وأكدت سميحة أيوب لـ«الشرق الأوسط»، أنها حصلت على أوسمة مثل (نيشان بدرجة فارس) و(وسام الاستحقاق) من الدرجة الأولى من دول عدة مثل فرنسا وتونس وسوريا، إلا أنها رأت تكريم وطنها نوعاً من الوفاء والإخلاص، وأضافت: «عندما أقف على المسرح أشعر بأنني أمتلك الدنيا، فما بالكم بالاحتفاء بي في مصر وفي مهرجان يمثّل بلدي؟».

في السياق نفسه قال الفنان محمد رياض، رئيس «المهرجان القومي للمسرح المصري» لـ«الشرق الأوسط»، إن شعار المهرجان العام الحالي هو «مصر تحتفل بسميحة أيوب»، مشيراً إلى أن «اختيار سميحة أيوب لدورة العام الحالي، يرجع لكونها أيقونة المسرح وهرماً فنياً وتاريخاً مسرحياً في مصر والوطن العربي، ورائدة تحمل مسيرة مشرّفة كمّاً وكيفاً».

ونوّه رياض إلى أن «إطلاق اسم فنان ما على الدورة ليس تكريماً فقط، ولكنه تقدير للشّخصية نفسها، وعلامة مميزة في مشوار زملائه المكرمين الذين سيحملون درعاً تحمل اسمه».

«مهرجان إيزيس» يحتفي بالمبدعات العربيات في المسرح (المسؤول الإعلامي للمهرجان)

وشارك في «مهرجان إيزيس»، الذي يستضيف دولة تونس «ضيف شرف»، 17 عرضاً مسرحياً من 7 دولٍ بجانب العروض المصرية، من بينها المغرب وتونس والعراق وإسبانيا والنمسا واليابان.

ورأت الكاتبة والناقدة المصرية رشا عبد المنعم مديرة مهرجان «إيزيس» أن إطلاق اسم الفنانة الراحلة عايدة عبد العزيز على الدورة الثانية من المهرجان لكونها رمزاً تمثيلياً ونموذجاً ملهماً على جميع المستويات ولديها أعمال مميزة على غرار عرض «الست هدى»، وقالت رشا لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ الفنانة الراحلة نموذجاً استثنائياً في العمل المسرحي، وتملك طاقة حركية غير عادية، وإخلاصاً للمسرح، وأعلنت خلال مسيرتها الموافقة على تقديم مسرحيات بأجرٍ أقل بالمقارنة مع أجرها في السينما والتلفزيون».

وكشفت رشا عبد المنعم، أن تكريم أسماء عربية في مجال المسرح «من أهم أهداف المهرجان الدّولي الذي يهتم برواد المسرح جميعاً»، كما أوضحت أن «اختيار الفنانة إلهام شاهين للرئاسة الشرفية جاء لأنها فنانة متحمّسة لقضايا المرأة في التمثيل والإنتاج على الدوام، ودعمها للمهرجان خصوصاً في دوراته الأولى».


في تعليق نادر على صحة زوجته... الأمير ويليام: كيت على ما يرام

الأمير ويليام يتحدث مع بعض سكان الجزيرة (رويترز)
الأمير ويليام يتحدث مع بعض سكان الجزيرة (رويترز)
TT

في تعليق نادر على صحة زوجته... الأمير ويليام: كيت على ما يرام

الأمير ويليام يتحدث مع بعض سكان الجزيرة (رويترز)
الأمير ويليام يتحدث مع بعض سكان الجزيرة (رويترز)

أعلن الأمير ويليام ولي عهد بريطانيا، الجمعة، أن زوجته كيت «على ما يرام»، وذلك في تعليق علني نادر حول صحة أميرة ويلز في الوقت الذي تخضع فيه للعلاج الكيميائي الوقائي من السرطان.

وجاءت تصريحات أمير ويلز خلال زيارة لمستشفى سانت ماري المجتمعي في جزر سيلي قبالة ساحل كورنوول في جنوب غربي إنجلترا، وفق شبكة «بي بي سي».

وأعلنت كيت في مارس (آذار) أنها تتلقى العلاج بعد تشخيص إصابتها بالسرطان عقب جراحة في المعدة خضعت لها في بداية العام.

وذكرت في ذلك الوقت أنها بخير، لكن مكتب الزوجين قال إنهما لن يقدما تحديثات منتظمة عن حالتها الصحية، وإنها لن تستأنف واجباتها العامة حتى يسمح لها أطباؤها بذلك.

واستقبلت تريسي سميث، مديرة مستشفى سانت ماري المجتمعي في هيو تاون بجزيرة سانت ماري، الأمير ويليام خلال جولته في المركز الطبي الصغير.

وقالت سميث: «سألت ويليام عن زوجته كيت، فقال: إنها بصحة جيدة، شكراً، واقترحت عليهم أن يأتوا لزيارة ويصطحبوا الأطفال».


بشار مراد... موسيقي فلسطيني حاول تحقيق «حلم» الغناء في يوروفيجن

مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
TT

بشار مراد... موسيقي فلسطيني حاول تحقيق «حلم» الغناء في يوروفيجن

مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)

أراد مغني البوب الفلسطيني بشار مراد، وهو من أبناء القدس الشرقية المحتلة، المشاركة في مسابقة «يوروفيجن»، ولأنه لا يمكنه المشاركة بوصفه فلسطينياً، تقدّم للتصفيات في آيسلندا علّه يمثلها، وبلغ المرحلة النهائية لكنه لم يفز.

وقال مراد في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا فنان، أقدّم موسيقى البوب، ومسابقة «يوروفيجن» تشبه الألعاب الأولمبية لهذا النوع الموسيقي».

لكن فور إعلانه عن السعي لتمثيل آيسلندا في المسابقة، تلقى مراد انتقادات من أشخاص عدّوا خطوته سياسية لا فنيّة.

ولفت إلى أنه تلقى تهديدات بالقتل عبر الشبكات الاجتماعية، فضلاً عن موجة سخرية خصوصاً في إسرائيل.

وقال بشار مراد، وهو ابن سعيد مراد الذي أسس فرقة «صابرين» الفلسطينية الشهيرة، إنّ منتقديه «لم يعيروا أهميّة حتى إلى الأغنية، بل توقفوا فقط عند كوني فلسطينياً».

فور إعلانه عن السعي لتمثيل آيسلندا في المسابقة تلقى مراد انتقادات من أشخاص عدّوا خطوته سياسية لا فنيّة (أ.ف.ب)

وهذا العام، تشكّل الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر في قطاع غزة، والتي اندلعت عقب هجوم نفذته حركة «حماس» الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، عنواناً رئيسياً يطغى على أجواء «يوروفيجن»، وسط مظاهرات تطالب خصوصاً باستبعاد إسرائيل من المسابقة التي تشارك فيها منذ 1973 وفازت بلقبها أربع مرات.

ويشدد المغني الفلسطيني البالغ 31 عاماً على أن حلم المشاركة في «يوروفيجن» يراوده «منذ زمن بعيد». وهو قدّم أغنيته إلى اللجنة الآيسلندية للمسابقة في أغسطس (آب) 2023، «ثم بعد شهرين، أتى السابع من أكتوبر، وجن جنون العالم». وعلى غرار المشاركة الإسرائيلية، لم يفلت بشار مراد من الجدل، ولم ينجح في إبعاد ترشيحه عن الإطار السياسي العام.

وخلافاً للتوقعات، لم ينجح مراد في الفوز بتمثيل آيسلندا في «يوروفيجن»، بعدما تغلبت عليه المغنية هيرا بيورك مع أغنيتها «سكيرد أوف هايتس» بفارق ثلاثة آلاف صوت من أصل عدد أصوات إجمالي بلغ مئتي ألف.

غير أن بيورك فشلت في الوصول إلى الحفلة النهائية لمسابقة «يوروفيجن» التي تقام السبت في مدينة مالمو السويدية.

«عوائق كثيرة»

لا يحمل المغني الفلسطيني الجنسية الآيسلندية، لكن اختياره هذه البلاد لتمثيلها لم يكن عشوائياً. فهو يعرف أعضاء «هاتاري»، وهي فرقة آيسلندية لموسيقى التكنو شاركت في «يوروفيجن» عام 2019 في تل أبيب، ولفتت حينها الأنظار إثر حملها وشاحاً بألوان العلم الفلسطيني خلال المسابقة.

وقد علم مراد من عازف الدرامز في الفرقة ومنتجها إينار ستيفانسون، أنه ليس بحاجة لأن يكون مواطناً آيسلندياً لتمثيل البلاد في «يوروفيجن». لكنّ الشرط الوحيد تمثّل في ضرورة الغناء بالآيسلندية في المرحلة نصف النهائية.

وشارك مراد في تأليف أغنية «وايلد ويست» مع إينار ستيفانسون، والنسخة الآيسلندية منها بعنوان «فستريو فيلت »(Vestrio villt)، كما تقتضي شروط المسابقة.

وعلى غرار أغنية «تكساس هولدم» لبيونسيه، تضمّنت «وايلد ويست» والألبوم الذي صدرت فيه تجربة موسيقية تمزج بين موسيقى الفولك الأميركية والكانتري والبوب.

ويقر بشار مراد بأنه كان يأمل من خلال ترشيحه تسليط الضوء على «العوائق الكثيرة» التي يواجهها الفنانون الفلسطينيون.

«ترف الاختيار»

وقال مراد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «بوصفي فلسطينياً، لا أملك ترف الاختيار» بأن تكون السياسة حاضرة أم لا في أغنياتي»، آسفاً لأن الجمهور يميل إلى النظر إليه حصراً من منطلق هويته الفلسطينية، وهو ما لا يحصل مع الفنانين من جنسيات أخرى.

وأضاف: «أتمنى أن أغني عن موضوعات عالمية تتخطى احتلال» إسرائيل للأراضي الفلسطينية، رغم غياب هذا الموضوع عن أغنيته المعدّة أساساً لمسابقة «يوروفيجن».

وأوضح مراد أن «هذا هو الواقع الذي وُلدت فيه. وهذه هي العدسة التي أرى من خلالها العالم».

عندما يكون في القدس، يعيش في استوديو الموسيقى الخاص بوالده في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967 وتشهد صراعات مستمرة على الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

كما يدرك مراد تماماً الآمال التي يعلّقها عليه أبناء شعبه، لكنّه يذكّر بأنه لا يمثل سوى «تجربة فلسطينية واحدة»، من بين تجارب كثيرة.

وتناول مراد هذه المواضيع في فيديو موسيقي ساخر لأغنيته «أنتين». وهو يظهر في العمل واضعاً قبعة موسيقيي فرق المارياتشي المكسيكية، مع أحمر شفاه تحت شاربيه الكبيرين، وينظر حوله بينما ينتقده جمهور وهمي باللغة العربية؛ لأنه يرتدي ملابس ليست من «عاداتنا وتقاليدنا».

ويركز مراد حالياً على إصدار ألبومه الأخير في أثناء إقامته الفنية في باريس.

وشارك أخيراً أيضاً في حدث في لندن يحمل اسم «Palestine Vision» (الرؤية الفلسطينية)، يرمي للاحتفال بالثقافة والفن والتضامن الفلسطيني.


«فيزيا وعسل» أسئلة فلسفية رهن مزاج الإنسان وقدره

تناغم ملحوظ بين الثنائي سعادة وحايك ضمن أداء متّقن (مسرح المدينة)
تناغم ملحوظ بين الثنائي سعادة وحايك ضمن أداء متّقن (مسرح المدينة)
TT

«فيزيا وعسل» أسئلة فلسفية رهن مزاج الإنسان وقدره

تناغم ملحوظ بين الثنائي سعادة وحايك ضمن أداء متّقن (مسرح المدينة)
تناغم ملحوظ بين الثنائي سعادة وحايك ضمن أداء متّقن (مسرح المدينة)

«فيزيا وعسل» عمل مسرحي للمخرجة اللبنانية لينا خوري، يعرّج في موضوعاته على إشكالات حياتية كثيرة، تتناول طبيعة مهنة يمارسها الإنسان، وخيانة يواجهها، وحباً يكسره، ومرضاً يصيبه، ويمكن وصف هذا العمل بالاستثنائي لمحتواه الفلسفي وأسلوبه الإخراجي.

قد لا يستطيع كثيرون فهم مغزى العمل منذ اللحظات الأولى لمشاهدته؛ ولكنهم مع توالي الأحداث التي تشهدها المسرحية، ستترك عندهم علامات استفهام كثيرة. فهي تترجم مقولة «الحياة حلوة بس نفهمها»؛ ولذلك نكتشف معها أن كل موقف ومرحلة وقرار يتخذه الإنسان لا بدّ أن يتأثر بطبيعة مزاجه في اللحظة نفسها. ومراتٍ تُدخلنا المسرحية في تحليلات فلسفية وعلمية، فندرك أننا أمام وجوه متعدّدة للحياة، وكل ما يحدث في حياتنا نشعر كأنه سبق لنا أن مررنا به.

تضم بطولة العمل ريتا حايك وآلان سعادة المتناغمين بأسلوب أدائهما. وتبرز الإضاءة عنصراً رئيسياً في هذا العمل بمشهدية إخراجية لعبت دوراً أساسياً في قصّته.

تكرار المشهد الواحد باحتمالات عدّة تسود العمل (مسرح المدينة)

تكرّر لينا خوري المشهد بالمحتوى نفسه أكثر من مرة. فيمر كومضات و«فلاش باك»، ولكن بأسلوب جديد. الحوارات نفسها تتكرّر، ولكنها لا تتشابه، بسبب مزاج يحكمها. قد تنكسر علاقة وتأخذنا الحياة باتجاهات مختلفة في حال تبدلت أمزجتنا. أمّا القدر فيحضر بقوة في علاقة تشير إليها خوري من خلال علم الفيزياء.

مسرحية «فيزيا وعسل» المقتبسة عن «كونستلايشنز» للبريطاني نيك باين، لبننتها لينا خوري على طريقتها. فهي رسَخت في ذهنها منذ شاهدتها في أحد المهرجانات الآسيوية، وبدأت تُعد العدّة لتنفيذها منذ خمس سنوات.

وعلى مدى ساعة من الوقت تتوالى أحداث المسرحية تحت عنوان افتراضي عريض «ماذا لو؟ ماذا لو تصرّفنا بهذه الطريقة بدل تلك؟ وماذا لو انتهت قصتنا مع الحياة بإرادتنا؟ وماذا لو تداركنا كيفية تعاطينا مع هذا الموقف بأسلوب آخر؟ وماذا لو بُحنا بمشاعرنا أو خبأناها؟».

الموت الرحيم موضوع تطرحه «فيزيا وعسل» (مسرح المدينة)

تعمل ريتا في مجال الفيزياء، علمٌ يرتكز على المفاهيم الأساسية لعناصر الحياة ويهدف إلى فهم العملية الكونية. أما شريكها رولان (آلان سعادة)، فهو مربّي نحل؛ ومن قفيره يتعلّم دروس حياة على إيقاعٍ واحد ومعروف في عالم النحل. يلتقيان لتبدأ رحلتهما في البحث عن أسرار الحياة. الغضب، والقوة، والتسامح، والصّراحة، والتشابك، والرومانسية، وموضوعات غيرها تتناولها المسرحية.

أكثر من موقف يبقى في ذاكرة مشاهد العمل، ومن بينها مشهد طلب يد الحبيبة، الذي يدور في أجواء غريبة تمزج بين مشاعر العلم والحب. ومن المشاهد التي تعلق في الأذهان أيضاً، تلك التي تحكي عن مصير حياة، حين يلجأ فيها الشخص اليائس من حالته المرضية لطلب الموت الرّحيم. تلفّ ريتا شلحةً على رأسها للإشارة إلى إصابتها بمرض السرطان. يتعاطف المشاهد مع حالتها، وينتظر قرار شريكها فيما لو يوافقها عليه. فهي توضّب أمتعتها لتسافر إلى مستشفى في بلجيكا لتُنفّذ رغبتها في الرحيل على طريقتها، وتقول بغضب: «لازم يكون عندي خيار وكنترول». مشهد يتكرّر بوجوه عدّة، واحد منها بلغة الإشارة فيتعلق مشاهده بكل تفصيل فيه. ويطرح الشريك عليها سؤالاً وجدانياً: «هل هو الوقت المناسب لرحيلك؟ لو كنت مكانكِ لاستفدتُ من كل ثانية وأمضيها معكِ». فالكلام النّابع من القلب يمكنه أن يشفي أيضاً، ويكون أفضل علاج. وتجيبه بالعلم: «في الفيزياء لا وجود لماضٍ وحاضرٍ، فالوقت غير مهم».

الثنائي سعادة وحايك يلقيان التحية على الجمهور (مسرح المدينة)

وتواكب غالبية المشاهد موسيقى أغنيات تُطلّ علينا من الثمانينات والتسعينات، تلعب هي أيضاً، دورها في محتوى قصة سياقها قصة غير اعتيادي. تستمر عروض المسرحية على «مسرح المدينة»، لغاية 19 مايو (أيار) الحالي.

وفي نهاية العمل يرمي الشريكان كميات من أحجار الزهر للدلالة على أقدارٍ لا يُمكن للعِلم ولا للطبيعة التّحكم بها. إنها لعبة الاحتمالات بامتياز في حياة نجهل تحديد خطوطها. فهل هي التي توجّهنا أم أن العكس صحيح؟


روبي تثير الاهتمام في مصر بأغنيتها الجديدة «الليلة حلوة»

روبي تثير الاهتمام بأولى أغنياتها في الموسم الصيفي 2024 (صفحتها على إنستغرام)
روبي تثير الاهتمام بأولى أغنياتها في الموسم الصيفي 2024 (صفحتها على إنستغرام)
TT

روبي تثير الاهتمام في مصر بأغنيتها الجديدة «الليلة حلوة»

روبي تثير الاهتمام بأولى أغنياتها في الموسم الصيفي 2024 (صفحتها على إنستغرام)
روبي تثير الاهتمام بأولى أغنياتها في الموسم الصيفي 2024 (صفحتها على إنستغرام)

أثارت الفنانة المصرية روبي الاهتمام بأغنيتها الجديدة «الليلة حلوة»، وتصدرت قوائم الموضوعات الأكثر رواجاً عبر منصة «إكس»، بعد ساعات من طرح الأغنية على صفحتها بمنصة «يوتيوب».

وتميز كليب «الليلة حلوة» بالأجواء الصيفية، بوصفه أولى أغنيات روبي في الموسم الصيفي، خصوصاً أن اللقطات المصوّرة دارت فكرتها حول عدد من الفتيات خلال رحلة سياحية في أحضان الطبيعة المذهلة بلبنان، من الجبال إلى شاطئ البحر.

والأغنية من كلمات محمد مصطفى ملك، وألحان محمود أنور، ومكس وماستر عمرو الخضري، وغيتار مصطفى نصر، وإنتاج ورؤية فنية إسلام صيام، وإخراج أحمد عبد الوهاب.

ويرى الناقد الفني فوزي إبراهيم أن الفنانة روبي امتازت خلال الفترة الماضية بتلك الأغنيات البسيطة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تتميّز روبي عن باقي مطربات جيلها، لمقدرتها على تقديم جميع الأشكال الغنائية البسيطة غير المكلفة، خصوصاً الأغنيات التي تتضمّن كلمات مليئة بالعاطفة والإحساس، وقد رأينا ذلك في أغنيات (حتة تانية)، و(قلبي بلاستيك)، و(لازمة خفاش)، و(3 ساعات متواصلة)».

وعن سبب اختلاف أغنية «الليلة حلوة» عن باقي أغنياتها الماضية، أوضح: «إنها رومانسية جديدة شكلاً، وتعيد إلى الأذهان أغنيات روبي العاطفية القديمة مثل (مشيت ورا إحساسي)، و(يا لرموش)، وأغنيات ألبومها الأول، بالإضافة إلى الصورة والمناظر الجميلة التي اعتمد عليها المخرج أحمد عبد الوهاب في الفيديو المصور للأغنية».

وأشاد الناقد المصري بالتوزيع الموسيقي الذي اعتمد عليه موزع الأغنية عمرو الخضري قائلاً: «التوزيع الموسيقي للأغنية جاء متميزاً للغاية، ومتماشياً مع اللحن الذي وضعه محمود أنور».

كانت الفنانة روبي قد أثارت الجدل مع إطلاق أغنيتها «3 ساعات متواصلة» منذ أشهر عدّة، من كلمات وألحان الفنان عزيز الشافعي، وقد طالب البعض بحذفها بسبب جرأة كلمات الأغنية.

يذكر أن الفنانة روبي تنتظر عرض فيلم «عصابة المكس» في عيد الأضحى المقبل، الذي تشارك في بطولته إلى جانب الفنانين أحمد فهمي ولبلبة، بعد نحو عام من بطولتها في فيلم «جروب الماميز».

وشاركت روبي في السباق الدرامي الرمضاني الماضي بغناء تتر مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي» للفنانة هدى حسين والفنان ماجد المصري، والأغنية من كلمات منّة عدلي القيعي، وألحان وليد عطار، وتوزيع أحمد طارق يحيى وإسماعيل نصرت، ومن إنتاج «كاسيت ميديا».

وقدّمت خلال الموسم الرمضاني حملة ترويجية غنائية رفقة الفنانة دينا الشربيني لصالح إحدى شركات الأجهزة الكهربائية على شكل فوازير كانت تدور حول دول العالم.


استعادة مصرية - هندية لأعمال محفوظ وطاغور

طاغور ومحفوظ من الأدباء الذين حصلوا على «نوبل» (منسّق المعرض)
طاغور ومحفوظ من الأدباء الذين حصلوا على «نوبل» (منسّق المعرض)
TT

استعادة مصرية - هندية لأعمال محفوظ وطاغور

طاغور ومحفوظ من الأدباء الذين حصلوا على «نوبل» (منسّق المعرض)
طاغور ومحفوظ من الأدباء الذين حصلوا على «نوبل» (منسّق المعرض)

استعاد فنانون من مصر والهند أعمال الأديبين الكبيرين حائزَي «نوبل» الآداب، المصري نجيب محفوظ، والهندي رابندرانات طاغور، في معرض أُقيم بالقاهرة، لتعزيز جسور التواصل الثقافي بين البلدين.

ويحتفل «المركز الثقافي الهندي» في العاصمة المصرية بذكرى ميلاد طاغور، بإجراء حوار بينه وبين محفوظ، في المعرض المستمرّ لأسبوعين، الذي افتتحه السفير الهندي أجيت جوبتيه، بمشاركة فنانين من 21 دولة.

سفير الهند في القاهرة افتتح معرض كاريكاتير طاغور ومحفوظ (صور المنسّق)

يقول منسّقه، الفنان التشكيلي المصري فوزي مرسي، لـ«الشرق الأوسط»: «فكرته جاءت بعد معرض أقمناه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بذكرى الاحتفال بميلاد المهاتما غاندي. اقترحتُ على مدير (المركز الثقافي الهندي) إقامة معرض سنوي نرصد فيه، بواسطة الأعمال الفنية، الشخصيات الشهيرة والمؤثّرة في مصر والهند، ورحَّب بالاقتراح. كان الاحتفال بميلاد شاعر الهند الكبير طاغور فرصة لإقامة هذا المعرض الذي يضمّ بورتريهات له، بعضها يستدعي أعماله في حوار فنّي متخيَّل بينه وبين أديب (نوبل) المصري نجيب محفوظ».

التنظيم لمركز «مولانا آزاد الثقافي» الهندي، بالتعاون مع متحف الكاريكاتير في الفيوم (جنوب مصر)، ومنصة «إيجبيت كارتون»، بمشاركة مجموعة من الفنانين المصريين هم: أحمد علوي، وحسني عباس، وأدهم لطفي، وفاروق موسى، وخالد المرصفي، ونورا مكرم، وغادة مصطفى، وهدير يحيى، وباسم أدهم لطفي، وهاني عبد الجواد، ومروة إبراهيم، وعمر صديق، وشيماء شافعي، وياسمين جمال، بالإضافة إلى فنانين من دول مختلفة.

ويشير مرسي إلى أنه «تُخصَّص هذا العام، وللمرَّة الأولى، جوائز لأفضل الأعمال المصرية المُشارِكة في المعرض؛ ففازت بالمركز الأول مروة إبراهيم، وبالمركز الثاني خالد المرصفي، وبالثالث شيماء شافعي»، موضحاً أنه تقدم نحو 150 عملاً من مختلف أنحاء العالم تتناول أعمالاً وبورتريهات بالكاريكاتير لنجيب محفوظ وطاغور، واختير 50 عن طريق لجنة تنظيم المعرض.

فنانون من 21 دولة شاركوا في معرض طاغور ومحفوظ (صور المنسّق)

يُعدّ رابندرانات طاغور المولود في كلكوتا بالهند يوم 7 مايو (أيار) 1861 واحداً من أعظم شعراء العالم. كتب الشعر وحرَّره من أطره التقليدية ومن اللغة السنسكريتية، واستخدم العامية البنغالية في أشعاره، كما كتب المسرح والرواية. ومن أشهر أعماله، المجموعة الشعرية «ماناسي»، ومسرحية «تشيترا»، ورواية «جورا»، بالإضافة إلى المجموعة الشعرية «جنتجالي» أو «قربان الأغاني»، عام 1910. وحصل على جائزة «نوبل» عام 1913. وفارق الحياة عام 1941 عن 81 عاماً.

افتتاح المعرض شهد فقرات رقص وغناء هندي (منسّق المعرض)

يتابع: «المعرض يتناول مدارس فنّية مختلفة، عبر الرسم الكاريكاتيري، ويستعيد سيرة روّاد الأدب في مصر والهند»، كاشفاً أنه «يمكن العمل على نقله وإعادة تقديمه في متحف نجيب محفوظ بذكرى ميلاده»، لافتاً إلى أنّ «الافتتاح تضمن فقرات غناء ورقص هندي لقيت إعجاب الحاضرين من الدبلوماسيين أو الشخصيات العامة أو الفنانين».

بعض الأعمال المشاركة في المعرض استلهمت أجواء روايات محفوظ (صور المنسّق)

من جهته، يُعد محفوظ (1911 - 2006) أبرز الأدباء المصريين والعرب، وقد حصل على جائزة «نوبل» الآداب عام 1988؛ ومن أبرز أعماله الروائية «الحرافيش»، و«أولاد حارتنا»، و«بداية ونهاية»، وثلاثية «قصر الشوق»، و«بين القصرين»، و«السكرية».


سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)
وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)
TT

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)
وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

تُفرح المخرج السوري سامر البرقاوي تقييمات مُنصفة تُقدِّر جهده وتضعه في المكانة اللائقة. لكنها ليست هاجسه، بقدر أنْ تُشكّل الصورة تعبيراً كاملاً عن أفكاره. منذ اختياره المهنة، وعمله جارٍ على تطوير الأدوات لتسهيل تناول المواضيع الأكثر تعقيداً. أكّد «تاج» الرمضاني تألّقه، حين صوَّر الجمال على أصنافه: المكان والمشهد والوجوه والتحوّلات.

يُصارح «الشرق الأوسط» بأنّ شيئاً لم يكن ليتحقّق لولا الجهد الجماعي: «نصّ الكاتب عمر أبو سعدة، والممثل تيم حسن، والمنتج صادق الصبّاح. إنه لقاء الجهود. هذه الشراكة بدأت في (الزند/ رمضان 2023) واستمرَّت بـ(تاج). ظروفها مكتملة ونتائجها مُحبَّبة. وإذا كانت مثمرة، فلا مانع أن تستمرّ».

يطوّر أدواته لتسهيل تناول المواضيع الأكثر تعقيداً (صور المخرج)

يحلو سؤال المخرجين عن حجم سُلطتهم. أهي مُطلقة؟ ثقل العمل تحمله أكتافهم، فكيف يتعاملون مع الأحمال؟ السُلطة عند سامر البرقاوي مُطلقة «لأنّ المسؤولية مُطلقة أيضاً». يقرّ بتحمُّل المخرج «التبعات بالدرجة الأولى»، ويقول: «من موقعه، يملك الحقّ والرؤية، ويُساءَل عنهما في النهاية. هذا واقع مهنة الإخراج وكيفية النظر إليها. ثمة حقوق وواجبات يوضع أمامها. لا بدّ من صلاحيات يفوّضها إليه شركاء العمل. وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل».

يدرك قيمة الجهود الإبداعية حين تتيح لمشروع أن يشعّ، ويتحدّث عن «العمل الجماعي المهمّ في تكريس النجاح». ولكن، هل يعني ذلك أنّ هذه الثلاثية (البرقاوي - تيم حسن - الصبّاح)، يُضاف إليها نصّ أبو سعدة، على طريق التكرُّس، وأنّ المُحاوَر بات يتوجَّس من أي مغامرات خارجها؟ جوابه أنّ الظرف هو ما يجمع الشركاء على طاولة، وأيضاً «الهواجس المشتركة». فالتركيبة مهمومة بالعطاء الكامل لبلوغ الغاية؛ وهي الفرادة وصناعة الفارق.

لقاء الجهود (صور المخرج)

يُصرّ على أنّ العملية الإبداعية ليست مسألة يُحدّدها الرقم: «في الرياضة، ثمة الأول والثاني وسائر المراتب. الفنّ شأن آخر. هنا الهواجس تتعلّق بالطموح. تتلمذتُ في مدارس متنوّعة قائمة على التباين. من خلالها، تعلّمتُ بناء طرق تعبيري الخاصة وفهمي الخاص للمهنة. ما دمتُ قادراً على إيصال هذا الفهم للمُشاهد، فذلك أبلغ تأكيد على نجاحي».

بالتوازي، تُدغدغ المدائح مَن يعملون بوفاء. لا يخفي سامر البرقاوي أنّ آراء حول جهوده تمنحه الدافع وتُحرّض على مزيد من إثبات القدرات، لكنها ليست وحدها معيار التفوُّق: «التقدير يُغريني، إنْ حرَّك ما أطمح إليه على مستوى علاقة الصورة بالتعبير».

لم يكن شيء ليتحقّق لولا الجهد الجماعي (صور المخرج)

السنوات؛ أتُصعِّب المَهمَّة أم تُسهِّلها؟ الخبرة الطويلة، تُذلِّل شقاء حاملي الكاميرات؟ يجيب: «المَهمّة تصعُب لتأثُّرها بعاملين: الظرف العام المرتبك، وتطلّبات المُشاهد المتكاثرة مع الانفتاح البصري». يدرك أنّ للدراما العالمية مدارس متطوّرة تفرض اتّساع حجم الاستحقاقات. ولأنّ المنطقة مشتعلة والأحوال قدرها التقلّبات، يصبح تأمين مسارح العمل شاقاً، والوصول به إلى النور أقرب إلى مرارات.

أين حدود تدخُّل المخرج في النصّ؟ يوضح أنّ المسألة تتخطّى كونها مزاحمة، لانعقاد طاولة حوار تجمع الشركاء حول العطاء الأفضل. يقول: «نسمّيه مطبخ الأعمال أو خليّة، من دون أن يعيب على المشروع أن يقدّم الواحد منا مقترحاً وتتبنّاه الأطراف الأخرى، ما دام جامعاً. ولا يعيب على المخرج أن يُكلَّف بفكرة ويشعر أنه يتبنّاها. لكنني، ومنذ مدّة غير قريبة، ما عدتُ أُكلَّف بقدر ما أشارك في بناء المشروع حول الطاولة هذه».

يعمل مع محترفين يدركون حقيقة المسافة بين المخرج وأدواته وعناصر العمل الفنّي، فيحترمون مكانته ووظيفته في التصويب والتعديل. الوعي والحرفية يُجنّبان الطرفين سوء الفهم، فيُعقّب: «تراكم الأعمال مع ممثل يتيح تلاشي الملاحظات مع الوقت. في اللغة المحكية نقول (بيفهم عالطاير). هذه خلاصة مراكمة التجارب».

هاجس سامر البرقاوي أن تُشكّل الصورة تعبيراً كاملاً عن أفكاره (صور المخرج)

يستوقفه مزاج المتلقّي المتأثّر بالمواكبة التقنية، بينما يجيب عن سؤال أبرز التحدّيات المهنية المُحتَملة مواجهتها. ينفي أن تتّخذ هذه التحدّيات شكلاً ثابتاً أو ملامح واضحة، لارتباطها بالظروف الكبرى والمحدودة. فإنْ كانت الأولى تشمل الاحتراق العام، فإنّ المحدودة تعني اختيار مكان التصوير والعقبات المُراد تذليلها، وحجم الأيدي الممدودة للمساعدة.

وماذا عن الشرط الإنتاجي؟ قدَّمت «الصبّاح» مسلسل «تاج» بضخامة قلّما تحدُث، فهل يعني أنها المعيار الثابت لجميع المشاريع المقبلة؟ وما موقفه إنْ تواضع الإنتاج بعدما خَبِر الوفرة والسخاء؟ يشرح أنّ الشرط الإنتاجي قد تفرضه الجهة العارضة، تزامناً مع شركة لها تاريخها العريق، فلا تتنازل عن الجودة. لا يشطب من خياراته احتمال توقيع عمل أقل إبهاراً إنتاجياً، ما دام يراعي شرطه الأهم: «احترام المُشاهد». يقول: «ليس هاجسي الارتباط بعمل ضخم، بل إنّ الأعمال تباعاً اتّخذت هذا المسار. الفكرة تتقدَّم، ثم يأتي الإنتاج لخدمة الأفكار. الإمكانات الأقل تفرضها الأفكار، ويصحُّ العكس».

ينظر إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟». يطرح أسئلة المستقبل. يشغله تجديد أدواته والاكتراث لديناميكيتها، وزيارة أماكن لا تتشابه لامتحانها. لا مفرّ من الإحساس بالأخطاء ومحاولة استدراكها، لكنّ البحث عن المختلف هو المُحرّك. من هنا يجيب عن سؤال الإنتاج: «الهاجس فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً. استحقاقات محاكاة الراهن تنتقل لاحقاً إلى استحقاق إنتاجي». طاولة الحوار شاهدة على اجتماعات مكثّفة حول ما سيقدَّم في رمضان المقبل.


هل تزيد نوبات العمل الليلية خطر الإصابة بالسمنة؟

نوبات العمل الليلية تؤثر على الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجية في الجسم (رويترز)
نوبات العمل الليلية تؤثر على الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجية في الجسم (رويترز)
TT

هل تزيد نوبات العمل الليلية خطر الإصابة بالسمنة؟

نوبات العمل الليلية تؤثر على الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجية في الجسم (رويترز)
نوبات العمل الليلية تؤثر على الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجية في الجسم (رويترز)

بحثت دراسة أميركية في مدى تأثير نوبات العمل الليلية على الإصابة بأمراض معينة، وانتهت إلى أن العمل لبضعة أيام فقط في الورديات الليلية يمكن أن يزيد من خطر إصابة الأشخاص بالسمنة والسكري.

وتوصلت الدراسة التي نُشرت نتائجها، الخميس، بدورية «Proteome Research» إلى أدلة جديدة في سبب تعرُّض عمال الوردية الليلية لخطر أكبر للإصابة بالسكري والسمنة وغيرهما من الاضطرابات الأيضية.

وبيَّنت أن نوبات العمل الليلية، التي تمتد عادة بين الساعة 10مساءً و6 صباحاً، تحمل تحديات صحية متعددة بالنسبة للعاملين الذين يواجهون اضطرابات النوم، بسبب التعارض مع الإيقاع الطبيعي للجسم، مما يؤدي إلى صعوبة النوم في النهار، كما أنهم معرضون لمخاطر أعلى للإصابة بأمراض مزمنة، مثل السكري واضطرابات القلب.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني العاملون ليلاً من تأثيرات نفسية وعاطفية سلبية بسبب العزلة والتوتر، الأمر الذي يؤثر على صحتهم العقلية، كما أن الإرهاق والتعب الناتجين عن العمل الليلي يقللان أيضاً من كفاءتهم الإنتاجية، ويزيدان خطر وقوع حوادث وارتكاب أخطاءٍ في مكان العمل، وفق دراسات سابقة.

وشملت الدراسة الجديدة تجربة معملية خاضعة للرقابة، لمجموعة من المتطوعين وُضعوا على جداول ورديات ليلية أو نهارية لمدة 3 أيام.

وبعد انتهاء ورديتهم الأخيرة، أُبقي المشاركون مستيقظين لمدة 24 ساعة تحت ظروف ثابتة من الإضاءة، ودرجة الحرارة، والوضعية، وتناول الطعام، لقياس إيقاعاتهم البيولوجية الداخلية.

وحُللت عينات الدم التي سُحبت بانتظام منهم طوال فترة الـ24 ساعة، لتحديد البروتينات الموجودة في خلايا الجهاز المناعي بالدم.

ووجد الباحثون أن العمل لبضعة أيام فقط على جدول الوردية الليلية يمكن أن يؤدي إلى خللٍ في إيقاعات البروتينات المرتبطة بتنظيم الغلوكوز في الدم، وعملية التمثيل الغذائي للطاقة، والالتهاب، وهي عمليات قد تؤثر على تطور الحالات الأيضية المزمنة، وعلى رأسها السمنة والسكري من النوع الثاني.

ووجدوا أيضاً أن الآلية التي تحافظ على مستويات الغلوكوز في الجسم ضمن نطاق صحي، لم تعد متزامنة لدى المشاركين في الورديات الليلية.

وأشار الباحثون إلى أن مستويات الغلوكوز المتغيرة قد تُلحق الضرر بالخلايا والأعضاء، وقد تُسبب مشكلة صحية على المدى الطويل.

وقال الدكتور هانز فان دونغن، الباحث الرئيسي للدراسة في جامعة ولاية واشنطن: «تعاني العمليات المرتبطة بالساعة البيولوجية في الدماغ من الاضطراب عند العمل بالنوبات الليلية، وتُظهر إشارات متناقضة تُعد النهار ليلاً والليل نهاراً، مما يسبب ضغطاً مستمراً على النظام البيولوجي للجسم ويؤدي إلى مشاكل صحية طويلة المدى».

وأضاف فان دونغن، عبر موقع الجامعة: «تُظهر الدراسة أن تلك الإيقاعات المضطربة يمكن أن يظهر تأثيرها على الجسم خلال أقل من 3 أيام، مما يُعد مؤشراً لإمكان التدخل المبكر للوقاية من الأمراض، مثل السكري والسمنة والأمراض القلبية الوعائية».


«الأبواب المفتوحة» بنسختها الأولى... شعارها «الموسيقى للجميع» في لبنان

«الأبواب المفتوحة» بمشاركة أساتذة المعهد وغيرهم من خارج لبنان (الكونسرفاتوار الوطني)
«الأبواب المفتوحة» بمشاركة أساتذة المعهد وغيرهم من خارج لبنان (الكونسرفاتوار الوطني)
TT

«الأبواب المفتوحة» بنسختها الأولى... شعارها «الموسيقى للجميع» في لبنان

«الأبواب المفتوحة» بمشاركة أساتذة المعهد وغيرهم من خارج لبنان (الكونسرفاتوار الوطني)
«الأبواب المفتوحة» بمشاركة أساتذة المعهد وغيرهم من خارج لبنان (الكونسرفاتوار الوطني)

ينظِّم «المعهد الوطني العالي للموسيقى»، في لبنان، النسخة الأولى من يوم «الأبواب المفتوحة»، وهي مبادرة فنية تُطلقها رئيسة الكونسرفاتوار، الدكتورة هبة القواس، وتهدف إلى استقطاب الراغبين في تعلم الموسيقى من تلامذة وطلاب.

يستضيف مركز «فوروم دي بيروت» هذا الحدث، (السبت)، 11 مايو (أيار) الحالي، تحت شعار «الموسيقى للجميع». من الساعة العاشرة صباحاً ولغاية الثانية عشرة ظهراً يقام هذا اليوم التوعوي، فيلتقي خلاله الهواة مع أساتذة متخصصين تابعين للمعهد وآخرين عالميين، فيساعدونهم على اكتشاف آلات عزف لا يعرفونها. كما يشرحون لهم أقسام وأنماط الموسيقى الشرقية والغربية.

وتشير رئيسة المعهد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن من شأن هذه المبادرة أن تُصبح تقليداً متَّبعاً في لبنان. «قد نقيمه لأكثر من مرة واحدة في السنة، فنتيح الفرص أمام أكبر عددٍ ممن يهوون تعلُّم الموسيقى. كما نساهم في تشجيعهم وتسجيلهم بالمعهد. وهو ما يؤمن لهم فرص عمل كبيرة في المستقبل».

تقول هبة القواس: «تأتي آلة البيانو في طليعة الآلات الموسيقية المرغوب تعلم العزف عليها. ولكن هناك آلات جميلة جداً كالـ(توبا) و(كونترباس) وغيرهما. ومن النادر أن نحظى بعازفٍ لبناني محترف يعرف استخدامها، أو يكون ملمّاً بطبيعة دورها في الحفلات الأوركسترالية».

الدكتورة هبة القواس (الكونسرفاتوار الوطني)

تتوافر في «الأبواب المفتوحة» شروحات علمية وفنية عن جميع الآلات الموسيقية. وتتابع القواس: «يشارك في هذا الشرح العلمي والتوعوي أساتذة موسيقى عالميون. وبينهم مَن جاء من مسرحَي (بولشوي) و(ماريينسكي تياتر)، فيضعون خبراتهم بتصرف هواة الموسيقى. ونحاول من خلال هذه المبادرة الإسهام في تنمية وتعليم جيل لبناني جديد. وبذلك تستمر شعلة لبنان الثقافية منارة نفتخر بها. ويتعرف الأولاد ما بين عمرَي 7 و12 عاماً، على أساليب العزف على آلات تملك أبعاداً أهم في عالم الموسيقى».

بالنسبة لهبة القواس، فإن اختيار الأولاد من أعمار معينة يأتي من باب «العلم في الصغر كالنقش بالحجر. لا شك أن انكباب الأولاد بأعمار مبكرة على تعلُّم الموسيقى يتسم بسهولة الاستيعاب؛ فالطالب ما فوق العشرين من عمره تصبح عملية تعلُّمه العزف أصعب».

الأولاد يشكلون مستقبل الموسيقى في لبنان (الكونسرفاتوار الوطني)

ينشد المعهد من خلال هذه الخطوة تحضير جيل محترف من الموسيقيين. وكذلك في دعمهم ضمن مشاريع أوركسترالية مستقبلية. «نطمح لإنشاء فرق أوركسترالية لأعمار صغيرة. فلدينا رؤية متطورة جداً حول هذا الموضوع ونتمنى تحقيقها».

وتختم هبة القواس حديثها مؤكدة أن للموسيقى تأثيرها على نسبة الذكاء عند الإنسان. وتوضح: «أبحاث علمية أخيرة تشير إلى قدرة الموسيقى على تغيير الروح وتطوير العقل، فتؤثر مباشرة على التفوق الدراسي لدى الأولاد، فحركة الدمج ما بين الموسيقى والفكر ترفع من نسبة الذكاء. كما أن العزف ضمن مجموعة موسيقية من شأنه أن يعزز فكرة التعاون الجماعي. وهو أمر له أهميته الكبرى في حياتنا ونفتقده في بلادنا».


اذهب إلى السينما أو قم بنزهة... التغيب ضمن دوام العمل يزيد الإنتاجية

كتاب نيوبورت الأخير يساعد الناس على التخلص مما يسميه «الإنتاجية الزائفة» (رويترز)
كتاب نيوبورت الأخير يساعد الناس على التخلص مما يسميه «الإنتاجية الزائفة» (رويترز)
TT

اذهب إلى السينما أو قم بنزهة... التغيب ضمن دوام العمل يزيد الإنتاجية

كتاب نيوبورت الأخير يساعد الناس على التخلص مما يسميه «الإنتاجية الزائفة» (رويترز)
كتاب نيوبورت الأخير يساعد الناس على التخلص مما يسميه «الإنتاجية الزائفة» (رويترز)

هل تريد مزيداً من الإنجاز في عملك؟ حاول الخروج إلى صالة السينما في أثناء يوم العمل، وفق نصيحة إنتاجية من كال نيوبورت، الأستاذ في جامعة جورج تاون ومؤلف كتاب «الإنتاجية البطيئة».

ووفق تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، يهدف كتاب نيوبورت الأخير إلى مساعدة الناس على التخلص مما يسميه «الإنتاجية الزائفة»، واستبدال هذا الجهد والإتيان بعمل يؤدي إلى نتائج. ووفقاً له فإن الخيار هو المفتاح للحد من الإرهاق، وإنتاج عمل أكثر فائدة.

وأوضح نيوبورت لـ«سي إن بي سي»، أن «المهم هو ما تنتجه بمرور الوقت، وما مدى جودة الأشياء التي تنتجها. وعندما تقوم بهذا التحول من تحديد أولويات، فإن ذلك يغير حقاً طريقة تفكيرك في إنجاز الأمور».

تتمثل المبادئ الأساسية للتحول إلى الإنتاجية البطيئة في القيام بأشياء أقل، والعمل بوتيرة طبيعية، والاهتمام بالجودة، وقال نيوبورت إن «العمل بوتيرة طبيعية يدور حول تقبل الذروة والانخفاضات في مستويات الطاقة لديك».

ويقدم بعض الأمثلة حول كيفية القيام بذلك، مثل حماية ساعات التركيز واحتجاز أيام عدم الاجتماع في التقويم الخاص بك.

ونصح بأن يخطط الموظف لرحلة إلى السينما أثناء العمل مرة واحدة في الشهر.

وقال نيوبورت: «في معظم الوظائف المكتبية، لن يلاحظ أحد إذا كنت تغيب مرة كل 30 يوماً فترة ما بعد الظهر. وإذا سألك شخص ما أين كنت، فقط قل إن لديك موعداً شخصياً».

وأضاف: «بالطبع عليك أن تفكر في الأمر. قم بحظر التقويم الخاص بك في وقت مبكر حتى لا تترك زملاء العمل في مأزق، وتأكد من أنك لا تفوت شيئاً مهماً. إذا ظهرت حالة طوارئ في العمل خلال ذلك الأسبوع أو اليوم، فكن مستعداً لتغيير موعد إجازتك الصغيرة».

ووفقاً له، «تشير الإنتاجية الزائفة إلى أن النشاط المرئي هو بمثابة وكيل للجهد المفيد»، ومع هذه العقلية، يعد الابتعاد عن المكتب أمراً ضاراً بمكان العمل.

وماذا عن الشعور بالذنب؟

ولفت نيوبورت إلى أننا «نأخذ بعض الوقت من العمل لأشياء مختلفة، مثل مواعيد الأطباء، ولكننا لا نرى ذلك مبرراً إلا إذا كان الظرف فيه قدر كبير من الانزعاج».

من هذا المنطلق، رأى نيوبورت أنه «من المفيد أن تتذكر كل الساعات الإضافية التي قضيتها في التحقق من البريد الإلكتروني في المساء أو العمل على الكمبيوتر المحمول الخاص بك خلال عطلة نهاية الأسبوع. ومن ثم، فإن تفويت فترة ما بعد الظهيرة في بعض أيام الأسبوع لا يؤدي إلا إلى الموازنة».

طرق أخرى لأخذ استراحة قصيرة

وأشار نيوبورت إلى أنه «ليس عليك فقط أن تكون من محبي السينما لتستفيد. يمكنك أيضاً تجربة زيارة المتحف بعد الظهر أو التنزه سيراً على الأقدام، الملاحظة الرئيسية هنا هي أنه حتى جدول زمني متواضع للهروب خلال أيام الأسبوع يمكن أن يكون كافياً لتقليل استنفاد روتين بندول الإيقاع العادي».

كما أنه يقدم طرقاً أخرى للعمل بوتيرة أكثر طبيعية، وزيادة فترات الراحة القصيرة في العمل، حتى لو لم تتمكن جسدياً من الابتعاد عن المكتب.

الأول هو أن تحدد يوماً لا تقوم فيه باجتماعات. وهناك طريقة أخرى تتمثل في جدولة مشاريع الراحة الخاصة بك، وبعد تخصيص وقت في التقويم الخاص بك لمشروع عمل كبير، قم بجدولة الوقت في الأيام أو الأسابيع التالية مباشرة لمتابعة شيء ممتع وغير ذي صلة بعملك، وفقاً لنيوبورت.

ابنِ الثقة أولاً

وأكد نيوبورت أن هذه الاستراحات الصغيرة، سواء كانت رحلة إلى السينما أم جدولة فترات الراحة الخاصة بك، لا تعمل إلا إذا كنت تقدم ما هو متوقع منك في العمل.

إن أهم شيء يجب على الموظفين التركيز عليه هو أن يصبحوا منظمين، ويكتسبوا سمعة طيبة لكونهم على رأس الأمور.

وقال: «كن معروفًا بشكل واضح كشخص منظم في المكتب يتتبع وقته ومشاريعه، ويسلم الأشياء عندما تقول إنك ستقوم بتسليم الأشياء، وإذا كان لا بد من تغيير، فأخبر الناس».