مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أريد أن أكون «سادياً»

هناك إحصاءات صادمة عن العنف ضد النساء. ففي فرنسا مثلاً قد يدهشك أن تعلم أن ما لا يقل عن 225 ألف امرأة يتعرضن للعنف من قِبل الأزواج. وإذا صدقت تلك الإحصائيات فإن 123 ألف امرأة قد ماتت ضحية لذلك العنف الأسري. وأثبتت تلك الحقيقة المؤسفة تقارير لدراسة قامت بها وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الإنسانية. هذا إذا أخذنا في الحسبان أن امرأة فقط من بين كل ثلاث تقوم بالتبليغ عما تتعرض له من أذى بينما يتكتم الثلثان، مما يدفعنا إلى التساؤل عن أعداد الضحايا في الدول التي لا يتم فيها التبليغ عن حوادث العنف.
والذي يدعو إلى الضحك المرير، أنه جاء في أحد التقارير الكلام التالي:
إنه حتى الحيوانات تتمتع بحقوق تفوق حقوق المرأة، حيث إنه إذا قام رجل بضرب كلب في الشارع الأوروبي فسرعان ما يقوم المارة بتبليغ جمعيات حقوق الحيوان، أما إذا ضرب رجل امرأته في الشارع فلن يقوم أحد بالتدخل - انتهى.
ولقد شاهدتُ أنا بأم عيني فيديو مصوراً في بلد عربي - لا أريد أن أسميه - يظهر فيه زوج يضرب زوجته في الشارع ضرباً مبرحاً، ومجاميع الرجال إما يتفرجون، وإما يواصلون سيرهم كأنّ شيئاً لم يكن.
وأكثر إيلاماً عندي من العنف ضد النساء، هو العنف ضد الأبناء الصغار. ولكي تُصعقوا اقرأوا معي ما حصل: حيث عثرت الشرطة الأميركية في منزل بمدينة صغيرة في كاليفورنيا على 12 شقيقاً وشقيقة تتراوح أعمارهم بين سنتين و29 سنة، محتجزين داخل منزلهم ويتضورون جوعاً ومتسخين.
واتضح أن إحدى البنات وعمرها 17 سنة، هي التي اتصلت بالشرطة بعدما تمكنت من الفرار من المنزل.
وعلى أثر ذلك توجهت قوة من الشرطة إلى منزل ديفيد توريين (57 سنة)، وزوجته لويز أنا (49 سنة)، حيث عثرت على أطفال مقيدين بسلاسل إلى أسرَّتهم في ظلمة حالكة ووسط رائحة كريهة تزكم الأنوف، وكانوا جميعاً يعانون سوء التغذية والمرض ومتسخين جداً.
في البداية شكّوا أن هؤلاء الضحايا ليسوا أبنائهما، ولكن بفحص (DNA) ثبت أنهم من صلبهما، وأُودع الأب والأم في السجن، ولا أدري بماذا سيُحكم عليهما!
من وجهة نظري، الإعدام لا يشفي الغليل، ولو كان لي من الأمر شيء لحكمت بسجنهما في غرفة مظلمة، وأن يقيدوهما بالسلاسل، وألا يطعموهما إلاّ النّزر القليل، ويحرموهما من الاستحمام نهائياً حتى يموتا من شدّة القذارة.
والآن ولأول مرّة في حياتي: أريد أن أكون «سادياً».