مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

سلام عاطر على ذيب وجاسر

هو خبر محزن بوفاة الطالبين السعوديين ذيب اليامي وجاسر آل راكة، في ولاية ماساتشوستس، في النهر، بعد محاولتهما الشجاعة إنقاذ طفلين يصارعان المياه أمام أمهما المفجوعة.
لكنه من جهة أخرى، فإن في الخبر صفحة بيضاء عن شهامة الإنسان السعودية، وإنسانيته، وهي مكسب يحسب لكل عربي وكل مسلم في عيون الغربيين قاطبة.
كان ذيب وجاسر ناجحين في دراستيهما، وأخذتهما النخوة و«الفزعة» والإنسانية، في هذا الموقف الشجاع، الذي تناولته الميديا والساسة في أميركا.
المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نيوريت قالت في بيان صحافي: «إن الشابين اللذين حاولا بشجاعة إنقاذهما لطفلين من الغرق يعدان نموذجاً للطلاب من خارج الولايات المتحدة، وممن يثرون المجتمعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة». وأضافت: «لقد كان ذيب وجاسر من بين الطلاب السعوديين الدارسين في الولايات المتحدة، وقد عكسا فهماً دولياً أكبر ووجهات نظر متنوعة في الحرم الجامعي والمجتمعات الأميركية، وفي بلادهم».
الحق أن العلاقات «الإنسانية» والتلقائية بين إنسان الجزيرة العربية، والمجتمع الأميركي، قديمة، بالاتجاهين، وتجربة شركة «أرامكو» مثال حي لها. وفي المقابل كان هناك أمثلة من سعوديين رحلوا وعملوا وتعلموا في الولايات المتحدة، منذ وقت مبكر.
في صفحة «مشراق» المتخصصة بالتاريخ والأدب المحلي بصحيفة «الاقتصادية»، نجد هذه اللمحات عن «الرواد» السعوديين في أميركا:
مثلاً، عبد الله الخليفة من أهالي القصيم هو أول سعودي يصل إلى الولايات المتحدة. محمد الرواف ربما قد سبقه للذهاب إلى الولايات المتحدة. فالرحالة والضابط الإنجليزي شكسبير المقتول بمعركة جراب يشير إلى أنه التقى عام 1914 بمحمد الرواف. ويذكر أن الرواف كان يتكلم الإنجليزية بلهجة أميركية، ويفيدنا بأنه قد اشتغل مسؤولاً عن الجمال العربية في معرض أقامته بمدينة شيكاغو قبل 15 عاماً.
الكابتن شكسبير التقى عبد الله الخليفة ببريدة 1914 وتحدث عنه في رحلته. لاحظ أن عبد الله يتحدث الإنجليزية بلهجة أميركية.
من القصيم أيضا رجال رحلوا وعملوا مبكراً في أرض الأحلام الأميركية، كجار الله العساف، وحمود المطلق، وعبد الرحمن المرشود، ذهبوا إلى أميركا حاملين معهم عدداً من الخيول لفرجينيا عام 1927.
خليل الرواف وصل أميركا عام 1935، وهو أول سعودي يحصل على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة، وبعد مكوثه فيها لفترة شارك في عدة أفلام في هوليوود.
سبب كثرة المغامرة والرحلة لأقاصي الأرض لدى سكان القصيم يعود للنزعة التجارية وحس المغامرة القديم فيهم.
من الحسن تذكرها اليوم، حتى نعلم أن طلبة اليوم في أميركا يطأون أرضاً سبقهم لها الأسلاف. ورحمة الله على البطلين ذيب وجاسر.
[email protected]