مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

فرنسا بطلة العالم... كرواتيا مثال الدنيا

فازت فرنسا، فعلتها، للمرة الثانية، ورفعت الكأس الذهبية العالمية لكرة القدم، قمة المجد الكروي، وكرة القدم، قمة الرياضات الشعبية في الكوكب الأرضي.
فعلتها فرنسا في يوم تكلّلت فيه بالغار، غار الظفر، وهتف الفرنسيون بالمارسيليز، أنشودة الفخار الوطني الفرنسي، تحت قوس النصر في الشانزلزيه ونحو برج إيفل.
فعلها أبناء المدرب ديشان، وهو الذي فعلها من قبل تحت إمرة جاكيه، من قبل مع جيل الأسطورة زين الدين زيدان 1998، وها هو اليوم يضيف نجمة أخرى لسجل المحامد والمفاخر الفرنسية الوطنية.
نعم كرة القدم ليست فقط مباراة من تسعين دقيقة أو أكثر، وتنتهي الأمور عند هذا الحدّ، بل هي ظفيرة ينجدل بها السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، ولعلّ رقصات وقفزات الرئيس الفرنسي مع زوجته على أنغام النصر من موسكو، عقب إطلاق الحكم الأرجنتيني الصارم صافرته بعد الرباعية الفرنسية أمام الفريق «المحترم» كرواتيا، الذي كان طرفاً بطلاً بمشوار يدرس في الروح والجدّ والجماعية، واستشعار المسؤولية الوطنية أمام أهالي زغرب وبقية المدن والقرى الكرواتية. ولعلّ حضور سيدة القرار الكرواتي الأول، الرئيسة (كوليندا كيتاروفيتش) يترجم الروح الوطنية الكرواتية بفضل كتيبة المدرب (زلاتكو داليتش) التي سرت في شرايين الشعب الكرواتي القليل العدد في جغرافيا الأزمات العرقية والدينية في البلقان.
كثيرة هي الدروس التي يجب التأمل فيها من كأس العالم روسيا 2018 من حسن التنظيم، وصراع الفرق المجتهدة غير الموجودة على قائمة الترشيح، ودرس خاص لفرقنا العربية وبقية الفرق الأفريقية والآسيوية (تحية لليابان وكوريا الجنوبية، والسنغال).
لكن ما يلفت الانتباه في النصر الفرنسي، هو ما لفت الانتباه من قبل في فريق زيدان 98 هو تعدد المنابت والجذور لأعضاء المنتخب الوطني، ففي النسخة الحالية من الفريق الفرنسي، نجد شباناً جلبوا المجد لفرنسا من أصول سنغالية ومالية وكاميرونية وغينية وغانية ومغربية، لن أتحدث عن أصحاب الأصول الأوروبية، فهذا ليس بغريبة تحكى، لكن غير ذاك هو ما يحكى.
نجم فرنسا الأول، الظاهرة، كيليان إمبابي، الذي حاز جائزة أفضل لاعب في المونديال الروسي، مثال فريد، هذا القطار الفرنسي السريع، الشاب الصغير صاحب الـ19 عاماً، فرنسي من أبوين فرنسيين، لكن الأم، فايزة، صاحبة أصل جزائري، والأب ويلفريد، من أصل كاميروني.
الأمر ينطبق على منتخبات أخرى مثل المجتهد بلجيكا ومنتخب إنجلترا، فهل يفتح هذا الواقع على الجدل الأوروبي حول مسألة الهجرة وجدواها، أم هي ومضة سريعة تضمحل مع الوقت في مياه الفتن السياسية والأمنية لاحقاً؟
كأس عالم كان درساً رائعاً بكل شيء.