زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

البحث عن عائلة «الباشا»!

إن الهدف من العمل في وادي الملوك الغربي عن طريق البعثة المصرية التي أتشرف برئاستها، هو البحث عن أفراد عائلة الملك «أمنحوتب الثالث» المعروف لدى علماء المصريات باسم «الباشا»؛ ذلك أنه أول من بنى مقبرة في الوادي الغربي، وتحمل الآن رقم 22؛ ولذلك نعتقد أن عائلته يجب أن تكون قد دفنت إلى جواره. ونحن نعرف أن ابنه ووريثه هو «أمنحوتب الرابع» المعروف باسم «أخناتون»، الذي أعلن وجود الإله الواحد «آتون» خلف قرص الشمس. وقد بنى لنفسه مقبرة بالوادي الغربي تحمل رقم 25؛ لكنه لم يدفن بها؛ ربما لأنه ترك طيبة (الأقصر) ومن فيها لكهنة «آمون» الذين ناصبوه العداء بعد إعلانه الدين الجديد.
ولذلك يتضح من دراسة المقبرة أنها لم تستعمل عن طريق «أخناتون» أو غيره، وتركت خالية تماماً.
ونعرف أن الملك «أمنحوتب الثالث» قد تزوج من الملكة «تي»، أقوى امرأة في التاريخ الفرعوني؛ والتي استطاعت أن تحصل على قلب «أمنحوتب الثالث» رغم أنها لم تكن من أصل ملكي! وشاهدنا تماثيلها تتساوى في الحجم مع تماثيل فرعون نفسه، وذلك للمرة الأولى. ولقد بنى لها «أمنحوتب الثالث» قصراً في الملقطا بالأقصر، تجاوره بحيرة يتنزهان فيها بقارب «آتون». وكان الملك «أمنحوتب الثالث» ينوي أن تدفن معه في مقبرته؛ وكذلك الملكة «ست آمون». وقد بنى المقبرة بحجم كبير، وبها حجرات لدفن الملكتين، ويبدو أن الملك قد مات قبلهما؛ لأنه عانى كثيراً من الأمراض في حياته، حتى أنه أمر رئيس وزرائه بأن يضع كثيراً من تماثيل ربة الشفاء «سمخت» داخل معبده الجنائزي بالبر الغربي من الأقصر؛ طمعاً في الشفاء من الأمراض التي يعاني منها. وهذا المعبد معروف جداً للعامة والخاصة، لوجود تماثيل ضخمة للملك على مدخله الجنوبي، معروفة باسم «تمثالي ممنون». وتشير الأدلة إلى أن الملكتين لم تدفنا معه! ولذلك هناك آراء تقول إن الملكة «تي» قد دفنت داخل قبر «أخناتون» بالعمارنة، ولكن ليست لدينا أدلة كافية على ذلك.
وقد أنجب الملك «أمنحوتب الثالث» وزوجته «تي» خمس أميرات، منهن الأميرة التي عثر على المومياء الخاصة بها، والمعروفة باسم «مومياء السيدة الصغيرة» داخل مقبرة الملك «أمنحوتب الثاني». وقد اتضح لنا بعد دراسات الحمض النووي أن هذه المومياء تخص أم الملك «توت عنخ آمون»، وهي في الوقت نفسه ابنة الملك «أمنحوتب الثالث» والملكة «تي».
ولم يتم العثور على أي مقبرة خاصة بالأميرات الخمس، ولذلك فمن المحتمل أن يكن بجوار مقبرة أبيهن بالوادي الغربي.
وبعد ذلك نأتي إلى الملكة «نفرتيتي» التي تزوجت الملك «أخناتون»، ولا نعرف هل دفنت بتل العمارنة أم أنها دفنت بوادي الملوك الشرقي أو الغربي. وعموماً فإن مقبرتها لم يعثر عليها بعد، وقد تزوج الملك «توت عنخ آمون» من الملكة «عنخ إس إن آمون» بنت الملكة «نفرتيتي» و«إخناتون». وقد تزوجت بعد موته من الملك «آي» لكي تعطيه شرعية للحكم؛ ولذلك فمن المحتمل أن تكون قد دفنت بجوار مقبرة الملك «آي» بالوادي الغربي.
وأخيراً لم يتبق من أفراد العائلة غير الأميرات الأربع من الملك «أخناتون» و«نفرتيتي»، وهن «مريت آتون»، و«مكت آتون»، و«ستب إن رع»، و«نفر نفرو رع»، و«نفر توم آتون». لذلك فإن الوادي الغربي هو المكان المثالي لدفن أفراد عائلة الملك «أمنحوتب الثالث»، لكي يكونوا جميعاً بجواره! وهذا ما نبحث عنه الآن في الوادي الغربي.