زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

أسرار الوادي الغربي!

نعرف بوجود 5 مقابر فقط بوادي الملوك الغربي بالأقصر؛ أما باقي المقابر - والتي يصل عددها إلى 64 مقبرة - فتقع بالوادي الشرقي. وكما ذكرت في مقالات سابقة أن الفرعون «أمنحتب الثالث» كان أول من بنى مقبرة في الوادي الغربي. كتب أحد مهندسي بعثة نابليون بونابرت عام 1799 تعليقاً على كشف البعثة عن مقبرة «أمنحتب الثالث» قائلاً: «عندما كنا نبحث في وادي الملوك دخلنا أنا وجوليز إلى وادٍ ثانٍ وعثرنا على مقبرة لم تسجل عن طريق أي أحد». وتعتبر هذه المقبرة من المقابر الكبيرة، حيث تبدأ بممر هابط طويل تليه بئر حوائطها مزخرفة بمناظر للفرعون في العالم الآخر؛ وبعد ذلك نجد حجرة ثم صالة مرسومة بمناظر ملونة غاية في الجمال؛ وبعد ذلك نصل إلى حجرة الدفن بعد عدد من الممرات والحجرات الجانبية. وجدران حجرة الدفن مزينة بمناظر كتاب الموتى المعروف باسم كتاب «ما هو موجود في العالم الآخر» وداخل حجرة الدفن يوجد التابوت الذي عثر على أجزاء بسيطة منه وقامت بعثة جامعة واسيدا اليابانية باستكماله. ويوجد عدد من المخازن حول الحجرة، بالإضافة إلى حجرتين لدفن الملكتين «تي» و«ست آمون».
وأغلب المناظر داخل المقبرة مفقودة مثل رأس الملك أو ربات الحماية! حيث سرقت للأسف ومعروضة بمتحف اللوفر في باريس! وعلى بعد نحو 60 متراً من مقبرة «أمنحتب الثالث» عثر العالم الألماني لبسيوس على مقبرة أخرى صغيرة عام 1845، وأعطى للمقبرة الرقم (A). وأعتقد أنها حجرة لتخزين الأواني الجنائزية الخاصة بمقبرة الملك «أمنحتب الثالث»، وهي المقبرة الوحيدة بالوادي الغربي التي عثر بها على أختام الجبانة سليمة.
بعد ذلك نأتي إلى الفرعون «آي» الذي جاء بعد الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» وعثر له على مناظر داخل مقبرة توت وهو يقوم بعمل طقسة «فتحة الفم»؛ وهي عبارة عن طقسة تعيد مومياء المتوفى للعالم الآخر كي يأكل ويسمع ويرى. وقد عثر المغامر الإيطالي بلزوني على مقبرة «آي» عام 1816. بدأ بلزوني حياته بالعمل في السيرك وجاء إلى مصر وقام بالعديد من الاكتشافات والمغامرات أهمها كشف مقبرة «سيتي الأول» بالوادي الشرقي؛ ومقبرة «آي» بالوادي الغربي. وبعد ذلك جاء الأثري الراحل أتوشادن عام 1972 ليعمل داخل المقبرة وعثر أثناء التنظيف على غطاء التابوت الموجود داخل حجرة الدفن. وتتشابه المقبرة تماماً مع مقبرة «توت عنخ آمون»؛ وخصوصاً لوجود المنظر نفسه للساعة الأولى من كتاب «ما هو موجود في العالم الآخر»، لذلك يعتقد أن هذه المقبرة كانت مخصصة أصلاً لدفن الملك «توت» لكي يكون بجوار جده «أمنحتب الثالث» ولكن بسبب الموت المفاجئ تقرر أن يدفن في مقبرة أخرى جاهزة. ويتقدم المقبرة مدخل يصل إلى حجرة تليها حجرة الدفن؛ والتي يوجد بها العديد من المناظر التي تصور «آي» في العالم الآخر؛ بالإضافة إلى منظر فريد للصيد.
أما المقبرة رقم (24) فعثر عليها عام 1832 وعمل بها أتوشادن عام (1991 - 1992). وأعتقد أنها كانت مخزناً لمقبرة «آي»... وبعد ذلك نأتي إلى المقبرة التي تجاورها وهي التي بنيت من أجل أن يدفن فيها «أخناتون» قبل أن يفكر في الرحيل إلى تل العمارنة. وعثر عليها بلزوني عام 1817. وأعتقد أن المنطقة التي تسبق هاتين المقبرتين لا بد أن يوجد فيها مقبرة جديدة لأي شخص ينتمي إلى عائلة الملك «أمنحتب الثالث»، وعموماً هذا ما سوف تسفر عنه الحفائر التي نقوم بها الآن في الوادي الغربي.