طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

هل هذا حقاً «نيولوك»؟

الكل يبحث عن «نيولوك»، هل ما يفعلونه في أنفسهم من تغيير ينطبق عليه هذا التعبير، أم أنه يستحق توصيفاً آخر؟ أنا شخصياً أعتبره تزويراً في وجوه رسمية، على غرار التزوير في الأوراق رسمية، رغم أنه لا يجرّمه ولا يحرّمه القانون، ويدخل قطعاً في إطار الحرية الشخصية المكفولة للجميع، إلا أن وجه الإنسان عندما يصبح من الشخصيات العامة يتحول إلى وثيقة ينبغي الحفاظ عليها.
نعم «النيولوك» هو واحد من أسلحة الفنانين للوجود ولفت الانتباه، كان عبد الحليم حافظ يحرص عليه سواء في تسريحة الشعر أو في البدلة، أو القميص، حتى في أثناء وقوفه على خشبة المسرح، كثيراً ما يضيف شيئاً ما غير مألوف، فهو أول مطرب في حدود علمي يقدمون له كوب ماء ومعه قرص دواء حان وقت تعاطيه، طبعاً كان أعداء عبد الحليم يعتبرون ما يفعله نوعاً من استجداء العطف، والاتّجار بالمرض، وأن ما وضعه في فمه ربما قرص أسبرين إن لم يكن قرص حلوى، ولم يقتنعوا أن الرجل يعاني ويقترب من شاطئ النهاية إلا بعد رحيله في ذروة عطائه.
باقي المطربين والمطربات في هذا الجيل الذين تُطلق عليهم «الميديا» العصر الذهبي، لن تجد التغيير لديهم إلا في تسريحة الشعر والفستان؛ مذيع حفل أم كلثوم كان يقضي عشر دقائق وهو يصف للناس بدقة فستانها ومنديلها. «ثومة» عاصرت زمن التلفزيون، إلا أنها كانت ترفض نقل حفلها على الهواء.
في كل الأحوال لا يزال المطربون الرجال أمثال عمرو دياب وكاظم الساهر وراغب علامة وصابر الرباعي وغيرهم يجددون فقط في التسريحة أو اللحية أو النظارة، حتى الشاب خالد عندما ارتدي زياً صعيدياً في أحد الإعلانات الرمضانية، ظل هو الشاب خالد كما نعرفه قبل أكثر من 30 عاماً.
أغلب من نجد أنهن تغيرن ونضيع وقتاً طويلاً في التعرف عليهن، هن النجمات سواء في الطرب أو التمثيل، كثيراً ما تسأل: هل تلك التي صعدت على خشبة المسرح أو رأيتها على الشاشة، هي حقاً فلانة التي قطعتُ تذكرة الدخول من أجلها؟
قسط وافر من النجمات تتمسكن بملامح الشباب، ومقابل ذلك تفقدن القدرة على التعبير. ملء الفراغات وشد الوجه يُفقد الإنسان القدرة على الانتقال من حالة تعبيرية إلى أخرى. عندما يُصبح التعبير الواحد هو المسيطر على الموقف فَقُلْ على فن التمثيل السلام.
كلٌّ منا لا يشعر قطعاً بسعادة وهو يرى علامات التقدم في العمر تعلن عن نفسها، إلا أننا في نهاية الأمر نتقبلها، لأنها جزء من الحياة ونبحث في العادة عن مميزات حققتها لنا سنوات الخبرة.
الإنسان الدائم التغيير لملامحه لا يمتلك الثقة الكافية بنفسه، يستشعر خوفاً ما بداخله. تابعنا نجمة شابة رائعة في الجمال، قررت فجأة تغيير ملامح أنفها، ومع الأسف لا تزال نجمتنا تحاول أن تضبط منذ عامين الخطأ الذي ارتكبه الطبيب الجراح، فهو لم يحسن استخدام المشرط. لدينا نجمة أخرى من جيل أسبق، اضطرت إلى أن تحبس نفسها في المنزل ثلاثة أعوام لإزالة آثار العدوان الذي أحدثه الطبيب بالجرعات المكثفة من «البوتوكس»، حالياً صارت تشارك في أعمال فنية لا تلتقط لها صوراً إلا من جانب واحد فقط، لأن الآخر بات من الصعب التعامل معه بالكاميرا.
إنها العدوى التي اجتاحت بضراوة حياة الناس، وليس فقط الوسط الفني، مثل الرقصة «كيكي» رغم أنها حكاية أخرى!