طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

مواجهة الشائعة بمخ توم كروز

هل تابعتم توم كروز في الجزء السادس من «مهمة مستحيلة»، وكيف تمكن من التعامل مع القنبلة التي سوف تدمر العالم؟ الأمر ليس له علاقة بقوة جسدية، وهي متوفرة قطعاً في كروز، رغم اقترابه بخطوات حثيثة من رقم يخيف الجميع وهو الـ60، كروز يتعامل معه باعتباره مجرد مرحلة عمرية، وحتى الآن يصور القسط الأكبر من المشاهد الخطيرة التي يقدمها في أفلامه دون الاستعانة بدوبلير، فإن العضلات دائماً تحتاج إلى مخ يوجه المؤشر، وإلا صارت وبالاً على صاحبها.
بعض الأمور يحسمها العقل قبل العضلات، وهكذا أصبحت مهمة توم كروز في نهاية الفيلم، ليس أن يقتل غريمه، ولكن أن يضغط أولاً على زر الأمان، حتى لا تنفجر القنبلة النووية وتدمر العالم كله.
الشائعات التي تنتشر بين الحين والآخر، تحتاج أيضاً إلى إبطال مفعولها، مثلاً في الأيام الماضية، انتشرت في مصر ومن ثم العالم العربي، شائعة أستاذ كبير في الطب، وهو في الوقت نفسه أرمل فنانة كبيرة، تؤكد الشائعة أنه عقد قرانه على مذيعة شهيرة، تعامل الطبيب الكبير مع الشائعة على طريقة كروز فقام بتفخيخها أولاً، ونشر صورة لتمثال كبير لزوجته الفنانة الكبيرة الراحلة وأهداه إلى وزارة الثقافة المصرية، وهذا قطعاً يكفي تماماً، لكي يغلق هذا الباب.
قدم دليلاً ملموساً يؤكد أن الفنانة الكبيرة الراحلة لم ولن ترحل عن قلبه، تابعنا قبل شهرين أيضاً شائعات تنال من الحالة الصحية لأحد رؤساء الجمهورية، فلم تُصدر مؤسسة الرئاسة في تلك الدولة بياناً مباشراً، ولكن التلفزيون الرسمي عرض حفلاً يشارك فيه الرئيس.
التربة الصالحة لانتشار الشائعة هي غياب المعلومة، حتى شائعات الموت التي يتم أحياناً إرسالها لضرب فنان، كنت ولا أزال أراها «فشنك»، خاصة بعد الانتشار الفضائي، يكفي أن يظهر الفنان لمدة ثوانٍ على الهواء، في أي فضائية فتموت تلك الأكذوبة.
أشد الشائعات ضراوة والتي تعرقل مسيرة الفنان ليست قطعاً الرحيل، ولكن إصابته بمرض عضال، فهي من الممكن أن تُصيبه في مقتل، وكأنك تمنع عنه الماء والهواء، حكي لي نجم مخضرم، أنه على كثرة ما تعرض لشائعات وصلت أكثر من مرة إلى تحديد موعد جنازته، إلا أنه لم يقلق، سوى مرة واحدة وذلك من انتشار شائعة إصابته بمرض خطير يجعل أيامه في الدنيا معدودة، أصحاب شركات الإنتاج في العادة لا قلوب لهم، فصاروا يخشون من التعاقد معه على أي عمل فني، خوفاً من رحيله أثناء التنفيذ، فيتكبد المنتج خسائر فادحة، لأنه سيضطر لحذف مشاهده والاتفاق مع نجم آخر.
قال لي الفنان المخضرم والذي تجاوز السبعين من عمره، إنه لاحظ قبل أكثر من عام أن رنات الموبايل صارت شحيحة جداً، ولم يعد المنتجون يتواصلون معه، وعرف بانتشار شائعة إصابته بمرض قاتل، ولهذا لجأ للتكذيب غير المباشر، فهو من المستحيل أن ينشر مثلاً على صفحات الجرائد أشعة وتحاليل تؤكد تمتعه بصحة جيدة، فقرر أن يذهب إلى «الجيم»، وبدأ في ممارسة عدد من الألعاب التي تحتاج إلى لياقة بدنية فائقة، واهتمت الصحافة بنشر صوره أثناء تلك التدريبات، وعادت رنات الموبايل من شركات الإنتاج مجدداً، قرر الفنان الكبير مواجهة الشائعة بمخ توم كروز، وذلك بتصوير عضلاته، رغم أنها لا تقارن قطعاً بعضلات كروز!