بدأت الحكومة التركية نشر بيانات مالية، أمس، مصحوبة بتصريحات رسمية مسكنة، علها تهدئ الوضع الاقتصادي المذبذب بشدة جراء الأزمة التي قاربت على شهر منذ بدايتها، تأثرت فيها سوقها المحلية بشدة وأسواق إقليمية ودولية، بيد أن فتيل الأزمة ما زالت مشتعلة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أمس (الأربعاء)، إن الوضع الاقتصادي للبلاد بدأ يتحسن اعتباراً من أمس (الثلاثاء)، وتوقع استمرار التحسن. «بالتزامن مع التدابير التي ستتخذها مؤسساتنا المعنية». مشيرا إلى أن بلاده تنتظر حل المشكلات العالقة في أسرع وقت ممكن، مؤكداً ضرورة احترام الولايات المتحدة عمل القضاء التركي لتحقيق ذلك.
وتابع قالن «تركيا لا ترغب في خوض حرب اقتصادية، غير أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال وقوع أي هجوم ضدها».
وصعدت الليرة التركية 6 في المائة إلى أقل من ستة ليرات مقابل الدولار أمس، مدعومة بخطوة اتخذتها الهيئة المعنية برقابة القطاع المصرفي بخصوص صفقات المبادلة وتوقعات بتحسن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بعدما أطلقت أنقرة سراح جنديين يونانيين محتجزين منذ مارس (آذار).
لكن الليرة فقدت نحو 40 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، وهوت إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 7.24 ليرة للدولار يوم الاثنين الماضي بفعل مخاوف من دعوات الرئيس رجب طيب إردوغان إلى خفض تكاليف الاقتراض وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي حليف رئيسي في حلف شمال الأطلسي.
وأكد المتحدث الرئاسي، أن التقلبات الأخيرة في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية «لا علاقة لها ببنية الاقتصاد التركي وهيكليته؛ وإنما هي ناجمة عن التدابير والمواقف الأميركية غير المنطقية».
من جهته، أوضح أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية والمتحدث باسم البنوك السعودية، طلعت زكي حافظ، عدم وجود أي تأثير جوهري للانخفاض الحاصل في الليرة التركية على نتائج وجودة أصول البنوك السعودية؛ وذلك بسبب انخفاض انكشافها على العملة التركية، إضافة إلى استخدام البنوك أدوات تحوط ضد تقلبات انخفاض العملات بشكل عام.
- سلاح الرسوم الجمركية
وأعلنت تركيا أمس زيادة الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، رداً على إجراء مماثل اتخذته واشنطن في قطاعي الفولاذ والألمنيوم، في أجواء من التوتر الشديد بين البلدين.
وأصبحت الرسوم المفروضة على عدد كبير من المنتجات مثل السيارات السياحية التي باتت رسوم استيرادها تبلغ 120 في المائة، وبعض المشروبات الكحولية (140 في المائة) والتبغ (60 في المائة) والأرز وبعض مساحيق التجميل.
ويأتي هذا القرار، بموجب مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب إردوغان في وقت تمر فيه واشنطن وأنقرة بأزمة دبلوماسية دفعت هذين البلدين الحليفين في الأطلسي إلى فرض عقوبات متبادلة في أغسطس (آب).
وكتب نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي في تغريدة، إن «رسوم استيراد بعض المنتجات رفعت في إطار المعاملة بالمثل رداً على الهجمات المتعمدة للإدارة الأميركية على اقتصادنا».
وذكرت وكالة الأنباء الحكومية (الأناضول)، أن الرسوم الجديدة تعادل ضعف الرسوم التي كانت مفروضة في الأساس.
ويأتي هذا القرار بينما تدهورت العلاقات بين أنقرة وواشنطن إلى أدنى مستوى، خصوصاً بسبب اعتقال تركيا قساً أميركياً منذ عام ونصف العام. وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية مؤخراً.
ورفضت محكمة تركية الأربعاء طلباً جديداً للإفراج عن القس الأميركي، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية. فقد قررت محكمة مدينة إزمير رفض الطلب مؤكدة أن برونسون سيبقى قيد الإقامة الجبرية، حسبما أفادت وكالة «الأناضول» الرسمية.
وأكد محامي الدفاع التركي عن القس جيم هالفورت لوكالة الصحافة الفرنسية، أن محكمة أخرى في إزمير ستنظر في طلب موكله.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن الأسبوع الماضي مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين. وأدى هذا التوتر إلى تدهور قيمة الليرة التركية الجمعة، عندما خسرت 16 في المائة مقابل الدولار.
ومنذ الثلاثاء، يبدو أنها استقرت نتيجة تدابير اتخذها البنك المركزي في أنقرة، وتصريحات للتهدئة من جانب الحكومة ودعوة إردوغان إلى تحويل العملات الأجنبية، وهو ما قام به عدد كبير من الأتراك.
والأربعاء، واصلت العملة التركية تحسنها إلى ما دون عتبة الست ليرات مقابل الدولار من دون استعادة معدلاتها السابقة.
صدر قرار زيادة التعريفات الجمركية غداة دعوة إردوغان إلى مقاطعة الإلكترونيات المصنعة في الولايات المتحدة، مثل ماركة «آبل».
وكانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة شهدت توتراً في الأشهر الأخيرة قبل أن تضطرب بشدة في يوليو (تموز) بسبب احتجاز القس الأميركي أندرو برونسون في تركيا. وتتهم أنقرة الأخير بأنشطة «تجسس» و«إرهاب». وبعد أكثر من عام ونصف العام في السجن، قررت محكمة أزمير وضعه قيد الإقامة الجبرية في يوليو.
- الفائدة على خط النار
يشعر الاقتصاديون بالقلق حيال رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم نحو 16 في المائة في يوليو وسقوط العملة التركية. ويعارض إردوغان بشدة مثل هذه الخطوة.
ومن المقرر أن يجتمع وزير المالية براءة البيرق، صهر إردوغان، مع مئات المستثمرين الأجانب اليوم (الخميس) عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أمس، أن معدل البطالة في البلاد ارتفع إلى 9.7 في المائة في الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، من 9.6 في المائة قبل شهر. غير أن معدل البطالة انخفض بالمقارنة مع 10.2 في المائة قبل عام.
وأوضحت البيانات، أن معدل البطالة في القطاعات غير الزراعية بلغ 11.6 في المائة في المتوسط خلال الفترة من أبريل إلى يونيو، ارتفاعاً من 11.4 في المائة قبل شهر، لكنه انخفض عن المعدل البالغ 12.2 في المائة المسجل في الفترة ذاتها من السنة السابقة. وأمس، قالت وزارة المالية التركية، إن موازنة البلاد أظهرت فائضاً قدره 1.1 مليار ليرة (182.54 مليون دولار) في يوليو. وتشير ميزانية يوليو إلى تحقيق فائض أولي، يستبعد مدفوعات الفائدة، بلغ 9.3 مليار ليرة.
وبحسب البيانات، بلغ عجز الموازنة 45 مليار ليرة في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي.
- تهديدات أميركية
يوم الثلاثاء، قال مسؤول في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تحذر تركيا بأنها ستفرض عليها المزيد من الضغوط الاقتصادية إذا رفضت إطلاق سراح القس الأميركي.
جاءت الرسالة الصارمة بعد يوم من اجتماع جون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، سراً مع السفير التركي سردار كيليج بشأن قضية القس الإنجيلي أندرو برونسون. وقال مسؤول أميركي رفيع إن بولتون حذره من أن الولايات المتحدة لن تقدم أي تنازلات.
وقال المسؤول بالبيت الأبيض لـ«رويترز» طالباً عدم الكشف عن اسمه «لم يحدث أي تقدم» حتى الآن بخصوص قضية برونسون.
وأضاف «ستظل الإدارة حازمة للغاية في هذا الشأن. الرئيس ملتزم مائة في المائة بإعادة القس برونسون إلى الوطن، وإذا لم نشهد أي تحركات خلال بضعة أيام أو أسبوع فقد يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات».
7:57 دقيقة
الليرة ترتفع 6 %... لكن فتيل «أزمة تركيا» ما زال مشتعلاً
https://aawsat.com/home/article/1364296/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%B9-6-%D9%84%D9%83%D9%86-%D9%81%D8%AA%D9%8A%D9%84-%C2%AB%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7%C2%BB-%D9%85%D8%A7-%D8%B2%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%8B
الليرة ترتفع 6 %... لكن فتيل «أزمة تركيا» ما زال مشتعلاً
أنقرة تلجأ إلى سلاح الرسوم الجمركية... والرياض تؤكد عدم تأثر أصول بنوكها بتذبذب العملة
الليرة ترتفع 6 %... لكن فتيل «أزمة تركيا» ما زال مشتعلاً
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة