مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

العراق بين إرادتين

مع قرب تشكيل الحكومة العراقية، وتكوين «الكتلة الأكبر» في البرلمان الذي ينطلق اليوم، تصبح الاختيارات أكثر وضوحاً وقطعاً أمام ساسة العراق، خصوصاً القوى الشيعية.
إيران تنظر للعراق بوصفه ملحقاً إيرانياً، وسنداً مالياً، وخزاناً بشرياً، وعصاً تهوش بها على الجيران، وقد جسّد كل هذه الأمور التقرير الخطير الذي نشرته وكالة «رويترز»، عن نقل إيران صواريخ لداخل العراق، وتدريب العصابات والميليشيات التابعة لها على إتقان لعبة الصواريخ الإيرانية هذه، على غرار ما فعلته باليمن ولبنان، من خلال أدواتها: الحوثيون و«حزب الله».
لكن الفرق بين لبنان واليمن من جهة؛ والعراق من جهة أخرى، هو أن الأميركان لهم اليد العليا في العراق، بحكم أنهم من تسبّب أصلاً بوجود «عراق ما بعد صدام حسين»، ووصول أمثال نوري المالكي وإبراهيم الجعفري وحيدر العبادي وهادي العامري والمهندس وحسين الشهرستاني وفالح الفياض وسليم الجبوري وصالح المطلك وأسامة النجيفي لمقاعد الحكم والبرلمان والدولة.
اليوم أميركا ليست أميركا «الآفل» باراك أوباما، بل أميركا دونالد ترمب، ووزير خارجيته الصقر مايك بومبيو، الثاقب النظرة للخطر الإيراني.
من مظاهر هذه «المزاحمة» الأميركية للنشاط الإيراني بالعراق، اتصالات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني، ورئيس الحكومة حيدر العبادي، وغيرهما، من أجل ضمان تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، ضداً لتحالف مجموعة إيران؛ المالكي والعامري، وإصرار وزير الخارجية الأميركي على دعمه تشكيل حكومة «وطنية معتدلة» لكل العراقيين.
بومبيو أوضح في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء حيدر العبادي «أهمية الحفاظ على سيادة العراق في هذا الوقت الحرج».
كما كتب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو حول تقرير «رويترز» عن نقل الصواريخ الباليستية من إيران إلى العراق، على «تويتر»: «إذا كان هذا صحيحاً، فسيكون هذا انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية ولقرار مجلس الأمن (2231)». وأضاف أنه «يجب أن تحدد بغداد ما يحدث في العراق وليس طهران».
التقرير جد خطير، وعنه قال ثلاثة مسؤولين من إيران ومصدران بالمخابرات العراقية ومصدران بمخابرات غربية، إن إيران نقلت صواريخ باليستية قصيرة المدى لحلفاء بالعراق خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال خمسة من المسؤولين إنها تساعد تلك الجماعات على البدء في صنع صواريخ.
وزارة الخارجية العراقية علقت على هذا بأنها: «تستغرب» من تقرير بثته وكالة «رويترز» حول نقل إيران صواريخ للعراق، مشيرة إلى أن هذه التقارير «لا تمتلك دليلاً ملموساً» وهو نفي «بارد» وغير حاسم، ومعلوم أصلاً أن «الخارجية» المُدارة من قبل إبراهيم الجعفري، لا ينتظر منها حسم ولا حزم ولا تمعّر وجه غضباً للسيادة العراقية ضد العبث الإيراني.
العراق اليوم على مفترق طرق... يذوب في فنجان إيران الخمينية، أو ينتصر لذاته.
[email protected]