ألقت قوات الأمن التركية أمس (الجمعة) القبض على 85 من العسكريين العاملين بسلاح الجو من رتب مختلفة في أحدث حملة تستهدف من يزعم ارتباطهم بحركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن والتي تتهمها السلطات بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) 2016. وقال مكتب كبير مدعي العموم في العاصمة أنقرة إنه أمر باحتجاز 110 جنود من سلاح الجو أمس للاشتباه في صلتهم بحركة غولن وإن من بين من صدرت الأوامر باحتجازهم في العملية، التي شملت العاصمة و15 إقليما آخر، ثلاثة برتبة مقدم واثنين برتبة رائد وستة برتبة نقيب وثلاثة برتبة ملازم. وجميعهم في الخدمة.
بالتوازي، أمرت محكمة النقض التركية بالإفراج عن نائب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، عن مدينة إسطنبول الصحافي أنيس بربر أوغلو، بينما أيدت الحكم عليه بالسجن.
وحُكم على بربر أوغلو في البداية بالسجن لمدة 25 عاماً في عام 2017 بتهمة التجسس بسبب اتهامه بتزويد صحيفة «جمهوريت» اليومية بشريط فيديو يظهر أسلحة نقلت بواسطة المخابرات التركية إلى تنظيمات متشددة في سوريا مطلع العام 2014. وجرى تخفيف الحكم في 13 فبراير (شباط) الماضي إلى السجن لمدة 5 سنوات و10 أشهر، ووافقت محكمة النقض على الإدانة وعلى السجن أول من أمس، لكنها قضت بإطلاق سراح بربر أوغلو حتى نهاية فترة عضويته بالبرلمان (5 سنوات).
وأُطلق سراح بربر أوغلو من السجن الليلة قبل الماضية. وجاء قرار المحكمة بعد أن قال محامو بربر أوغلو إن النائب تم منحه حصانة من الملاحقة القضائية في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 24 يونيو (حزيران) الماضي وإن هذا الأمر يوقف استمرار الإجراءات ضده، ورفضت الدائرة المدنية السادسة عشرة في محكمة النقض استئناف بربر أوغلو في 10 سبتمبر (أيلول) الجاري، قائلة إن الانتخاب كنائب للمرة الثانية لا يمنح حصانة من المقاضاة، وطعن المحامون أمام دائرة أخرى قضت بالإفراج عنه.
في سياق متصل، قالت مجلة «نيوزويك» الأميركية إن تركيا في عهد رجب طيب إردوغان أصبحت أكبر سجّان للصحافيين الذين يقبع 150 منهم داخل السجون منذ محاولة الانقلاب في يوليو 2016.
ووجهت إلى الصحافيين عادة اتهامات مرتبطة بالإرهاب بسبب مقالات كتبوها أو نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي أو بسبب آراء عبروا عنها. وحُكم على كثر مثل أحمد التان بالسجن مدى الحياة. وتم إغلاق أكثر من 180 وسيلة إعلامية فيما خسر 2500 صحافي وموظف في القطاع الإعلامي عملهم. وأشارت المجلة إلى أن المؤشر العالمي لحرية الصحافة، وضع تركيا، هذا العام، في المرتبة 157 من أصل 180 حيث توسطت رواندا وكازاخستان. ويقبع ثلث جميع الصحافيين المسجونين حول العالم في السجون التركية.
وخلال الأسبوع الماضي، كتبت مقررة الشؤون التركية في البرلمان الأوروبي كاتي بيري أن صحيفة «حرييت» وضعت تحت إدارة جديدة واستقال عدد من صحافييها أو تم الاستغناء عنهم أو سجنهم. ووصفت هذا الأمر بأنه «الضربة الأخيرة لما تبقى من حرية الصحافة في تركيا»، بعدما استولى عليها قوميون متطرفون متحالفون مع إردوغان.
ولفتت «نيوزويك» إلى أنه ليس الصحافيون الأتراك من يتم استهدافهم فقط. فيوم الثلاثاء الماضي، تم توقيف الصحافي الطالب النمساوي ماكس زيرنغاست في أنقرة بسبب اتهامه بالانتماء إلى منظمة إرهابية. وأمضى صحافي «دي فيلت» دنيز يوجال أكثر من سنة في سجن تركي بعد اتهامه بنشر دعاية للإرهاب وحُكم على مراسلة صحيفة «وول ستريت جورنال» إيلا البيرق بالسجن لأكثر من سنتين لاتهامها بالانخراط في دعاية سياسية للإرهابيين.
ورأت المجلة الأميركية أنه رغم كل ذلك، لا تزال التغطية الإعلامية لما يواجهه الصحافيون في تركيا ضمن حدودها الدنيا كما كان التضامن الدولي مع الصحافيين في تركيا بطيء البناء في بيئة تسيطر عليها الأخبار العاجلة، من السهل معرفة لماذا تواجه التغطية الإعلامية للقمع الذي يتعرض له الصحافيون الأتراك معاناة كبيرة. لكن فشل الإعلام العالمي في تغطية ما سمته «القمع التركي» قابلته إرادة لتقديم منصة غير نقدية للرجل الذي هندس عملية التضييق على الصحافيين. وأشارت إلى أنه في الذكرى السنوية الأولى على محاولة الانقلاب، أعطيت مساحة للرئيس رجب طيب إردوغان لكتابة مقال رأي في «الغارديان» البريطانية حيث ادعى أنّ تركيا «تدافع عن قيم الديمقراطية». والشهر الماضي، أفسحت صحيفة «نيويورك تايمز» مجالاً لإردوغان كي يكتب أنّ «الشر لا يزال يتربص» في أنحاء هذا العالم، وكذلك فعلت صحيفة «وول ستريت جورنال».
ولفتت المجلة إلى أن هناك طرفة يتم تناقلها في تركيا عن أنّ سجيناً ذهب إلى مكتبة السجن بحثاً عن كتاب، فقال له موظّف المكتبة: «آسف ليس لدينا هذا الكتاب. لكن لدينا مؤلفه». واعتبرت أن واقع أنّ الأتراك لا يزالون قادرين على تبادل النكات هو تذكير بأنّه إذا كان يمكن سجن الصحافيين فإنّه لا يمكن فعل ذلك مع الأفكار. وأشارت إلى أنه عشية محاكمته التي قضت بسجنه مدى الحياة، كتب الصحافي والروائي التركي البارز أحمد التان من داخل زنزانته كيف تساعده مخيّلته على تحمل الصعاب قائلا: «أنا كاتب. أنا لست في المكان الذي أنا فيه ولا في المكان الذي لست فيه. تستطيعون سجني لكن لا تستطيعون إبقائي في السجن. لأنني، مثل باقي الكتّاب، أتمتع بالسحر. أستطيع المرور عبر الجدران بسهولة».
7:49 دقيقة
تركيا: القبض على عشرات العسكريين بسلاح الجو ضمن تحقيقات الانقلاب الفاشل
https://aawsat.com/home/article/1403531/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%B6-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88-%D8%B6%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D9%84
تركيا: القبض على عشرات العسكريين بسلاح الجو ضمن تحقيقات الانقلاب الفاشل
محكمة النقض تفرج عن نائب معارض كشف عن دور للمخابرات في نقل أسلحة لسوريا
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
تركيا: القبض على عشرات العسكريين بسلاح الجو ضمن تحقيقات الانقلاب الفاشل
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة